سكان إسطنبول يعيشون هاجس وقوع "الزلزال الكبير"

أدى زلزال تركيا وسوريا إلى خسائر بشرية ومادية فادحة، هل يمكن إعادة إعمار ما تهدم بمواصفات تقاوم الزلازل؟
أدى زلزال تركيا وسوريا إلى خسائر بشرية ومادية فادحة، هل يمكن إعادة إعمار ما تهدم بمواصفات تقاوم الزلازل؟

قدر الجغرافيا: ثمّة خوف من "الزلزال الكبير" مترسّخ خصوصاً في أذهان السكان الأتراك الذين عاشوا زلزال أغسطس/ آب 1999 الذي أوقع أكثر من 17 ألف قتيل في شمال غرب تركيا، من بينهم ألف في إسطنبول.

يقوم مهندس يرتدي سترة زرقاء ويضع خوذة بيضاء بفحص الخرسانة في مبنى متواضع في منطقة باتشلار في اسطنبول، فخلال يومين سيعرف السكان ما إذا كانت جدران منازلهم معرضة لخطر الانهيار مع أول زلزال.

يقول دورموش أويغون وهو صاحب شقة تقع في الطابق الرابع من المبنى: "لدي ثقة إجمالا لكن أولادي غير مقتنعين، ولذلك نجري هذا الفحص".

وأضاف: "اذا كان الفحص إيجابيا، فسنتمكن من العيش بسلام. لكن من يعلم أين سنكون حين يضرب الزلزال؟ قد نكون في السوبرماركت أو في مكان عملنا، وهذا ما يخيفنا".

منذ ان وقع الزلزال بقوة 7,8 درجات في 6 شباط/فبراير والذي أسفر عن أكثر من 48 ألف قتيل في تركيا وخلف خرابا في مناطق بأكملها، اتصل أكثر من 140 ألف شخص ببلدية اسطنبول من أجل فحص مبانيهم.

يجول خمسون فريقا من المهندسين المدينة ويفحصون نوعية الخرسانة وقطر قضبان البناء. واذا اعتبروا ان الخطر "مرتفع جدا"، فانه يمكن اتخاذ قرار بهدم المبنى.

وقع زلزال 6 شباط/فبراير على بعد 800 كلم من هناك على فالق بعيد لكن صور المدن المدمرة بكاملها تسبب بخوف مستشر في اسطنبول حيث سينهار حوالى مئة ألف مبنى او ستتضرر بشدة في حال وقوع زلزال بقوة 7,5 درجات، حتى باعتراف البلدية.

 

 

من المتوقع تضرر نحو 100 ألف مبنى في حال وقوع زلزال بإسطنبول
من المتوقع تضرر نحو 100 ألف مبنى في حال وقوع زلزال بإسطنبول: تقع إسطنبول، وهي أكبر مدن تركيا ويبلغ عدد سكانها 16 مليون نسمة وتعد المحرك التجاري للبلاد، بالقرب من الفوالق الأرضية في الصفائح التكتونية التي تتقاطع في تركيا. وأسفر زلزالان فصلت بينهما ثلاثة أشهر عن مقتل قرابة 20 ألفا في شمال غرب البلاد عام 1999. ويقول علماء جيولوجيا إن من الممكن أن يقع زلزال جديد.

 

- "كل ما يمكن ان ينقذ" -

 

تقع بعض أحياء جنوب المدينة على بعد 15 كلم فقط من فالق شمال الاناضول وقد احتسب خبراء الزلازل احتمال وقوع زلزال بقوة تفوق 7,3 درجات قرب اسطنبول وجاءت النسبة 47% خلال ثلاثين عاما.

على بعد شارعين من مبنى دورموش اويغون في حي محروم ومكتظ على الجانب الأوروبي من اسطنبول يبيع علي نزير منذ شهر صافرات للسكان الذين يتخوفون ان يجدوا أنفسهم في أحد الأيام تحت الأنقاض.

يبيع أوغور اريسوغلو وهو تاجر جملة في اسطنبول ب 200 ليرة تركية (10 يورو) حقيبة حمراء صغيرة مصممة خصيصا للزلازل وتحتوي على مصابيح وبطانيات للبقاء على قيد الحياة ومستلزمات طوارئ متضمنة "كل ما يمكن ان ينقذ".

ازدادت مبيعاته بشكل كبير ويقول "نبيع منها ألفا شهريا. منذ الزلزال تلقينا 15 ألف طلبية بينها ثمانية آلاف في اسطنبول".

 

اقرأ/ي أيضًا | 

أهوال وتعاطف وتزييف: حديث الصور في زلزال تركيا وسوريا

مشاهد من زلزال جنوب تركيا وشمال سوريا المدمر - مئات العائلات تحت الأنقاض

 

- "حالة تأهب" -

 

الخوف من "الزلزال الكبير" المترسخ أحيانا منذ فترة طويلة لدى السكان الذين عاشوا زلزال آب/اغسطس 1999 الذي أوقع أكثر من 17 ألف قتيل في شمال غرب تركيا بينهم ألف في اسطنبول، يدفع ببعض السكان الى السعي لنقل مكان سكنهم.

يقول محمد اركيك مدير عام زينغات وهي منصة إعلانات عقارية "هناك طلب قوي للانتقال الى الاحياء الشمالية من اسطنبول البعيدة أكثر عن خط الفوالق والى منازل منفردة".

كما تزايد الطلب للانتقال الى مدن مثل أدرنة وقرقلريلي الواقعة على بعد حوالى 200 كلم عن شمال غرب اسطنبول، والبعيدة عن هزات محتملة.

تستقبل نيل آكات وهي طبيبة نفسية مرضى أيضا "يخططون للانتقال من اسطنبول".

تقول "لم يعد كثيرون يشعرون بالأمان في منازلهم. إنهم في حالة تأهب دائمة. في الشارع يختارون الجانب الآمن من الرصيف تحسبا لاحتمال انهيار مبنى".

تحدثت الطبيبة النفسية مع زملائها عن هذا الامر وتقول "قسم من مرضانا لم يعد قادرا على التفكير بطريقة عقلانية".

تضيف ان هذا الخوف يمكن ان يسيطر على "الجميع"، بدون تفرقة "بين عمر معين او طبقة اجتماعية".

تفكر جيزل اكتيمور في مغادرة اسطنبول منذ فترة طويلة لكن زلزال 6 شباط/فبراير حول هذه الرغبة الى "أولوية".

تقيم هذه الثلاثينية في الطابق ال12 من برج، وتتمتع بمنظر خلاب من شقتها.

هي تفضل عدم تصور مشاهد الدمار التي ستشهدها في حال وقوع زلزال قوي قائلة "حتى لو لم يحصل شيء للمبنى الذي أقيم فيه، فلن اتمكن بدون شك من تحمل ما سأراه". ( أ ف ب)

 

المزيد من المقالات حول زلزال تركيا وسوريا:

"كأنه يوم القيامة".. هكذا وثق نشطاء دمار زلزال تركيا وسوريا!

ريبورتاج: متضررون من زلزال تركيا يتخذون من سياراتهم ملاجئ خشية انهيار منازلهم

أسوأ زلازل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: من تركيا وإيران شرقا إلى الجزائر والمغرب غربا