ضعف المشاركة في انتخابات العراق 2021 وتوقعات بمحافظة الكتل السياسية الكبرى على هيمنتها السياسية

في الصورة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وهو يدلي بصوته في المنطقة الخضراء مناشدا العراقيين المشاركة في الانتخابات.

نسبة مقاطعة غير مسبوقة في الانتخابات التشريعية المبكرة في العراق: سجلت الانتخابات التشريعية العراقية المبكرة نسبة مقاطعة غير مسبوقة، وفق أرقام نُشرت يوم الإثنين 11 / 10 / 2021، وبالكأد حفّزت الناخبين الغاضبين من الفساد المزمن والخدمات العامة المتردية ونظام سياسي يعتبرون أنه غير قادر على تحسين ظروف حياتهم.

في الأثناء، لا تزال البلاد تنتظر نتائج الانتخابات التي جرت الأحد بدون حوادث تذكر.

وأعلن رئيس المفوضية العليا للانتخابات جليل عدنان في مؤتمر صحافي بعد ظهر الإثنين البدء بإصدار النتائج الأولية في عشر محافظات من أصل 18 محافظة عراقية، لا سيما النجف وكربلاء في الوسط، والأنبار غرباً وصلاح الدين شمالاً.

ويجري نشر أسماء الفائزين في كل دائرة من الدوائر الـ83 على حدة تباعاً من غير نشر الكتل السياسية التي ينتمون إليها، ولذا لم تتضح بعد أحجام الكتل السياسية المتنافسة بشكل عام على المقاعد الـ329، فيما تلزم الأحزاب الكبرى حتى الآن الصمت بشأن عدد المقاعد التي حصلت عليها.

ودعي نحو 25 مليون شخص يحق لهم التصويت للاختيار بين أكثر من 3200 مرشح. لكن نسبة المشاركة الأولية بلغت نحو 41%، من بين أكثر من 22 مليون ناخب مسجل، وفق ما أعلنت المفوضية العليا للانتخابات صباح الإثنين.

وتمثّل هذه النسبة مقاطعة قياسية في خامس انتخابات يشهدها العراق منذ سقوط نظام صدام حسين العام 2003 إثر اجتياح أميركي.

في العاصمة بغداد، تراوحت نسبة المشاركة بين 31 و34 في المئة وفق المفوضية. وفي مراكز الاقتراع التي زارها صحافيون في وكالة فرانس برس في العاصمة، كان حضور الناخبين، الذين كان عدد كبير منهم من المسنين، ضعيفاً.

وفي العام 2018، بلغت نسبة المشاركة 44,52%، وفق الأرقام الرسمية، وهي نسبة اعتبرها البعض مضخمة حينذاك.

- شرعية؟ -

وتمت الدعوة لانتخابات هذا العام 2021 قبل موعدها الأساسي في العام التالي 2022، بهدف تهدئة غضب الشارع بعد الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في خريف العام 2019 ضد الفساد وتراجع الخدمات العامة والتدهور الاقتصادي في بلد غني بالثروات النفطية.

لكن الانتفاضة قوبلت بقمع دموي، أسفر عن مقتل نحو 600 شخص وإصابة أكثر من 30 ألفاً بجروح، وتلته حملة اغتيالات ومحاولات اغتيال وخطف لناشطين، نسبت إلى فصائل مسلحة موالية لإيران والتي باتت تتمتع بنفوذ قوي في العراق.

ويتوقع خبراء أن تحافظ الكتل السياسية الكبرى على هيمنتها على المشهد السياسي، بعد هذه الانتخابات التي اختار ناشطون وأحزاب منبثقة عن التظاهرات مقاطعتها معتبرين أنها تجري في مناخ غير ديمقراطي. وبذلك، سيبقى البرلمان العراقي مقسماً وبدون غالبية واضحة، ما يرغم التكتلات على التحالف فيما بينها.

متحدثاً عن تراجع بعض التيارات، توقع الباحث ورئيس مركز التفكير السياسي العراقي إحسان الشمري حصول "توترات بين القوى السياسية، وصراعاً على منصب رئيس الوزراء وتقاسم الوزارات". لكنه رأى في الوقت نفسه أن "كل المؤشرات تدلل على عودة التوافق السياسي".

قال حيدر كرار البالغ من العمر 26 عاماً صباح الإثنين في بغداد، فيما كان يعمل على إزالة اللافتات الانتخابية "نفس الوجوه سوف تعود ولا تغيير. راتبنا كعاملين لا يتجاوز 260 ألف دينار (حوالى 178 دولاراً). قليل جداً. لم أنتخب لأن لا فائدة من ذلك. لا يوجد سياسي يسأل عن أوضاعنا، رواتبنا قليلة ونحن لدينا عائلات".

ويعاني العراقيون، فضلاً عن البطالة، من انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي، حيث يعتمد العراق بالتزود في الكهرباء على جارته إيران.

ويوضح المحلل السياسي في مركز "ذي سنتشوري فاونديشن" سجاد جياد لوكالة فرانس برس أن "نسبة المشاركة الضئيلة كانت متوقعة... ثمة لا مبالاة واضحة عند الناس، لا يعتقدون أن الانتخابات ستنتج تغييراً ولا يتوقعون تحسناً في أداء الحكومة أو في مستوى الخدمات العامة".

ويشير إلى أن النسبة الضئيلة "ستضع شرعية رئيس الوزراء المقبل محط تساؤلات، لكن أيضاً شرعية الحكومة والدولة والنظام بأكمله".

ويعد التيار الصدري الذي يملك الكتلة الأكبر في البرلمان الحالي، الأوفر حظا في الفوز مجددا بأكبر عدد من المقاعد. ويطمح زعيمه مقتدى الصدر الذي اعتبر في تغريدة "الانتخابات ناجحة"، إلى تحقيق نتائج تتيح له التفرّد باختيار رئيس للحكومة.

وقال بعيد انتهاء التصويت "وعدناكم بانتخابات مبكرة وأوفينا... وها هي تمر علينا بنجاح".

وفي حال فوزه، سيظلّ على التيار الصدري التعامل مع خصومه الأبرز، الفصائل الموالية لإيران الساعية إلى زيادة تمثيلها في البرلمان الذي دخلته للمرة الأولى العام 2018، مدفوعةً بانتصاراتها ضد تنظيم الدولة الاسلامية.

في هذه الأثناء، ندد حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في بيان بـ"حصول تلاعب" بنتائج مرشحيه في أربيل، التي يهمين عليها خصمه الحزب الديمقراطي الكردستاني.

يبقى المشهد السياسي في العراق منقسماً بشأن العديد من الملفات، انطلاقا من وجود القوات الأميركية في البلاد وصولا إلى النفوذ المتزايد للجارة إيران. ولذا، لا بد لكافة التكتلات السياسية من الاتفاق على اسم رئيس للحكومة يحظى أيضاً بمباركة ضمنية من طهران وواشنطن، صاحبتي النفوذ في العراق، لكن ذلك قد يتطلب وقتاً طويلاً، ما قد يؤخر الاتفاق على اسم لرئيس وزراء جديد، علما بأن العرف يقتضي بأن تتولى المنصب شخصية شيعية.

في هذه الأثناء، أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي لم يرشح نفسه رسمياً لتولي رئاسة الوزراء من جديد، إلقاء القبض "خارج الحدود" على "مشرف المال" في تنظيم الدولة الاسلامية يدعى سامي جاسم الجبوري، المطلوب من الولايات المتحدة والذي كان نائب زعيمه السابق أبو بكر البغدادي. أ ف ب

 

[embed:render:embedded:node:38254]