مأساة اللاجئين بعيون سكان حدود بيلاروسيا وبولندا

عند الحدود بين بيلاروسيا وبولندا - في غابة: مخيم لطالبي لجوء.
عند الحدود بين بيلاروسيا وبولندا - في غابة: مخيم لطالبي لجوء.

يتهم الاتحاد الأوروبي حاكم بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو بتهريب طالبي اللجوء عمداً من الشرق الأوسط إلى الاتحاد الأوروبي رداً على العقوبات الأوروبية على نظام الحكم الاستبدادي بالعاصمة البيلاروسية مينسك. لكن مع تزايد اللاجئين كيف يشعر سكان القرى على الحدود البولندية البيلاروسية؟ أليس بيتروفيتش والتفاصيل.

هي منطقة مهجورة في الغالب. الحديث هنا يدور عن منطقة كامينيتس القريبة من محمية بيلوفاشسكايا الشهيرة الواقعة على الحدود البلاروسية البولندية.

عبر معبر حدودي واحد فقط، يمكن الوصول، بشكل قانوني، من هنا إلى بولندا المجاورة. وبسبب قيود فيروس كورونا على مواطني بيلاروسيا، لم يتم تسجيل أي حالات عبور عند نقطة التفتيش بيستشاتكا. رغم ذلك، يشعر سكان القرى البيلاورسية في المنطقة المحيطة بالحدود الغربية لبيلاروسيا بقلق شديد والسبب هو كثرة الأشخاص الموجودين على الحدود.

في قرية أوبرفشتشينا، يعيش السائق ميخائيل (50 عاماً) (تم تغيير اسمه) ويعمل في شركة زراعية في قريته. يقع منزل ميخائيل على بعد نحو خمسة كيلومترات من الحدود البولندية. لكنه لم يول اهتماماً لتجمع الأشخاص على الحدود.‎

‎"صحيح أن الحدود البولندية قريبة، لكن عبورها من هنا غير قانوني. لدخول بولندا علينا الذهاب بالسيارة إلى بيستشاتكا على بعد 8 كيلومترات"، بحسب ما يقول ميخائيل. لا يمكن للمواطنين، غير المقيمين هناك، الدخول إلى الشريط الحدودي. ما يعني أن سكان المنطقة هناك هم فقط من يُسمح لهم بجمع الفطر والتوت في الغابة. وهذا يتطلب تصريحا خاصا يتم إصداره من قبل دائرة الحدود المسؤولة. ومن يدخل إلى الغابة بدون تصريح يعتبر مخالفاً وتتم معاقبته بدفع غرامة مالية أما بالنسبة للأجانب فيتم ترحيلهم.

 

علامة تحذير على الشريط الحدودي بين بولندا وبيلاروسيا Grenze zwischen Weissrussland und Polen Reuters
بولندا تبدأ في كانون الأول/ديسمبر 2021 تشييد جدار على حدود بيلاروسيا: - تبدأ بولندا في كانون الأول/ديسمبر 2021 تشييد جدار تعتزم إنجازه في النصف الأول من عام 2022 على حدودها مع بيلاروس حيث تتجمع حاليا أعداد من المهاجرين، وفق ما أعلنت وزارة الداخلية في بيان الإثنين. وقال وزير الداخلية ماريوش كامينسكي إن "المشروع الذي سننفذه استثمار إستراتيجي له أولوية مطلقة من أجل أمن الدولة ومواطنيها". وأوضحت الوزارة أن العقود ستوقع بحلول 15 كانون الأول/ديسمبر وأن العمل سيبدأ في وقت لاحق من نفس الشهر، وسيتناوب العمال على ثلاث نوبات على مدار 24 ساعة. سيكلف بناء الجدار حوالي 353 مليون يورو (407 ملايين دولار) ويمتد على مسافة 180 كيلومترا، أي نحو نصف الطول الإجمالي للحدود بين بولندا وبيلاروس. وأقر البرلمان المشروع الشهر الماضي. وقام آلاف المهاجرين معظمهم من الشرق الأوسط، بعبور أو محاولة عبور الحدود بين البلدين منذ الصيف. نتيجة لذلك، أرسلت بولندا آلاف العسكريين إلى المنطقة الحدودية حيث أعلنت حال الطوارئ وأقامت على عجل سياجا من الأسلاك الشائكة.

 

‎يملك كل سكان المنطقة أرقام هواتف أقرب نقطة حدودية، وفي حال وجود شخص غريب يقوم سكان المنطقة "بالإبلاغ عنه فوراً"، بحسب ما يؤكد ميخائيل. لكن هذا الخريف كان مختلفاً، إذ ظهر، وبشكل مفاجئ، عشرات الأشخاص في المنطقة الحدودية قادمين من العراق ودول أخرى. علماً بأنه لم يطرأ أي تغيير على القوانين البيلاروسية المتعلقة بإقامة المواطنين البيلاروسيين والأجانب الموجودين في المنطقة الحدودية.

في انتظار السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي!

في قرية أوبيروفشتشينا، التي يعيش فيها ميخائيل، لم يرَ المواطن البيلاروسي أي مهاجر أو لاجئ، بحسب ما يقول. لكن الأمر يختلف في القرى المجاورة لمنطقة كامينيتس، وفق ما يؤكد، مضيفاً "بحسب معلوماتي، تم استجواب رئيس شرطة المنطقة من قبل مجلس إدارة القرية". إذ يشعر كثير من سكان المنطقة بانعدام الأمان.

‎لم تنشر الصحف المحلية سوى خبر قصير عن زيارة رئيس الشرطة فيكتور فودشيتسا لمجلس إدارة القرية، بل وحتى التغطية الإعلامية عن الأوضاع على الحدود هي أيضا محدودة جداً. وأكد فودشيتسا أن الشرطة المحلية تسيطر وبشكل تام على الأوضاع عند الحدود. "يعيش المهاجرون في مخيمات بانتظار مواصلة رحلتهم إلى الاتحاد الأوروبي. وإلا ستتم إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية"، بحس بما يؤكد فيكتور فودشيتسا. لكن لم يتطرق الخبر إلى كيفية وصول المهاجرين إلى بولندا بشكل قانوني.

 

طريق لجوء جديد - ليتوانيا بولندا بيلاروسيا.  Infografik Karte Lettland Litauen Polen neue Flüchtlingswege AR DW
الكاظمي: نعمل لإعادة جميع العراقيين العالقين في مختلف أجزاء الاتحاد الأوروبي: أكد رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي يوم الإثنين 15 / 11 / 2021 أن حكومته تعمل على إعادة جميع العراقيين العالقين على الحدود البيلاروسية الليتوانية والبولندية طوعياً وبالشكل الذي يحفظ كرامتهم. وشدد الكاظمي خلال استقباله نائب رئيس المفوضية الأوروبية مارغريتيس شيناس والوفد المرافق الزائر للعراق على أهمية اتخاذ الإجراءات المشتركة للحفاظ على أمن المواطنين العراقيين وسلامتهم في مختلف أجزاء الاتحاد الأوروبي والعمل على تجنب وقوع أي عراقي ضحية لشبكات التهريب، بحسب بيان للحكومة العراقية. وأكد الكاظمي على أهمية علاقات التعاون مع الاتحاد الأوروبي، وضرورة تطويرها في مختلف المجالات السياسية، والأمنية، والاقتصادية، والثقافية، وغيرها. ودعا إلى الاستفادة من التجارب التنموية للدول الأوروبية، ولاسيما في مراحل ما بعد الحروب، فضلاً عن تشجيع الاستثمار وخلق البيئة السليمة له. ومن المنتظر أن تبدأ طائرة عراقية يوم الخميس 18 / 11 / 2021 رحلة إلى بيلاروسيا لنقل العراقيين العالقين على الحدود البيلاروسية الليتوانية والبولندية طوعيا.



رحلات جوية جديدة من الشرق الأوسط؟

‎ينحدر سيرغى (لم يفضل ذكر اسمه بالكامل) من مدينة بريست البيلاروسية. سابقاً، كان يعمل كحارس للحدود. ولا يزال سيرغى على اتصال دائم بزملائه السابقين ويشعر بالأسف تجاههم بسبب الأوضاع الحالية التي يعيشونها.

وبالنسبة له "فإن حرس الحدود البيلاروسي هم أداة لتنفيذ خطط مستفزة. في البداية، اُعتبرت الحدود الليتوانية نقطة ضعف، وتم بذل محاولات لتوجيه الناس إلى الحدود هناك. لكن الأوضاع تزداد سوءاً الآن أمام حدود بولندا"، يقول سيرغى.

على الحدود البولندية، لم تشهد مدن كبرى مثل غرودنو وبريست قدوم لاجئين أو مهاجرين. فبعد وصول اللاجئين إلى مينسك وإقامتهم لمدة قصيرة في العاصمة البيلاروسية، يتم نقلهم مباشرة إلى الحدود الخضراء.

لكن هنالك افتراضات تشير إلى أن تغييرات ستطرأ على طريق نقل المهاجرين. فإلى جانب الرحلات الجوية الحالية التي تنطلق من الشرق الأوسط إلى مينسك، سيتم تنظيم رحلات تنقل المهاجرين إلى مطارات إقليمية.

حتى كتابة هذا التقرير لم يتم تخطيط رحلات جوية إلى بريست. وفي نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2021 هبطت آخر طائرات مستأجرة من تونس ومصر. ولا يوجد أي معلومات عن رحلات طيران جديدة.

 

أقامت بولندا خط أسلاك شائكة على حدودها مع بيلاروسيا ومَنَعَ جنود مسلحون دخول طالبي اللجوء.   Polen errichtet eine Grenze zwischen Weissrussland und der EU
أقامت بولندا خط أسلاك شائكة على حدودها مع بيلاروسيا ومنعَ جنود مسلحون دخول طالبي اللجوء: أعرب هايكو ماس وزير الخارجية في حكومة تسيير الأعمال الألمانية عن رفضه الواضح لإيواء بلاده لمهاجرين عالقين في بيلاروسيا. وفي أعقاب مشاورات مع نظرائه في الاتحاد الأوروبي في بروكسل، قال ماس يوم الإثنين 15 / 11 / 2021: "سأدعو لإعادة الناس الموجودين هناك إلى أوطانهم" مشيرا إلى أن بالإمكان مشاهدة الناس يسافرون إلى بيلاروسيا بتذاكر طيران " بينما غالبية هؤلاء الذين يحصلون على حق اللجوء السياسي لديهم طرق مختلفة يتعين عليهم سلوكها". وأعرب ماس عن اعتقاده بأن المهم إظهار أن الأمور لن تسير هكذا وأنه لا ينبغي استغلال الناس كأداة سياسية لحاكم بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو بالتضليل من خلال ادعاءات كاذبة وطالب بأن تكون هناك حملات توعية بهذا الخصوص في أوطان هؤلاء الناس. وأبدى ماس رد فعل متحفظا فيما يتعلق بالتقارير التي تحدثت عن أن لوكاشينكو بعث بإشارة مفادها استعداده للتنازل في الخلاف الدائر حول المهاجرين، وقال :" نحن لا نرى تهدئة على الأرض بل موقفا يتردى فيه الوضع على نحو مأساوي "ونتمنى أن يكون هناك تراجع في مينسك".

 

 

في رحلة البحث عن المسؤولين!

في بداية شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2021 زار منطقة بريست عدة ممثلين بارزين في السلطات الأمنية البيلاروسية. من بينهم ألكسندر فولفوفيتش، وكيل مجلس الأمن،  الذي زارالنقاط الحدودية في مقاطعة كامينيتس.

وأكد لوسائل إعلام رسمية أن على بيلاروسيا الآن "محاربة الهجرة غير القانونية وحماية مصالح جيرانها الأوروبيين".

‎وبالنسبة له، فإن السلطات البيلاروسية "أشارت مراراً وتكراراً إلى ضرورة استئناف مشاريع التعاون عبر الحدود التي تم إيقافها"، ويزعم الرجل أنه تم تجاهل الاقتراحات لتحقيق ذلك، ويقول فولفوفيتش إن قضية الهجرة موضع ترحيب من قبل الغرب "ليحول عواقب أفعاله غير المدروسة إلى الجانب البيلاروسي".

كما يرى حارس الحدود السابق سيرغى أن الثقة بين سلطات الحدود البيلاروسية والدول المجاورة تتضرر بشكل خطير ويقول: "كان هناك العديد من المشاريع المشتركة لتسهيل عبور سكان المناطق المجاورة للحدود مثلا" ويتأسف الرجل لأن سكان المناطق الحدودية "أصبحوا هم الآن ضحايا لأزمة الهجرة".

 

طالبو لجوء على حدود بيلاروسيا وبولندا. Migranten an der Grenze Belarus Polen FOTO REUTERS
الكاظمي: نعمل لإعادة جميع العراقيين العالقين في مختلف أجزاء الاتحاد الأوروبي: أكد رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي يوم الإثنين 15 / 11 / 2021 أن حكومته تعمل على إعادة جميع العراقيين العالقين على الحدود البيلاروسية الليتوانية والبولندية طوعياً وبالشكل الذي يحفظ كرامتهم. وشدد الكاظمي خلال استقباله نائب رئيس المفوضية الأوروبية مارغريتيس شيناس والوفد المرافق الزائر للعراق على أهمية اتخاذ الإجراءات المشتركة للحفاظ على أمن المواطنين العراقيين وسلامتهم في مختلف أجزاء الاتحاد الأوروبي والعمل على تجنب وقوع أي عراقي ضحية لشبكات التهريب، بحسب بيان للحكومة العراقية. وأكد الكاظمي على أهمية علاقات التعاون مع الاتحاد الأوروبي، وضرورة تطويرها في مختلف المجالات السياسية، والأمنية، والاقتصادية، والثقافية، وغيرها. ودعا إلى الاستفادة من التجارب التنموية للدول الأوروبية، ولاسيما في مراحل ما بعد الحروب، فضلاً عن تشجيع الاستثمار وخلق البيئة السليمة له. ومن المنتظر أن تبدأ طائرة عراقية يوم الخميس 18 / 11 / 2021 رحلة إلى بيلاروسيا لنقل العراقيين العالقين على الحدود البيلاروسية الليتوانية والبولندية طوعيا.

 

‎بسبب تدهور الأوضاع على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا، تتهم بروكسل حاكم بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو بتهريب اللاجئين والمهاجرين عمداً من الشرق الأوسط إلى الاتحاد الأوروبي. وذلك رداً على العقوبات الأوروبية على نظام الحكم الاستبدادي في مينسك.

‎ومن جانبها، دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين إلى فرض مزيد من العقوبات على مينسك. ويتوجب على بيلاروسيا الكف عن "استغلال المهاجرين بشكل عبثي" ولأغراض سياسية، بحسب فون دير لاين.

‎يذكر أن بروكسل لم تعترف منذ الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في صيف 2020، بألكسندر لوكاشينكو رئيساً لبيلاروسيا.

 

 

 

أليس بيتروفيتش

ترجمة: د.ص/ ص.ش

حقوق النشر: دويتشه فيله 2021

 

 

ar.Qantara.de