فرنسا تحيي ذكرى هجمات باريس وتفضل الخيار العسكري ضد جهاديي مالي حيث أعلنت عن قتل مئة

أعلنت فرنسا الجمعة 13 / 11 / 2020 أن قوة برخان الفرنسية قامت في مالي بـ"تحييد" قيادي عملياتي جهادي من الصف الأول مرتبط بتنظيم القاعدة فضلا عن 30 جهادياً آخرين.

وأشادت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي في بيان بالعملية الأخيرة التي تطلبت "وسائل استخباراتية كبيرة وقوة اعتراض مكونة من مروحيات وقوات برية" شنت هجوما على با أغ موسى الذي وصفته بأنه "القائد العسكري" لـ"جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" و"أحد الكوادر التاريخيين للتيار الجهادي في (منطقة) الساحل".

وتؤكد هذه الضربة الأخيرة أن الخيار العسكري يبقى مفضلا لدى فرنسا التي أعلنت في الأيام الأخيرة عن عمليات منفصلة ضد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وتنظم الدولة الإسلامية وأعلنت "تحييد" نحو مئة جهادي.

وأوضح البيان أن با أغ موسى "يعتبر مسؤولا عن هجمات عدة ضد القوات المالية والدولية وكان يعد من القادة العسكريين الجهاديين الرئيسيين في مالي مكلف خصوصا تأهيل مجندين جدد".

وصرح المتحدث باسم هيئة الأركان الفرنسية الكولونيل فريديريك باربري أن الجنود حاولوا اعتراض سيارة البيك-آب التي كان يستقلها الجهادي مع أربعة أشخاص آخرين لم تعرف هوياتهم على بعد حوالي مئة كيلومتر من ميناكا (شمال شرق مالي).

وأضاف أن "الركاب المدججين بالسلاح فتحوا النار فجأة من رشاشات وأسلحة فردية"، ما استدعى الرد، موضحا أن المواجهة استمرت قرابة 15 دقيقة وقُتل خلالها الرجال الخمسة.

وقتَلَ عناصر من قوة برخان نحو 30 جهاديا الخميس 12 / 11 / 2020 بالقرب من نياكي على بعد 180 كلم من موبتي في وسط مالي، بحسب ما أعلن الجيش الفرنسي الجمعة.

وخاض عناصر من الكوماندوس كانوا على متن طائرات هليكوبتر ومدعومين بمقاتلات "ساعات عدة من القتال على الأرض" في عملية أدت إلى "تحييد عشرات" الجهاديين، بحسب ما أعلنت رئاسة أركان الجيش الفرنسي على تويتر.

وقال المتحدث باسم الجيش الكولونيل فريدريك باربري لوكالة فرانس برس ان "حوالي 30 عضوا في جماعة إرهابية مسلحة" تنتمي الى جماعة نصرة الإسلام والمسلمين قُتلوا.

وأضاف ان مقاتلات ميراج ومروحيات تايغر قتالية دعمت قوات الكومندوس الجبلية في العملية.

وكان الجيش الفرنسي قتل في حزيران/يونيو 2020 في عملية في مالي زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عبد المالك دروكدال. وشكل ذلك انتصارا كبيرا إذ إن هذا الجزائري كان في قلب حركة الجهاد في الساحل لأكثر من عشرين عاما. لكنه بقي بعيدا عن الميدان ولم يغير مقتله المعطيات الأمنية.

ويبدو أن مقتل أغ موسى أكثر أهمية. وكان يُعرف بلقب "باموسى" وضابطا سابقا في الجيش المالي ومن مؤسسي جماعة أنصار الدين الجهادية.

وكان الرجل الذي ينتمي إلى الطوارق وتعتبره الأمم المتحدة وواشنطن "إرهابيا"، شخصية أساسية في حركات لتمرد التي قام بها الطوارق في تسعينيات القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

وقد التحق بالجيش من جديد في 1996 ثم في 2006، لكنه انشق في المرتين، الأولى لينضم إلى التمرد والثانية إلى التيار الجهادي في 2012.

وقال المركز الفكري "مشروع مكافحة التطرف" إن باموسى كان منذ 2017 "قائد عمليات" جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بقيادة زعيم الطوارق المالي إياد أغ غالي. ومنذ ذلك الحين صار التنظيم من القوى الجهادية الكبرى في منطقة الساحل إلى جانب عدوه تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى.

ويشكل التنظيمان اللذان يتقاتلان فيما بينهما، منذ أشهر هدفا لقوة برخان (أكثر من خمسة آلاف جندي) وحلفائها الإقليميين.

يُعتقد أن أغ موسى هو المسؤول عن هجمات كبيرة ضد القوات المالية بما في ذلك هجوم في تموز/يوليو 2016 وآخر في آذار/مارس 2019 أسفر كل منهما عن مقتل أكثر من عشرين شخصا. وقد ورد اسمه مرات عدة في هجمات خلال 2020.

لكنه كان يتمتع في الوقت نفسه بشعبية هائلة بين الطوارق تتجاوز إلى حد كبير انتماءه إلى جماعة نصرة الإسلام والمسلمين.

وفي أوائل عام 2020، اعترف الرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كيتا برغبته في الحوار مع جماعات جهادية وأرسل مبعوثين إلى اثنين من قادتها الرئيسيين، آغ غالي والداعية الفولاني أمادو كوفا.

ومنذ ذلك الحين أطاح مجلس عسكري بكيتا في آب/أغسطس.

وخلال زيارة قام بها وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى باماكو في نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2020، دافع رئيس الوزراء المالي الانتقالي مختار عوان عن "ضرورة عرض حوار مع الجماعات المسلحة" الجهادية في إطار "الحوار الوطني الشامل" وهي المشاورات الوطنية الواسعة التي جرت في نهاية 2019.

لكن باريس لا تغير خطها العسكري. وقالت وزيرة الجيوش فلورنس بارلي لوكالة فرانس برس مؤخرا "لا يمكننا التحاور مع الجماعات الجهادية التي لم تتخلَّ عن القتال الإرهابي". وأضافت "إنها مسؤولية السلطات المالية وليست مسؤوليتنا، لكن التواصل مهم".

ويرى محلل مالي طلب عدم ذكر اسمه أنه "من الواضح أن هذه الضربة الموجهة ضد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين هي طريقة للتعبير عن معارضة فرنسا لهذه المفاوضات المحتملة".

وأضاف أن "ذلك سيؤدي إلى تأخير أي محادثات محتملة، لأن مسؤوليهم لن يكشفوا عن أنفسهم بسهولة".

وأدان الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند الجمعة 13 / 11 / 2020 إمكانية إجراء مفاوضات مستقبلا، وهو من أطلق عملية سرفال عام 2013 ثم عملية برخان عام 2014.

وقال لإذاعة "فرانس إنتر" إنه "يجب أن نبدي تصميماً إزاء الإرهاب لكن يجب أن نكون أيضا حازمين للغاية تجاه السلطة المالية". وأضاف أن "فكرة احتمال إجراء مفاوضات مع الأشخاص الذين نحاول استهدافهم تبدو لي كانتهاك للالتزامات التي تم التعهد بها في بداية هذه العملية".

فرنسا تحيي ذكرى ضحايا هجمات 13 تشرين الثاني/نوفمبر على خلفية تصاعد التهديدات الإرهابية

أحيت فرنسا الجمعة 13 / 11 / 2020 ذكرى مرور خمس سنوات على هجمات 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 في وقت يتصاعد التهديد الإرهابي في هذا البلد.

وتدل سلسلة اعتداءات وقعت أخيرا، مع قتل المدرّس صاموئيل باتي بقطع الرأس في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2020 والاعتداء على كنيسة في نيس لاحقا، على أن موجة الاعتداءات الجهادية التي شهدتها فرنسا قبل خمس سنوات لم تنتهِ تماما، على الرغم من أن شكلها قد تغير.

وطغى شبح هذا التهديد الذي رفع في الفترة الأخيرة إلى مستوى التأهب الأقصى، الجمعة على ذكرى هجمات 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 التي من المرجح أن تبدأ محاكمة المتهمين بها في أيلول/سبتمبر 2021 وستستمر ستة أشهر.

وتوجه رئيس الوزراء جان كاستيكس ترافقه خصوصا رئيسة بلدية باريس آن إيدالغو، قبل الظهر إلى قاعة باتاكلان للحفلات في باريس وإلى ملعب استاد دو فرانس في ضاحية سان دوني (شمال العاصمة) وإلى شرفات المقاهي في باريس التي استهدفها الانتحاريون في عمليات تبناها تنظيم الدولة الإسلامية.

في محيط قاعة باتاكلان، التي انتشر حولها عدد كبير من عناصر الشرطة، تليت أسماء الضحايا في الشوارع الخالية بسبب الإغلاق، حيث قدم عدد قليل من الأشخاص لإحياء الذكرى.

وأكدت مارتين لوبان (72 عاما) المقيمة في الحي والتي بدا عليها التأثر أن حضورها "هي طريقتي للقول إننا لم ننسهم، كل أولئك الذين غادرونا وكل من تأثر نفسيا أو أصيب بإعاقة مدى الحياة".

وكرم مسؤولون من الأحزاب المختلفة الضحايا بينما أطفأ برج إيفل أنواره عند الساعة الثامنة مساءً على أن يضاء كل ساعة لإحياء ذكرى هذه الهجمات التي أثارت صدمة عارمة في العالم.

وكتبت جمعية أسست إحياء لذكرى باتيست شوفرو (24 عاما) إحدى ضحايا الهجمات، عبر فيسبوك "اكتشفنا في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 أن أمورا كهذه لا تحدث فقط للآخرين. ماذا عسانا نقول بعد مرور خمس سنوات؟ أنقول إن علينا ألا ننسى وإن ذكرى هذه الفظائع ينبغي أن تساعدنا على منع وقوع مآس جديدة؟"

وفي بيان، حيا الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن ذكرى ضحايا هجوم "لم يكن موجها فقط ضد سكان باريس بل ضد إنسانيتنا وقيمنا".

وتبقى ذكرى الهجمات راسخة في ذهن منتخب ألمانيا لكرة القدم الذي كان يواجه نظيره الفرنسي وديا خلال الهجمات في ستاد دو فرانس. وقال مدرب المنتخب يواكيم لوف "نفكر دائما بذلك اليوم" متحدثا عن "ليلة رهيبة".

وتخشى السلطات الآن هجمات مباغتة لأفراد سلكوا طريق التطرف أكثر منها اعتداءات كبيرة منسقة، بتحريض من جماعات إرهابية تم تفكيكها ولكنها لا تزال نشطة.

وأعادت الهجمات الأخيرة (قطع رأس سامويل باتي والهجمات أمام المقر السابق لصحيفة شارلي إيبدو وعلى كنيسة في نيس) إلى الأذهان ذكرى 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 الأليمة.

وذكر الرئيس السابق فرانسوا هولاند (2012-2017) لصحيفة لو باريزيان الجمعة "ما زالوا يستهدفوننا، لكن عبر أفراد متعصبين يستخدمون السكاكين لإثارة الخوف. الحرب على أرضنا لم تنتهِ بعد، لكن الكثير من المعارك كسبت منذ العام 2015".

وهذا التحول في التهديد لا يسهل مهمة أجهزة الاستخبارات الفرنسية. وقال رئيس المديرية العامة للأمن الداخلي نيكولا ليرنير لصحيفة "لوفيغارو"، "لم يعد ثمة صورة نمطية للمقاتل الإرهابي الذي باتت سوابقه القضائية ومستوى تدينه متفاوتة".

وتحدث رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية برنار إيميه عن تنظيم الدولة الإسلامية خصوصا مشيرا لصحيفة "لو فيغارو" إلى أن "الوحش لا يزال يتحرك. علينا مواصلة جهودنا لتحديد هوية كوادر التنظيم أصحاب الخبرة، ومطاردتهم ولجمهم".

ومع الضغوط الناجمة عن الهجمات الأخيرة، باشرت الحكومة حملة على الإسلام السياسي المتطرف وتعهدت التعامل بحزم أكبر مع الجهاديين الأجانب.

وتفيد وزارة الداخلية بأن 48 شخصا طردوا من الأراضي الفرنسية منذ تموز/يوليو 2020. أ ف ب

 

[embed:render:embedded:node:42059]