"بانكسي اليمن"....تجسيد فضائح حرب اليمن على جدران برلين

الصورة في باريس عام 2019 - وُلد مراد سبيع عام 1987 في محافظة ذمار اليمنية وقد بدأ الرسم على الجدران بعد ثورة عام 2011 إبان "الربيع العربي".
الصورة في باريس عام 2019 - وُلد مراد سبيع عام 1987 في محافظة ذمار اليمنية وقد بدأ الرسم على الجدران بعد ثورة عام 2011 إبان "الربيع العربي".

أخذ الفنان اليمني مراد سبيع على عاتقه توثيق فظائع الحرب في بلاده، وجسَّدها الرسام -الملقب بـ"بانكسي اليمن" مقارنة بفنان الشوارع البريطاني بانكسي- خلال حضوره مهرجان برلين لأفلام حقوق الإنسان في سبتمبر / أيلول 2021 بلوحات جدارية تُظهِر كيف "تبتلع أهوال الحرب كل شيء". الصحفية إليزابيث غرينير والتفاصيل.

الكاتبة ، الكاتب: Elizabeth Grenier

لا يمتلك الفنان اليمني مراد سبيع الملقب بـ"بانكسي" اليمن، سوى فنه وخاصة  فن الغرافيتي  ليعكس ويوثق الحرب في اليمن البلد الذي مزقته الحروب وبات يعاني من أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم.

أبرز أعمال سبيع صور باللونين الأبيض والأسود وراء خلفية حمراء فيما تحل ثقوب سوداء ضخمة محل عيون هذه الشخصيات المرسومة، فيما كتب مراد أن "الحروب تعد أحد الجذور الشريرة وتحول البشر إلى وحوش وضحايا فيما بقى آخرون في مقعد المتفرج".

قام سبيع برسم هذا العمل الفني على واجهة أحد المباني الخاصة بمراسم اتحاد برلين السينمائي المعروف اختصارا بـ  (BUFA) الذي يعد بمثابة حرم سينمائي رائع قرب مطار تمبلهوف السابق الذي يعد من أقدم مطارات ألمانيا ويعود إلى بداية عشرينات القرن الماضي.

وفي عام 1912، تم تشييد الاستوديوهات الأولى حيث تم تصوير فيلم "الملاك الأزرق" بشكل جزئي من بطولة النجمة الألمانية مارلينا ديتريش التي تربعت على عرش هوليوود في ثلاثينيات القرن الماضي.

وبات اتحاد برلين السينمائي المقر الرئيسي لمهرجان برلين لأفلام حقوق الإنسان فيما حملت النسخة الرابعة من المهرجان عنوان اسم "فن التغيير" الذي أُسدل الستار عليه في 25 من سبتمبر / أيلول 2021.

وتم توجيه الدعوة للفنان مراد سبيع الملقب بـ"بانكسي" اليمن للمشاركة في معرض فني جماعي ضمن فعاليات المهرجان وقام برسم هذا العمل الفني الذي يعد جزءا من مجموعته الفنية التي تحمل اسم "وجوه الحرب".

وفي مقابلة مع دويتشه فيله، قال سبيع إن هذه المجموعة من أعماله توثق كيف أن "أهوال الحرب تبتلع كل شيء".

 

جزء من مجموعة الفنان اليمني مراد سبيع الفنية التي تحمل اسم "وجوه الحرب". (photo: HRFFB)
"أهوال الحرب تبتلع كل شيء": في الصورة جزء من مجموعة مراد سبيع الفنية التي تحمل اسم "وجوه الحرب" والذي قال إن هذه المجموعة من أعماله توثق كيف أن "أهوال الحرب تبتلع كل شيء". وُلد مراد سبيع عام 1987 في محافظة ذمار اليمنية وقد بدأ الرسم على الجدران بعد ثورة عام 2011 إبان "الربيع العربي". فنيا، لم يتمكن سبيع من الرسم بحرية ما دفعه إلى السفر برفقة شقيقه إلى مصر ليصل إلى باريس قبل عامين بدعم من صندوق حماية الفنان، وهو برنامج دولي يرمي إلى تقديم الدعم والملاذ الآمن للفنانين المعرضين للخطر. وعقب وصوله إلى باريس، أصبح سبيع نشطا في مجاله الفني إذ قام برسم لوحة جدارية تندد بصفقات السلاح الفرنسية للسعودية. يشار إلى أن ألمانيا تساهم في الصراع في اليمن حيث تدور رحى حرب بالوكالة وذلك من خلال تصدير أسلحة للدولة المنضوية في التحالف العسكري بقيادة السعودية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وعن ذلك قال سبيع "لسوء الحظ تصب الحرب في اليمن في صالح العديد من الشركات الأوروبية"، منددا بصمت المجتمع الدولي إزاء استمرار حصد الحرب أرواح اليمنيين الأبرياء في عبارة لخصها بقوله: "اليمنيون هم من يدفعون الثمن".

 

فن الشارع رمز للأمل

ولد سبيع عام 1987 في محافظة ذمار اليمنية وقد بدأ الرسم على الجدران بعد ثورة عام 2011 إبان "الربيع العربي".

ومع  انزلاق اليمن في صراع مسلح أصبحت  الجدران التي حملت أثار الحرب والمعارك بمثابة لوحات فنية يرسمها سبيع الذي قال إنه كان يرغب من وراء ذلك "إظهار أن هناك فنّاً في هذه الأماكن وأنه لا يزال هناك أمل وأيضا أردت أن أظهر أن هناك أناساً يحاربون في لحظة كئيبة عندما يرغب هذا البلد في كتابة تاريخها".

ورغم أنه يتم مقارنة سبيع بفنان الشارع البريطاني بانكسي، إلا أن الفنان اليمني لا يخفي هويته ولا يعمل بمفرده إذ أنه يُشرك الناس في اليمن في تنظيم حملات للرسم على الجدران بهدف نقل مأساة اليمن إلى العالم.

وخلال أول نشاط فني من حملات الرسم التي نظمها سبيع عام 2012 أطلق عليه أسم "لوّن جدار شارعك"، دعا المارة للانضمام إلى الفنانين والرسامين لخلق مساحة من الإبداع المشترك مما يسمح لكل شخص أما بالرسم أو حتى التحدث والخطابة.

وفي سياق ذلك قال سبيع إنه هدفه كان ضمان أن الفن "ليس ببعيد عن الناس. وفي اليمن حيث لا توجد صالات عرض أو متاحف يذهب الفن إلى الناس في الشوارع".

ولم يتوقف الأمر عند حملة "لون جدار شارعك" بل تلا ذلك حملات فنية أخرى إذ أطلق سبيع على حملته الخامسة اسم "حُطام" وقد بدأت في مايو/أيار 2015 بالتزامن مع تصاعد وتيرة الحرب والمعارك في اليمن.

أسوأ أزمة إنسانية في العالم

ويشهد اليمن منذ قرابة سبع سنوات حربا مدمرة تسببت في  أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقا للأمم المتحدة.

ويدور الصراع في اليمن بين القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية منذ 2015 من جهة، وبين المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران ويسيطرون على مناطق عديدة في البلاد بما في ذلك العاصمة صنعاء منذ بد هجومهم منذ عام 2014.

وكان تأثير الحرب على سكان اليمن كارثيا وبالغ الخطورة إذ أفادت منظمة إغاثية أوروبية 2021 "باستمرار تدهور وتفاقم أسوأ أزمة إنسانية في العالم بمستويات غير مسبوقة من نقص الاحتياجات".

وقالت اﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻣﻔﻭﺿﻳﺔ ﺍﻷﻭﺭوبية للمساعدات الإنسانية ﻭﺍلحماية المدنية (DG ECHO) إن أكثر من عشرين مليون شخص في اليمن باتوا في حاجة ماسة إلى المساعدة: أي ما يعادل 66% من السكان، فيما أصبح  أكثر من 16 مليون منهم يفتقرون إلى الحصول على غذاء.

وتقدر المنظمات الحقوقية بتشريد أكثر من أربعة ملايين شخص داخل البلاد منهم أكثر من 10 ألاف أسرة نزحت جراء القتال خلال عام 2021 إلى ما قبل شهور من نهايته.

 

وُلد الفنان اليمني مراد سبيع عام 1987 في محافظة ذمار اليمنية وقد بدأ الرسم على الجدران بعد ثورة عام 2011 إبان "الربيع العربي". (photo: dpa/picture-alliance)
فن الشارع رمز للأمل: مع انزلاق اليمن في صراع مسلح أصبحت الجدران التي حملت أثار الحرب والمعارك بمثابة لوحات فنية يرسمها الفنان مراد سبيع الذي قال إنه كان يرغب من وراء ذلك "إظهار أن هناك فناً في هذه الأماكن وأنه لا يزال هناك أمل وأيضا أردت أن أظهر أن هناك أناسا يناضلون في لحظة كئيبة عندما يرغب هذا البلد في كتابة تاريخها". ورغم أنه يتم مقارنة الفنان اليمني مراد سبيع بفنان الشارع البريطاني بانكسي، إلا أن الفنان اليمني لا يخفي هويته ولا يعمل بمفرده إذ أنه يُشرك الناس في اليمن في تنظيم حملات للرسم على الجدران بهدف نقل مأساة اليمن إلى العالم. وُلد مراد سبيع عام 1987 في محافظة ذمار اليمنية وقد بدأ الرسم على الجدران بعد ثورة عام 2011 إبان "الربيع العربي".

 

انتقاد المجتمع الدولي

وبسبب الصراع، لم يجد سبيع خيارا سوى الفرار من اليمن بسبب مواقفه السياسية. وحول ذلك قال إنه في الوقت الذي كان يُتوقع أن ينحاز النشطاء وأصحاب الرأي إلى طرف دون آخر، رفض سبيع هذا الأمر وقرر أن "ينتقد كافة الأطراف بسبب أن الجميع يرتكب جرائم".

وأصيب أحد أشقائه، وهو صحافي، بالرصاص في كلا ركبتيه فيما تم التحقيق مع مراد عدة مرات.

وحتى فنيا، لم يتمكن سبيع من الرسم بحرية ما دفعه إلى السفر برفقة شقيقه إلى مصر ليصل إلى باريس قبل عامين بدعم من صندوق حماية الفنان، وهو برنامج دولي يرمي إلى تقديم الدعم والملاذ الآمن للفنانين المعرضين للخطر.

وعقب وصوله إلى باريس، أصبح سبيع نشطا في مجاله الفني إذ قام برسم لوحة جدارية تندد بصفقات السلاح الفرنسية للسعودية.

يشار إلى أن ألمانيا تساهم في الصراع في اليمن حيث تدور رحى حرب بالوكالة وذلك من خلال تصدير أسلحة للدولة المنضوية في التحالف العسكري بقيادة السعودية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

وعن ذلك قال سبيع "لسوء الحظ تصب الحرب في اليمن في صالح العديد من الشركات الأوروبية"، منددا بصمت المجتمع الدولي إزاء استمرار حصد الحرب أرواح اليمنيين الأبرياء في عبارة لخصها بقوله: "اليمنيون هم من يدفعون الثمن".

ورغم أن نظرته قاتمة حيال مستقبل بلاده، إلا أن سبيع يشدد أن ما يهمه هو أن يستمر في نشاطه الفني إذ قال "هدفي الآن ينصب على التعليم. لأن كل الشرور مرجعها الجهل". 

 

 

إليزابيث غرينير

ترجمة: م ع

حقوق النشر: دويتشه فيله 2021

 

 

ar.Qantara.de

 

 

[embed:render:embedded:node:43180]