كورونا ينغّص على المسلمين فرحة عيد الفطر حارما جلهم من صلاة العيد جماعة فالاختلاط يزيد الإصابات

الصورة قبيل عيد الفطر 2020 من اسطنبول تركيا. احتفلت غالبية المسلمين حول العالم بحلول أول أيام عيد الفطر الأحد 24 / 05 / 2020، في مناسبة سعيدة نغّصها عليهم هذه السنة فيروس كورونا المستجدّ الذي حلّ ضيفاً ثقيلاً وحرم معظمهم من أداء صلاة العيد جماعةً وأجبرهم على الاحتفال بالعيد وسط تدابير عزل مشدّدة لمكافحة الجائحة.

وفي العادة يتم الاحتفال بعيد الفطر بأداء الصلاة جماعة وبتبادل الزيارات العائلية، لكن هذه السنة، تعيّن على المحتفلين التأقلم مع جائحة كوفيد-19 ولا سيّما أنّ دولاً عدّة شدّدت خلال عطلة العيد التدابير السارية لمكافحة تفشّي الفيروس الفتّاك بعدما أدّى التراخي في الالتزام بالقيود خلال شهر رمضان إلى ارتفاع في معدلات الإصابة بالوباء.

وفي حين تحتفل غالبية المسلمين السنّة بالعيد يوم الأحد، أعلن المرجع الشيعي العراقي آية الله علي السيستاني أنّ أول أيام عيد الفطر هو الإثنين، في حين أعلن مكتب الوكيل الشرعي للإمام علي خامنئي في لبنان، أنّ الأحد هو أول أيام عيد الفطر.

ومن مصر إلى العراق مروراً بتركيا وسوريا، حظرت دول عدة أداء الصلاة جماعة. وفرضت المملكة العربية السعودية التي تضم الحرمين الشريفين، حظر تجول لمدة خمسة أيام كاملة اعتباراً من يوم السبت.

والسعودية، أكبر الدول الخليجية من حيث أعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجدّ، سجّلت منذ بداية شهر رمضان ارتفاعاً كبيراً في أعداد المصابين زاد عن أربعة أضعاف، ليبلغ إجمالي عدد المصابين بالفيروس في المملكة أكثر من اثنين وسبعين ألف شخص، وهو أعلى عدد إصابات في منطقة الخليج.

وفجر الأحد، أقيمت صلاة العيد في الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وفقاً للأعداد والضوابط المتبعة في الصلوات الأخرى، والاحترازات الصحية اللازمة، بحسب وكالة الأنباء السعودية.

وفي المسجد الأقصى المغلق منذ نحو شهرين بسبب تفشّي فيروس كورونا المستجدّ، والذي أعلنت السلطات أنه لن يُعاد فتحه أمام المصلّين إلا بعد عيد الفطر، اندلعت اشتباكات بين قوات الأمن الإسرائيلية والمصلين الذين تجمعوا لأداء صلاة العيد عند باب الأسباط أحد أبواب المسجد، بحسب مراسل لفرانس برس.

وفي قطاع غزة، سمحت حركة حماس التي تسيطر على القطاع بأداء الصلاة في المساجد على الرغم من تسجيل القطاع لأول وفاة بفيروس كورونا المستجد السبت.

وقال أكرم طاهر لوكالة فرانس برس "العيد ليس عيدا مع أجواء كورونا، الناس تشعر بنوع من الخوف".

وفي مدينة إدلب شمال غرب سوريا التي لم تسجل فيها حتى الآن أي إصابات بفيروس كورونا المستجد، خرج مئات من الأطفال للعب في منطقة نصبت فيها أراجيح العيد وغيرها من وسائل الترفيه، بينما صدحت أغاني العيد من مكبرات الصوت.

ويسري في إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة وقف لإطلاق النار منذ السادس من آذار/مارس، أعقب هجوماً واسعاً شنّته قوات النظام بدعم روسي، ودفع نحو مليون شخص للنزوح من مناطقهم.

وأدى أكثر من 40 شخصا صلاة العيد في جامع مالك بن أنس في قرطاج في تونس مع إبقاء مسافة بين المصلين. وفي العادة يعج المسجد بالمصلين في عيد الفطر. وبقي جامع الزيتونة في العاصمة تونس خاليا في حدث نادر للغاية منذ إقامته في القرن السابع بحسب الائمة.

في آسيا، تقاطر المسلمون على الأسواق التجارية لابتياع حاجيات العيد، غير مبالين بتدابير التباعد الاجتماعي التي فرضتها السلطات ومتحدّين، بالقوة أحياناً، محاولات بذلتها الشرطة للمباعدة بين الحشود.

ولكن العيد بدا حزينا في باكستان بعد تحطم طائرة الجمعة فوق حي سكني في كراتشي كبرى مدن جنوب باكستان، ما أدى إلى مقتل 97 شخصا على الأقل.

وفي أندونيسيا، أكبر دولة إسلامية في العالم من حيث عدد السكان، لجأ الآلاف إلى المهرّبين ومزوّري الوثائق للالتفاف على القيود المفروضة على السفر بهدف الوصول إلى بلداتهم والاحتفال بعيد الفطر مع أفراد عائلاتهم، ما يهدّد بارتفاع غير مسبوق في أعداد المصابين بالفيروس.

وأعلنت حركة طالبان الأفغانية السبت وقفاً لإطلاق النار لمدة ثلاثة أيام اعتباراً من الأحد بمناسبة عيد الفطر، في خطوة مفاجئة.

وبدت شوارع العاصمة كابول شبه خالية بسبب الإغلاق الصارم لوقف تفشي فيروس كورونا المستجد، إلا أن هذا لم يمنع البعض من الخروج من منازلهم لتهنئة الآخرين مع التزام بعضهم التباعد الاجتماعي، وقام آخرون بالعناق والمصافحة بالأيدي رغم التوصيات.

وفي الشطر الهندي من كشمير، بدت احتفالات العيد مختلفة هذا العام مع إغلاق السلطات للمساجد لوقف تفشي فيروس كورونا المستجد بالإضافة إلى تشديد الأمن إثر موجة جديدة من الاشتباكات بين قوات الامن الهندية ومتظاهرين.

ويأتي هذا وسط تصاعد التوتر في منطقة الهيمالايا المضطربة ذات الأغلبية المسلمة بعدما ألغت نيودلهي الحكم الذاتي للمنطقة وفرضت حظر تجول لقمع الاضطرابات.

وإذا كان عدد الوفيات الناجمة عن كوفيد-19 في الشرق الأوسط وآسيا لا يزال أقلّ بكثير من أوروبا أو الولايات المتحدة، إلا أنّ التزايد المطّرد في أعداد المصابين في هذه الدول يثير مخاوف من أن يؤدّي أي تفشٍّ محتمل للوباء إلى انهيار الأنظمة الصحيّة فيها، ولا سيّما أنّ عدداً كبيراً من هذه الدول يعاني نقصا في تجهيز نظمه الصحّية وتمويلها.

وفي إيران التي سجّلت فيها أكبر حصيلة من الإصابات والوفيات الناجمة عن الفيروس في الشرق الأوسط، ناشدت السلطات المواطنين تجنّب السفر خلال عيد الفطر . وقال وزير الصحة سعيد نمكي إنّ "مصدر القلق الأكبر بالنسبة إلينا هو بلوغ المرض ذروات جديدة في البلاد جرّاء عدم احترام الإرشادات الصحية".

بدورها شدّدت الإمارات العربية المتّحدة التدابير المتّخذة لمكافحة تفشّي الجائحة، مع فرضها حظر تجول ليلياً بدءاً من الساعة 8 مساءً بدلاً من 10 مساءً خلال شهر رمضان.

وإذا كانت تدابير احتواء كوفيد-19 تتفاوت بين دولة وأخرى في المنطقة، إلا أنّ تداعيات الجائحة تكاد تكون واحدة على النشاط الاقتصادي في هذه الدول، ولا سيّما على قطاعات بعينها مثل المراكز التجارية والفنادق ومتاجر الألبسة والحلويات، وهي قطاعات تعوّل في العادة على هذا العيد وسواه من الأعياد والعطل لزيادة أعمالها وأرباحها.

وفي روسيا التي تعد ثاني أكثر الدول تأثرا بالوباء لناحية عدد الإصابات في العالم، دعا المسؤولون المسلمون إلى "البقاء في المنزل" والاحتفال مع العائلة. وتقرر فتح المساجد الأكبر في المدن الروسية لأداء صلاة العيد لكن بمشاركة "الحد الأدنى" من المصلين. أ ف ب