هكذا واصل النظام السوري استخدام الغاز ضد شعبه.. ووقف العالم يتفرج على جرائمه

في صيف العام 2015 رافق ضابط سوري برتبة لواء فريقاً صغيراً من مفتشي الأسلحة الكيماوية إلى مخزن يقع خارج العاصمة السورية دمشق. كان الخبراء الدوليون يريدون فحص الموقع، غير أن أشخاص عدة تم إطلاعهم على ما دار قالوا أن الخبراء ظلوا ينتظرون في السيارة خارج الموقع نحو الساعة. وعندما تم السماح لهم بالدخول في نهاية الأمر، كان المبنى خالياً. ولم يجدوا أي أثر لكيماويات محظور استخدامها.

قال الضابط السوري الذي عرفه المفتشون باسم شريف وهو يفتح الباب «انظروا، لا يوجد شيء يستحق الرؤية».

لماذا إذاً اضطر المفتشون للانتظار؟ قال الجانب السوري أنه كان يحصل على الموافقات اللازمة لإدخالهم، لكن المفتشين لهم رأي آخر، إذ اعتقدوا أن السوريين يسوفون بينما كانت عملية تطهير المكان تجرى. فلم يبد منطقياً للفريق أن يتطلب الأمر موافقة خاصة للسماح بدخولهم إلى مبنى خال.

هذه الواقعة التي لم ينشر عنها شيء من قبل، ليست سوى مثال واحد على الأسلوب الذي عرقلت به السلطات السورية عمل المفتشين، وكيف فشل المجتمع الدولي في محاسبة سورية، وذلك وفق ما اتضح من خلال مقابلات مع مسؤولين وديبلوماسيين ومحققين كان لهم دور في التخلص من أسلحة الدمار الشامل السورية.

تجنبت سورية ضربات جوية أميركية بالوعد الذي قطعته على نفسها العام 2013 بأن تتخلى عما لديها من أسلحة كيماوية. ويعتقد كثر من الديبلوماسيين ومفتشي الأسلحة الآن أن هذا الوعد لم يكن إلا خدعة.

ويشتبه هؤلاء بأن نظام الرئيس السوري بشار الأسد ظهر بمظهر المتعاون مع المفتشين الدوليين، بينما احتفظ سراً بقدرات لامتلاك أسلحة كيماوية جديدة وطورها.

ويقولون أن سورية أعاقت المفتشين وقدمت لهم معلومات ناقصة أو مضللة واتجهت إلى استخدام قنابل «الكلور» عندما تضاءل ما لديها من كيماويات أخرى.

وقعت عشرات الهجمات التي استخدم فيها «الكلور» وعلى الأقل هجوم واحد استخدم فيه غاز «السارين» منذ العام 2013، الأمر الذي تسبب في أكثر من 200 حال وفاة وإصابة المئات. ويقول المفتشون الدوليون أن تقارير وردت عن أكثر من 100 واقعة استخدمت فيها أسلحة كيماوية في العامين الأخيرين وحدهما.

وقالت أنغيلا كين التي كانت كبيرة ممثلي الأمم المتحدة في نزع الأسلحة حتى حزيران (يونيو) 2015: «التعاون كان على مضض في كثير من الجوانب، وهذه طريقة مهذبة لوصفه. فهل كانوا يتعاونون ببشاشة؟ لا». وأضافت: «ما اتضح فعلاً هو أنه لم يكن ثمة إجراء مضاد. إن المجتمع الدولي في الأساس كان بلا حول ولا قوة».

ترددت أصداء مشاعر الإحباط تلك في تصريحات محققة جرائم الحرب في الأمم المتحدة كارلا ديل بونتي التي أعلنت في السادس من آب (أغسطس) الجاري أنها ستترك منصبها في لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة الخاصة بسورية. وقالت ديل بونتي: «لا أملك سلطة ما دام مجلس الأمن لا يفعل شيئاً. نحن لا حول لنا ولا قوة ولا إنصاف لسورية».

لم يسبق أن دار الحديث على الملأ عن مدى ممانعة سورية في التخلي عن الأسلحة الكيماوية، وذلك خشية إلحاق الضرر بالعلاقة التي تربط المفتشين الدوليين بحكومة الأسد وكذلك روسيا التي تقدم الدعم العسكري للأسد.

[embed:render:embedded:node:24569]

والآن زود المحققون ومصادر ديبلوماسية وكالة «رويترز» بتفاصيل لها أهميتها 

* ما قدمته سورية من بيانات عن أنواع الكيماويات التي امتلكتها وكمياتها لا يتطابق مع الأدلة التي كشف عنها المفتشون على الطبيعة. فعلى سبيل المثل لا ذكر في إفصاحاتها لـ «السارين»، ومع ذلك ثمة أدلة قوية على أن «السارين» استخدم في سورية، بل إنه استخدم في العام الحالي. وعثر المفتشون على كيماويات أخرى لم تذكرها سورية، ومن بينها آثار «غاز الأعصاب» (في أكس) و «الريسين» السام ومادة كيماوية يطلق عليها اسم «هكسامين» تستخدم في تثبيت «السارين».

 

* أبلغت سورية المفتشين في عامي 2014 و2015، أنها استخدمت 15 طناً من «غاز الأعصاب» و70 طناً من «خردل الكبريت» في إجراء أبحاث. وعلمت «رويترز» أن المحققين يعتقدون أن تلك الكميات ليست لها «صدقية علمية»، إذ قال مصدران شاركا في عمليات التفتيش في سورية أن الأبحاث لا تتطلب سوى جزء يسير من هذه الكميات.

* لا يُعرف مصير ما لا يقل عن 2000 قذيفة كيماوية قالت سورية أنه تم تحويلها إلى أسلحة تقليدية واستخدمت أو تم تدميرها، الأمر الذي يشير إلى أنها ربما لا تزال في أيدي الجيش السوري.

* قال ثلاثة مصادر على إطلاع مباشر بالأمر أن مسؤولين عسكريين سوريين طلبوا من شهود على علم ببرنامج الأسلحة الكيماوية في دمشق تغيير أقوالهم أثناء المقابلات مع المفتشين.

سلم رئيس «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية»، وهي الجهة الدولية المنوط بها الإشراف على التخلص من الأسلحة الكيماوية السورية وتدميرها، بأن أسئلة لها خطورتها لا تزال بلا إجابة عن مدى اكتمال الإفصاحات السورية ودقتها.

وقال المدير العام للمنظمة الديبلوماسي التركي أحمد أوزومغو: «من المؤكد أن هناك بعض الفجوات والأمور الغامضة والتناقضات».

لكنه رفض انتقادات وجهتها كين وبعض الديبلوماسيين الآخرين لأسلوب قيادته المنظمة. وكانت كين قالت أنه كان يجب على أوزومغو أن يعمل على زيادة الضغط على سورية في ما يتعلق بالثغرات في إفصاحاتها، وأن يبذل المزيد من الجهد في دعم مفتشيه.

ورد أوزومغو قائلاً أنه ليس من واجبات وظيفته أن يضمن «الالتزام الكامل» بالمعاهدات الخاصة بالأسلحة الكيماوية، وقال أن المنظمة مكلفة تأكيد استخدام الأسلحة الكيماوية لا تحديد المسؤول عن استخدامها.

وأصر نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد على أن سورية خالية تماماً من الأسلحة الكيماوية، ودافع عن مدى تعاون بلاده مع المفتشين الدوليين.

وقال المقداد: «أؤكد لكم أن ما سمي برنامج الأسلحة الكيماوية السوري انتهى إلى غير رجعة. ولا توجد أي أسلحة كيماوية أخرى في سورية». ولم يرد الضابط السوري شريف على طلبات للتعليق على الأحداث التي حصلت في المخزن.

[embed:render:embedded:node:20894]

هجوم «السارين»

في 21 آب (أغسطس) 2013 سقط مئات القتلى في هجوم بغاز «السارين» في منطقة الغوطة على مشارف العاصمة السورية. ويتسبب هذا الغاز الذي لا لون له ولا رائحة في اختناق من يستنشقه ولو بكميات صغيرة خلال دقائق.

وحملت حكومات غربية القوات السورية المسؤولية عن هذا الهجوم. ونفت سورية مراراً استخدام أسلحة كيماوية، وقالت أن المسؤولية تقع على عاتق المعارضة.

وفي أعقاب ذلك الهجوم، تم التوصل إلى اتفاق بوساطة الولايات المتحدة وروسيا وافقت بمقتضاه الحكومة السورية على التخلص من برنامج الأسلحة الكيماوية.

وفي إطار ذلك الاتفاق، انضمت سورية إلى «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية» التي تتخذ من لاهاي في هولندا مقراً لها، ووعدت بفتح حدودها للمفتشين والكشف عن برنامجها بالكامل بعدما كانت تنفي من قبل أن لديها أسلحة كيماوية.

وأعلنت سورية أن لديها 1300 طن من الأسلحة الكيماوية أو المخزونات الكيماوية الصناعية، وهي تقريباً الكمية التي قدرها خبراء خارجيون. وفي عملية قادتها «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية»، وبلغت كلفتها مئات ملايين الدولارات، تم شحن تلك الكميات إلى الخارج لتدميرها بمساعدة 30 دولة على رأسها الولايات المتحدة.

لكن كانت ثمة مشكلتان رئيسيتان. أولاً لم تسر عمليات التفتيش بيسر وسهولة. فبعد أيام من هجوم «السارين» في الغوطة، تعرض مفتشو المنظمة المتجهون إلى المنطقة إلى نيران قناصة. ووصل المفتشون إلى الغوطة في نهاية المطاف وأمهلتهم السلطات السورية ساعتين فقط لمقابلة الشهود وأخذ العينات. وأكد الفريق استخدام غاز «السارين».

وفي أيار (مايو) 2014، تعرضت قافلة مشتركة من المنظمة ومن الأمم المتحدة إلى انفجار ونيران بنادق كلاشنيكوف أثناء محاولتها الوصول إلى موقع هجوم آخر استخدمت فيه أسلحة كيماوية في مدينة كفر زيتا في شمال البلاد. وفشلت تلك المهمة.

وفي رحلة العودة احتجز مسلحون مجهولون بعض أعضاء الفريق لمدة 90 دقيقة. وأصدرت وزارة الخارجية بياناً حملت فيه مسؤولين مهاجمة القافلة لإرهابيين.

ولم يتسن تحديد عدد مرات عرقلة عمل المفتشين، لكن أربعة ديبلوماسيين ومفتشين من المشاركين في العملية قالوا أن التكتيكات السورية تضمنت رفض إصدار تأشيرات سفر وتقديم كميات كبيرة من الوثائق مرات عدة لتعطيل سير العملية وفرض قيود على تفتيش المواقع في الدقائق الأخيرة وإجبار شهود بعينهم على تغيير رواياتهم في المقابلات.

وذكرت هذه المصادر أن فريق «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية» أجرى 18 زيارة إلى مواقع منذ العام 2013، لكنه الآن توقف فعلياً لأن سورية لم تقدم معلومات كافية أو دقيقة.

وكانت المشكلة الثانية هي تغيير تكتيكات قوات الأسد. وقال مفتشان أن الأمم المتحدة ومنظمة «حظر الأسلحة الكيماوية» ركزتا على التخلص من المخزون الذي اعترفت سورية بامتلاكه، بينما شرعت قوات الأسد في استخدام قنابل «كلور» جديدة بدائية الصنع. وأفادا بإسقاط ما يصل إلى 100 برميل متفجر بغاز «الكلور» من طائرات مروحية منذ العام 2014. وتنفي سورية استخدام «الكلور».

وغاز «الكلور» أقل سمية من «غاز الأعصاب» ويتوافر على نطاق واسع، لكن استخدامه كسلاح محظور بموجب «اتفاق الأسلحة الكيماوية» الذي وقعت عليها سورية عند انضمامها إلى «منظمة الأسلحة الكيماوية»، وهي وكالة بين الحكومات تعمل مع الأمم المتحدة لتنفيذ الاتفاق. وفي حال استنشاق غاز «الكلور» يتحول إلى حمض «الهيدروكلوريك» في الرئتين، ويمكن أن يقتل من طريق إغراق الضحية في سوائل الجسم.

وقال مصدر مشارك في مراقبة أسلحة سورية الكيماوية لمصلحة «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية»، أن دمشق شرعت في استخدام «الكلور» (سلاحاً للترويع) حتى تكون لها اليد العليا في ساحة المعركة عندما كانت إحدى قواعدها في كفر زيتا مهددة بالاجتياح في العام 2014.

وأضاف: «كانت المعارضة تحيط بالقاعدة. أرادت القوات الحكومية إخلاء المنطقة. لهذا، بدأوا استخدام الكلور».

وقال مسؤول كبير عمل مع الأمم المتحدة ومفتشي «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية» أن سربين لطائرات مروحية أسقطا براميل متفجرة بغاز «الكلور» وأسطوانات مليئة بعبوات «الكلور» من قاعدتين جويتين. وأردف أن إنتاج مثل هذه الكمية استلزم حتماً طاقماً فنياً ودعماً لوجيستياً، ما يشير إلى أن العملية كانت تحت إشراف قادة كبار.

وذكر المصدر الذي شارك في دراسة الأسلحة الكيماوية السورية لمصلحة «منظمة الأسلحة الكيماوية» أن بدء استخدام نوع جديد من الأسلحة الكيماوية جاء في وقت حرج للمنظمة. وكانت المنظمة حريصة على التخلص من مخزون سورية المعلن وعازفة عن بدء تحقيق في شأن مزاعم انتهاكات حكومية، ما قد يجعل تعاون دمشق في مهب الريح. وأشار المصدر إلى أن هدف التخلص من المخزون الذي خشيت حكومات غربية أن يسقط في أيدي تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، كانت له الأولوية على هجمات «الكلور».

ونفى أوزومغو أي عزوف عن التحقيق في تقارير هجمات «الكلور»، مشيراً إلى أنه شكل في العام 2014 بعثة تقصي حقائق للنظر فيها. لكن هذه البعثة لم تكن مكلفة إلقاء اللوم وخلصت إلى أن استخدام «الكلور» كان ممنهجاً وواسع النطاق.

وقال أوزومغو أن المجلس التنفيذي التابع للمنظمة تسلم نتائج الفريق. ودان استخدام «الكلور» ونقل النتائج إلى الأمم المتحدة. وقال ناطق باسم الأمم المتحدة أن من المنوط بـ «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية» تحديد ما إذا كانت دولة عضو انتهكت حظر الأسلحة الكيماوية.

وقالت كين أنه كان يتعين على أوزومغو التعامل مع أمور لم تبلغ سورية «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية» بها، ومن بينها مواد كيماوية غير معلنة وكذلك عدم الإبلاغ عن «مركز الدراسات والبحوث العلمية» الذي كان فعلياً مقر البرنامج.

وتابعت: «لماذا لم يتحقق بعد ذلك بثلاثة أعوام ونصف العام، مزيد من التقدم لتوضيح هذه الالتباسات؟ لو كنت رئيسة لمنظمة كهذه... لذهبت إلى دمشق وواجهت هؤلاء الناس».

وقال أوزومغو أن «منظمة الأسلحة الكيماوية» مقيدة بمعاهدة تأسيسها، وهي «اتفاق الأسلحة الكيماوية» للعام 1997. وزاد أن المنظمة غير ملزمة بالتصرف عندما ينتهك أحد أعضائها الاتفاق. وتحديد المسؤول عن استخدام الأسلحة الكيماوية من مسؤولية بعثة أخرى تابعة للأمم المتحدة و «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية» تعرف باسم «آلية التحقيق المشتركة» وتأسست في العام 2015. وأحال ناطق باسم «آلية التحقيق المشتركة» الأسئلة إلى «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية».

وقال أوزومغو: «نفذت الأمانة العامة المهمات المطلوبة منها تماماً وبدقة، وستظل تفعل في إطار ضوابطنا وتفويضنا».

وأوضح أن بعض الدول لديها شكوك بأن الحكومة السورية خبأت مخزونات من المواد الكيماوية الأساسية التي يمكن أن تستخدم في إنتاج «غازات أعصاب» معينة مثل «السارين». لكنه قال أنه لا يوجد دليل قاطع.

وعبر عن أسفه لانهيار العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة في المجلس التنفيذي لـ «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية»، والذي يملك سلطة فرض القيود على عضوية سورية وإحالتها على مجلس الأمن لعدم تعاونها.

وقال أوزومغو أن مكتبه ما زال يسعى إلى إجابات من حكومة الأسد عن المواد الكيماوية غير المعلنة والقنابل التي تلقى من الجو و «مركز الدراسات والبحوث العلمية» الذي يشرف على أسلحة سورية الكيماوية منذ السبعينات. ويقول المسؤولون السوريون أنه لا يوجد توثيق يدعم البرنامج الذي كان يشمل عشرات من منشآت التخزين والإنتاج والبحث.

 جمود سياسي

تركت الأزمة السورية أثراً عميقاً في الطريقة التي تعمل بها «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية». وطوال عقدين، ظلت معظم قرارات المنظمة تتخذ بالإجماع كما لم تدع مجلسها التنفيذي المكون من 41 عضواً للتصويت إلا في حالات قليلة. وأحدثت سورية انقساماً واضحاً في المجلس.

وفي العام 2016 عندما خلص تحقيق للأمم المتحدة و «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية» إلى أن القوات الحكومية السورية مسؤولة عن ثلاث هجمات بغاز «الكلور»، سعت الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات على المسؤولين عبر المجلس التنفيذي، لكنها سحبت في ما بعد المقترح الذي لم يكشف عن تفاصيله. ودانت وثيقة وضعت إسبانيا مسودتها الهجمات، لكنها حذفت أي إشارة إلى عقوبات وأيدتها غالبية تشمل ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا، لكن روسيا والصين وإيران والسودان عارضتها.

وفرضت الولايات المتحدة منذ ذلك الحين عقوبات على مئات المسؤولين السوريين الذين تقول أنهم على صلة ببرنامج الأسلحة الكيماوية. وأمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بضربة صاروخية لقاعدة جوية سورية، لكن الانقسام في المجلس التنفيذي لـ «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية» وفي الأمم المتحدة حال دون اتخاذ تحرك جماعي ضد الهجمات المستمرة.

واتهمت حكومات غربية موسكو بمحاولة تقويض تحقيقات الأمم المتحدة و«منظمة حظر الأسلحة الكيماوية» في سبيل حماية الأسد. وتقول سورية أن الدول الغربية تستغل مهمات التفتيش لفرض تغيير النظام. ولم يرد مسؤولون روس على طلب للتعقيب

«السارين» موجود

قال أوكا سيلستروم، وهو مفتش أسلحة سابق في الأمم المتحدة وكبير العلماء حالياً في بعثة الأمم المتحدة و «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية» أن من المهم مثول الجناة في الهجمات الكيماوية للعدالة لردع استخدام أسلحة الدمار الشامل في المستقبل. وأضاف أن فريقه سيقدم تقريره المقبل إلى الأمم المتحدة بحلول منتصف تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.

ويبقى سؤال مهم من دون إجابة، وهو ماذا حدث لألفي قنبلة قالت سورية أنها حولتها إلى أسلحة تقليدية، وهي عملية مكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً.

وقال مصدر في «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية» والأمم المتحدة شارك في المفاوضات عامي 2015 و2016: «على حد علمي لم تقدم الحكومة السورية قط أي تفاصيل في شأن أين ومتى وكيف قامت بتغيير حمولة القنابل». وأردف أن من الواضح أنه كان هناك «هيكل قيادة حقيقي ورفيع المستوى وراء هذا».

ولم يرد مسؤولون سوريون على طلبات للتعليق في شأن القنابل.

ويحقق الفريق أيضاً في مقتل حوالى 100 شخص في الرابع من نيسان (أبريل) نتيجة لهجوم بالغاز على بلدة خان شيخون التي تقع في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة والقريبة من الحدود التركية. وأكدت عينات من أشخاص تعرضوا للمواد الكيماوية وفحصتها «منظمة الأسلحة الكيماوية» استخدام «السارين». وقال المقداد في المقابلة أن القوات السورية غير مسؤولة، مكرراً بذلك نفي وزير الخارجية وليد المعلم الأمر.

وقال سيلستروم أن وجود السارين بعد فترة طويلة من تفكيك سورية المفترض برنامجها من الأسلحة الكيماوية يطرح أسئلة صعبة. وتابع: «هل هناك مخبأ في مكان ما أو هل ثمة إنتاج في مكان ما، وما هي الكمية المتوافرة؟»، مضيفاً أن أنباء إسقاط القنابل من الجو في خان شيخون قد تشير إلى أن القوات السورية تحتفظ ببعض الأسلحة الاستراتيجية أيضاً.

وأردف أن الهجوم يعني إما أن «أحدهم يمكنه إنتاج السارين اليوم أو أن السارين كان مخبأ».

المصدر: وكالة «رويترز»