دمية "مولعة بالجنس" تثير عشاق نظرية المؤامرة في مصر

لم تتوقف "أبلة فاهيتا" عن إثارة الجدل في مصر، فمرة يتم اتهامها بالتجسس ومرة يطالب إعلاميون بوقف برنامجها حتى قبل أن يبدأ. كسرت الأبلة العديد من التابوهات في المجتمع المصري من خلال المواضيع التي طرحتها في برنامجها "لايف من الدوبلكس". الصحفية الألمانية إليزابيت ليمان، تابعت لموقع قنطرة ردود الفعل على البرنامج من القاهرة.

الكاتبة ، الكاتب: Elisabeth Lehmann

"هذه الدمية المولعة بالجنس تشكل خطورة على الأطفال وتتسبب في إصابتهم بالإيدز والزهري".."الإيدز؟ الزهري؟ لكني أحب الأطفال"، تقولها أبلة فاهيتا بصوت عال وهي ترتدي حلق على شكل نجمة ذهبية وتلف رقبتها بشال من الفرو الأسود. واهتمت "الأبلة" بإطلالتها هذا اليوم لاسيما أنه أولى حلقات برنامجها "لايف من الدوبلكس" والذي بدأته بمواجهة منتقديها، وهو أذكى ما يمكن أن يقوم به صناع "أبلة فاهيتا".

المرأة المصرية في الطبقة المتوسطة

تحولت "أبلة فاهيتا" لظاهرة في الإعلام المصري وهو أمر لا يمكن أن يحدث سوى في هذا البلد على الأغلب. فأبلة فاهيتا هي أرملة لديها ابنة واحدة وخضعت للعديد من عمليات التجميل، وهي لا تفتقر إطلاقا للثقة بالنفس، فهي تعرف جيدا كيف تبرز مفاتنها. ورغم هذا كله فأبلة فاهيتا غير موفقة مع الرجال رغم أن الجنس عنصر مهم في حياة "الأبلة"، التي تعد نسخة مثالية للمرأة المصرية في الطبقة المتوسطة من خلال صوتها واختيار كلماتها وحركاتها وتعبيرات وجهها. وقبل انطلاق برنامجها الجديد، غزت شوارع القاهرة إعلانات البرنامج، الذي تظهر فيه أبلة فاهيتا بملابس خفيفة وخصلات شعر ملفوفة على بكرات الشعر وهي تقرأ كتاب "50 ظلا للرمادي" Fifty Shades of Grey الذي يدور حول الخيال الجنسي ولم يسمح بنشره في مصر.

وبمجرد بث إعلان تليفزيوني عن البرنامج، اشتغل النقاش في مصر حول محتوى الإعلان الذي تظهر فيه "الأبلة" وأمامها رجلين، المفترض أنهما يعملا كحارسين شخصيين. وللتأكد من صلاحيتهما للعمل، تطلب منهما الأبلة خلع قمصانهما. وفي نهاية الإعلان يلتقط الرجلان الأحذية بأسنانهما ثم تظهر عبارة "للكبار فقط". ويعتبر محتوى الإعلام صادم بالنسبة للجمهور المصري. ونتيجة لهذا طالب بعض الإعلاميين بحظر البرنامج حتى قبل أن يبدأ، كما اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعقيب على الإعلان.

إشكالية أخلاقية

لا يعرف زايد سالم إن كان عليه البكاء أو الضحك عند الحديث عن الغضب من برنامج أبلة فاهيتا. ويقول المدون "نعيش في بلد من الطبيعي فيه عرض المذابح والإعدامات في التليفزيون لكنه يعتبر في الوقت نفسه أن الدمية التي تتحدث عن الجنس مسألة غير أخلاقية". وردا على هذه المناقشات نشر سالم تدوينة بعنوان "عشرة أشياء أخطر على الأطفال من أبلة فاهيتا" وهي التدوينة التي انتشرت بسرعة هائلة على شبكات التواصل الاجتماعي. ويرى سالم أن انتشار التدوينة بهذا الشكل هو "إشارة على أن الكثيرين يفكرون مثلي تماما لكن من الصعب الوقوف أمام الذوق العام".  

لكن رغم كل محاولات المنع، خرج البرنامج للنور وبثت محطة "سي بي سي" الخاصة حلقاته مساء كل جمعة حيث كانت تستعرض الأبلة في كل حلقة أهم الأخبار ثم تستضيف شخصيات عامة وتتحدث معهم على مدار الحلقة التي تستغرق ساعة كاملة. وجاء البرنامج دون الكم المتوقع من السياسة والذي كان متوقعا من "أبلة فاهيتا"، التي سبق وقدمت كليبات وتغريدات على تويتر تنتقد فيها النظام في مواقف مختلفة. ومن أشهر تغريدات "الأبلة" ما حدث عندما طلبت الحكومة من المواطنين النزول بالملايين للشوارع للتعبير عن تأييدهم  للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأمر الذي لم يقابل باستجابة شعبية. وتعقيبا على الواقعة نشرت أبلة فاهيتا على تويتر صورة لها على السرير معلقة عليها بأن هذا يوم جيد لعدم الاستيقاظ. ومن بين تويتات الأبلة الشهيرة التي حقت انتشارا وواسعا هاشتاغ "اطلعوا من هدومنا" الذي يواجه المجتمع الذكوري الذي يرى أن من حق الرجل أن يملي على المرأة ما ترتديه.

Bassem Youssef gibt das Ende seiner Show bekannt. Foto: Mostafa Hashem
Das Ende einer Show: Am 2. Juni 2014 gab Bassem Youssef das Aus für seine Sendung bekannt. Eine Woche zuvor hatte Abdel Fattah al-Sisi die Präsidentenwahl gewonnen.

تحقيقات بسبب "دمية"

ولا تلتزم الأبلة بالكثير من المعايير التي يحاول المجتمع فرضها، فهي مرحة ومختلفة وبمثابة نسمة رقيقة، كما يقول المدون سالم الذي يرى أن المجتمع بحاجة لها للضحك الذي تتسبب فيه أبلة فاهيتا. وطوال الموسم الذي بث فيه البرنامج، كان المخاوف قائمة مع كل حلقة من إمكانية وقف البرنامج.

 ويتوقع محبو أبلة فاهيتا أن تتم محاكمة دميتهم المحببة في أي وقت وهو أمر ليس بجديد، فالادعاء العام المصري قام بالفعل بالتحقيق ضدها نهاية عام 2013 بتهمة إيصال "رسائل إرهابية سرية لجماعة الإخوان المحظورة " خلال إعلان قامت به لشركة فودافون.

مصير باسم يوسف؟

الشخصية الفعلية المؤدية لدور أبلة فاهيتا وكذلك من يتولى الكتابة لها بمثابة سر كبير، فحتى صناع برنامج "لايف من الدوبلكس" غير معروفين، ما يعطي فرصة لخيال محبي نظرية المؤامرة.

ومن المفارقات ٍأن برنامج أبلة فاهيتا يبث من نفس المسرح الذي كان يبث منه باسم يوسف برنامجه "البرنامج" والذي اضطر يوسف لإيقافه بعد تهديدات ومضايقات. فالكرسي الذي تجلس عليه "أبلة فاهيتا" الآن من الممكن أن يكون مصدرا للمشاكل.

 

إليزابيت ليمان

ترجمة: ا.ف

حقوق النشر: قنطرة 2015  ar.qantara.de