وعند النظر إلى صلة الربط بين الوظيفة ولون البشرة واختلافهم الجسدي: "كونهم سود البشرة، طوال القامة، أقوياء البنية"، كما يقدمها المؤرخ العارف في كتابه كسبب اختيارهم لأعمال الحراسة، يبرز هنا مؤشرٌ ثانٍ يتيح لنا إمكانية قياس علاقة ودور الثلاثي (الوظيفة، اللون، والاختلاف الجسدي) في تحديد المكانة الاجتماعية للأفريقي الأسود التي لا تتعدى النظرة الثقافية النمطية: طبيعة الأعمال التي لا تحتاج إلى مجهود ذهني، وتعتمد على المجهود الجسدي.
أما الربط الأخير فهو بالحيز السكني، حيث يعيش أغلب الأفارقة في الحي الأفريقي في القدس، وهو يتكون من مبنيين تاريخيين "الرباط المنصوري" و"الرباط البصيري"، واللذين أنشئا خلال العهد المملوكي في القرن الثاني عشر بالقرب من باب الناظر أحد البوابات المؤدية إلى الحرم القدسي الشريف.
في نهاية العهد العثماني، وتحديدًا ما بين الأعوام ١٨٩٨ و١٩١٤، استخدم الرباطان كحبس (سجن) من قبل السلطات العثمانية، حيث عُرف الأول باسم "حبس الدم" (الرباط البصيري) وخُصص للسجناء العرب المحكوم عليهم بالإعدام، وعُرف الثاني باسم "حبس الرباط" (الرباط المنصوري) وخُصص للسجناء العرب المحكومين بفترات اعتقال مختلفة.
بعد سنة ١٩٢٩، تحول الرباطان إلى دور سكن للأفارقة المقدسيين، ومنذ ذاك الوقت بدأ بعض السكان المحليين يطلقون عليهما اسم "حبس العبيد"، تسمية جرى من خلالها الربط بين الوظيفة التاريخية في استخدامه كحبس أثناء الفترة العثمانية، ولون البشرة، على اعتبار أن السود هم العبيد.

وأتساءل هنا، إذا كنا حقًا كذلك، وهو تصور غير واقعي، فكيف لوجهة النظر "اليوتوبية" أن تفسّر أو تبرر لنا استمرار استخدام تسمية "عبيد الديوك" على التجمع السكاني لذوي البشرة السوداء في الجزء الشمالي لمدينة أريحا بالقرب من عين الديوك؟ وكذلك استمرار إطلاق تسمية "حارة العبيد" على بعض الأحياء التي يقطنها أغلبية من ذوي البشرة السوداء في مختلف المدن والبلدات والمخيمات في الداخل المحتل والضفة الغربية؟
وفي النهاية، يمكنني القول، إن إشكاليات اختلاف التعريف، والنظرة النمطية الثلاثية المبنية على الربط بين لون البشرة، الوظيفة، والحيز السكاني، يشكلان سويةً حجر الأساس في قياس وفهم المكانة الاجتماعية للأفريقي الأسود في المجتمع الفلسطيني؛ فمن جانب تعرّض تعريف الأفريقي الأسود إلى عملية استلاب واستبدال ثقافي (التكروري)، ومن جانب آخر حُدّد بإطار زماني (انتشار الإسلام في أفريقيا)، وكأنّ لسان حال المؤرخ العارف يقول بأن قبل ذلك (أسلمة وتعريب المجتمع الأفريقي) لم يكن هنالك حضارة أو حضارات لشعوب أفريقية.
غير أنه وبالرغم من حدة هذا الفصل، حاولت من خلال استعراض الأمثلة السابقة تبيان تلاشي الحدود الثقافية المشتركة بين المجتمع المقدسي والأفريقي التكروري القائمة على اعتبارهم جزءًا من الأمة الإسلامية، وحضور الفصل القائم على دلالات "عرقية"، فالأفريقي الأسود بصرف النظر عن تعريفه "تكروري" أو غير ذلك، هو "العبد الأسود" في المخيلة الثقافية العربية.
الزواج عبر الشبكة العنكبوتية
الإنترنت وسيلة المسلمات للبحث عن شريك الحياة في أوروبا
وكالات زواج إسلامية في الإنترنت
الخاطبة الإلكترونية
محمود الحسني الصرخي - رجل دين عراقي شيعي يدعم الحوار والإصلاح
عمامة سوداء مغردة خارج السرب الشيعي العام؟
يوم في حياة الأيزيدية في إقليم كردستان العراق
كشف الأسرار عن بيوت الأيزيدية في العراق
الجدل حول الحجاب في أوروبا:
ما هي الأسباب التي تدفعني كمسلمة لعدم ارتداء الحجاب؟
دردشة عربية-ألمانية