أفغانستان - نزوح الآلاف بعد معارك قندوز وخبراء يرون سقوط كابول غير حتمي بعد الانسحاب الأميركي

نزوح آلاف العائلات بسبب المعارك في محيط قندوز شمال أفغانستان: فرت قرابة خمسة آلاف عائلة أفغانية من منازلها في قندوز بعد أيام من المعارك بين طالبان والقوات الحكومية، بحسب ما أعلن مسؤولون السبت 26 / 06 / 2021 فيما يواصل المتمردون تطويق المدينة الرئيسية في شمال أفغانستان.

وكانت حركة طالبان قد سيطرت لفترة وجيزة على المدينة مرتين في السنوات الماضية، لكنها الآن استولت على أقاليم محيطة وعلى معبر حدودي مجاور مع طاجيكستان.

وقال مسؤول شؤون اللاجئين في قندوز غلام ساكي رسولي لوكالة فرانس برس إن "قرابة خمسة آلاف عائلة نزحت بسبب المعارك".

وما يصل إلى ألفين من تلك العائلات فرت إلى كابول وولايات أخرى، وفق المسؤول.

والعديد من الناس لجأوا إلى مدرسة في المدينة ووفرت السلطات لهم الطعام ومواد إغاثة أخرى، بحسب العضو في المجلس المحلي لقندوز غلام رباني رباني.

بايدن يدعو الأفغان إلى "تقرير مستقبلهم" مع قرب انتهاء انسحاب القوات الأمريكية

واجتمع الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الجمعة 25 يونيو / حزيران 2021 مع الرئيس الأفغاني أشرف غني ومنافسه السياسي السابق عبد الله عبد الله في البيت الأبيض حيث دعا الأفغان إلى تقرير مستقبل بلدهم مع انسحاب آخر جندي أمريكي بعد حرب استمرت 20 عاما ومواجهة القوات الحكومية صعوبات في وقف انتصارات طالبان.

وجلس بايدن بجوار غني وعبد الله في المكتب البيضاوي ووصفهما "بالصديقين القديمين". وقال إن الدعم الأمريكي لأفغانستان لم ينتهِ بل ستستمر، على الرغم من انسحاب القوات الأمريكية.

وتابع بايدن "ينبغي للأفغان أن يقرروا مستقبلهم وما يريدونه"، مضيفا أن "العنف الذي لا معنى له لابد أن يتوقف".

وقال غني إن قوات الأمن الأفغانية استعادت ست مقاطعات يوم الجمعة. وأضاف أنه يحترم قرار بايدن وأن الشراكة بين الولايات المتحدة وأفغانستان تدخل مرحلة جديدة.

خبراء أميركيون يرون أن سقوط كابول ليس حتميا بعد انسحاب القوات الأجنبية

ومن المحتمل أن تسيطر حركة طالبان على كابول خلال العام الذي يلي مغادرة القوات الأجنبية لأفغانستان، لكن سقوط الحكومة ليس حتمياً إذا تمت قيادة الجيش الأفغاني بشكل جيد، وفق ما ذكر خبراء أميركيون عشية زيارة الرئيس غني إلى البيت الأبيض.

ويثير التقدم العسكري الذي أحرزته طالبان في أفغانستان قلق المجتمع الدولي الذي يخشى أن يستعيد المتمردون زمام السلطة في البلاد، لكن بعض الخبراء الذين تمرست لديهم عدة سنوات من الخبرة في أفغانستان دعوا في لقاء مع وكالة فرانس برس إلى عدم المبالغة في تقدير إمكانيات المتمردين الأفغان.

ونبهوا، في المقابل، من أن الفساد والانقسامات العرقية التي أصابت القوات الأفغانية منحت أفضلية لطالبان التي أطاحت بها عن السلطة الولاياتُ المتحدة في عام 2001 لإيوائها جهاديي القاعدة، منفذي هجمات 11 أيلول/سبتمبر.

وسيطر المتمردون الأفغان على عشرات المراكز الإدارية الأفغانية منذ بدء الانسحاب الذي أمر به الرئيس جو بايدن في أيار/مايو 2021.

وتشير تحليلات جديدة لأجهزة الاستخبارات الأميركية نقلتها صحيفة "وول ستريت جورنال" الأربعاء 23 / 06 / 2021 إلى أن طالبان قد تسيطر على البلاد في غضون 6 إلى 12 شهراً بعد انسحاب القوات الأميركية المتوقع بحلول 11 أيلول/سبتمبر.

ويرى أندرو واتكينز، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية ومستشار الأمم المتحدة السابق في أفغانستان، أنه "من غير الممكن إنكار حجم وسرعة الخسائر بالأراضي التي مُنيت بها الحكومة الأفغانية" لافتاً إلى "أن سقوط كابول ليس وشيكاً. حيث أن طالبان ليست أداة ساحقة لا يتعذر قهرها".

وأوضح أن معظم المقاطعات التي سيطر عليها المتمردون تقع في مناطق ريفية ذات قيمة استراتيجية ضئيلة. وأشار إلى أنه رغم وجود بعضها على طرق رئيسية أو حول مدن كبيرة فإنهم "لن يحاولوا بالضرورة الاستيلاء على هذه المدن في المستقبل القريب".

واعتبر كارتر مالكاسيان، المستشار السابق في البنتاغون، أن فرص استيلاء طالبان على كابول في المدى القريب "ضئيلة" لكن من "الممكن" أن يحدث ذلك خلال عام.

وأضاف "إذا شهدنا سقوط مدن مثل قندهار أو مزار الشريف، حينها سيساورني القلق من سقوط كابول".

وتوقع مبعوث باراك أوباما السابق لأفغانستان جيمس دوبينز من مركز "راند" للدراسات حدوث تصعيد فوري للأعمال القتالية محذراً من أن السكان قد يصابون بالاحباط في حال وقعت المدن الكبرى بقبضة طالبان.

واعتبر أن "طالبان تتمتع بمزايا معينة" خلافا للحكومة المنقسمة "لكن هذه المزايا تخدمهم في الريف حيث يتواجد أنصارهم".

وطرأ تغير على السكان الأفغان منذ التسعينيات، حيث أصبحوا أكثر تمدناً وأفضل تعليماً وأقل عزلة عن بقية العالم بفضل الهواتف المحمولة بشكل خاص، بحسب دوبينز.

وقال إن حركة طالبان "ليس لديها الكثير من المؤيدين في المدن الكبيرة حيث توجد جميع البنى التحتية".

وأوضح "أن كابول أضحت الآن مدينة يبلغ عدد سكانها 5 ملايين نسمة. لم تعد كما كان عليه الحال عندما سيطرت طالبان عليها. أعتقد أنهم سيجدون صعوبة في المحافظة عليها إذا سيطروا عليها".

يتوقف الأمر الآن على قدرة الرئيس الأفغاني أشرف غني في السيطرة على الحكومة وتغلب الجيش الأفغاني على مشاكله المتمثلة في الإحباط والفساد وسوء الإدارة، بحسب واتكينز.

وأضاف أن الجيش الأفغاني محق في التركيز على حماية المدن الكبرى والطرق الرئيسية في البلاد. وحذر من أن "خسائر الحكومة للمناطق سيكون لها تأثير سياسي في نهاية المطاف" مضيفا "هناك مخاطر أن يصاب الجميع بالذعر، من أبسط جندي (...) إلى قمة (هرم) الدولة".

واعتبر واتكينز أنه "يتعين على الجيش الأفغاني إظهار القوة والمرونة كي تتخلى طالبان عن السعي إلى السيطرة على البلاد بالقوة" لافتا إلى أن "الفرصة الوحيدة للحكومة الأفغانية هي إظهار مقاومة تتمتع بقوة كافية لإعادة طالبان إلى طاولة المفاوضات".

ويرى مالكاسيان أن طالبان تفضل عدم خوض القتال من أجل كابول مضيفا "ما يرغبون فيه هو انهيار الحكومة الأفغانية ليتمكنوا من التقدم وسد الفراغ الذي ستتركه، بدلاً من الاضطرار إلى القتال". أ ف ب ، رويترز