ألبوم الفلسطينية البريطانية ريم الكيلاني "لِمَ أحبّها؟" - اتصال عميق بالأرض
ألبوم "لِمَ أحبّها؟" - كثافة عاطفية تجاه فلسطين

تمهيداً لألبومها "هذه الأرض أرضك"، أطلقت ريم الكيلاني أربع أغانٍ في ألبومها القصير "لِمَ أحبّها؟"وهو مُسجَّل بشكل حي ومباشر في قاعة تابرناكِل في لندن البريطانية. التفاصيل مع ريتشارد ماركوس لموقع قنطرة.

"رحلة ذهاب وإياب سيرة ذاتية بين الشرق والغرب وما بينهما": بينما قد تبدو هذه العبارة مثل تصريح مبهم ظاهرياً، إلا أن نظرة سريعة على سيرتها الذاتية تكشف ما تعنيه الكيلاني . وُلِدت ريم الكيلاني في مدينة مانشستر البريطانية، بيد أنها نشأت في الكويت وتعيش في لندن. 

ويبدو أن طريقها إلى الموسيقى كان ملتوياً مثل كل شيء آخر في حياتها. وهي ليست فقط مترجمة أدبية متمرسة، بل أيضاً تخرجت كمتخصصة  مؤهلة في علم الأحياء من جامعة الكويت قبل أن تقرر احتراف الموسيقى.

ومع ذلك، ورغم أنه قد يكون لكل هذا تأثير على خيارات مسيرتها المهنية وحياتها، لا سيما نشأتها في الكويت الليبرالية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، حيث كان من الشائع وجود المطربات وقائدات الفرق الموسيقية، إلا أن تراثها الفلسطيني هو ما استمر بإلهامها والتأثير فيها أكثر من أي شيء. 

وتشكّل مشاريعها الموسيقية السابقة (إصدارها الأول "الغزلان النافرة: أغانِ فلسطينية من الوطن الأم ومن الشتات" وتأليفها المشترك "ابكي فلسطين") مثالاً على هذا الحافز  للغناء حول شعبها.

بالطبع هذا أمر مألوف في العديد من الفنانين الذين يعيشون في المنفى، إلا أن هناك شيئاً مختلفاً قليلاً، أكثر كثافة، في أحاسيس الكيلاني. فكلمات أغنية عنوان الألبوم "لِمَ أحبّها؟" -وتشير "ها" في أحبّها إلى فلسطين- كُتِبت بعد دخولها إلى المشفى بعد عودتها من زيارة أسرتها في فلسطين. ويبدو أنها تمرض في كل مرة تزورها فيها.

الغلاف الإنكليزي لألبوم الفلسطينية البريطانية الغنائي ريم كيلاني "لِمَ أحبّها؟".  (released via bandcamp.com)
"قلبها ترابها...وصدرها... أمي" - تذكّر لغة كيلاني بالطريقة التي يتحدث فيها الأمريكيون الأصليون وشعوب الأمم الأولى [جزء من السكان الأصليين في كندا] حول علاقتهم بأراضيهم التقليدية. فهي ليست مجرد أماكن عاشوا فيها ذات مرة، بل لديهم اتصال عميق مع الأرض، ورؤيتها مُتضررة أو مُساء استخدامها يسبب لهم ألماً جسدياً حقيقياً.

اتصال عميق

"خلال النهار، لا أتمكن من الراحة، وخلال الليل ، لا أستطيع النوم. غالباً ما يراودني إحساس مخدّر بقلق "عامّ عائِم free-floating" ممزوجاً بانزعاج حلو. يزداد شعور النفور عندما أكون في السيارة ليلاً، وأنا أرى القرى والطرق الملتفة مقسّمة بشكل وحشي بكتل المستوطنات، غير القانونية بموجب القانون الدولي".

أغنية "لِمَ أحبّها؟" هي شغف وجمال مطلق. تُفتتح الأغنية بعزف بيانو منفرد مذهل من برونو هاينين وهو في الوقت ذاته قاسٍ ومسكون بالأحاسيس. وفي حوالي ثلث الأغنية تنضم إليه بقية الفرقة (ريان تريبيلكوك على الكونترباص وأنتونيو فوسكو على الإيقاعات) ثم تبدأ الكيلاني بالغناء. وفي حين أن كلمات الأغاني باللغة العربية، فلا يمكن إلا ملاحظة شغف وألم صوتها بينما تتحدث عن شعورها حين تكون في فلسطين.

{"ريم الكيلاني تذكرنا أيضا -من خلال أغنية هذا الألبوم الأخيرة- بأن الموسيقى يمكنها ببساطة أن تكون ممتعة ولا ينبغي عليها دائماً أن تحمل رسالة." - ريتشارد ماركوس}

وتروي غالبية الأغنية كيف أن الظروف التي يعيش في ظلها الناس تخلق أحاسيس اختناق ورهاب احتجاز: "سماؤها ترهبني/هواؤها يخنقني/وصالها يقطعني". بيد أن الجملتين الأخيرتين توضحان، بغض النظر عن أي شيء، مدى حبها لأرض شعبها. "قلبها ترابها...وصدرها... أمي". 

تذكّر لغة الكيلاني  بالطريقة التي يتحدث فيها الأمريكيون الأصليون وشعوب الأمم الأولى [جزء من السكان الأصليين في كندا] حول علاقتهم بأراضيهم التقليدية. فهي ليست مجرد أماكن عاشوا فيها ذات مرة، بل لديهم اتصال عميق مع الأرض، ورؤيتها مُتضررة أو مُساء استخدامها يسبب لهم ألماً جسدياً حقيقياً.

وفي حين لا تقترب أيٌ من الأغاني الثلاث الأخرى في هذا الإصدار في الكثافة العاطفية من أغنية "لِمَ أحبّها؟"، إلا أن الأغاني قوية بالقدر ذاته أيضاً بطرقها الخاصة. فالأغنية الأولى، "أنا البارحة يا سعود"، إشارة إلى نشأتها في الكويت. وبينما كُتِبت من قبل رجل، عبد العزيز البصري، وكان المقصود بها كيف يشعر تجاه محبوبته، إلا أنها اشتُهِرت بصوت مطربتين كويتيتين معروفتين، عايشة المرطة وليلى عبد العزيز.

اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة