إسرائيل: نتنياهو العائد للسلطة يواجه مهمة ترويض اليمين المتشدد

سيحتاج بنيامين نتنياهو إلى كل خبراته بصفته رئيس وزراء إسرائيل الأطول بقاء في السلطة، مع عودته على رأس واحدة من أكثر الحكومات اليمينية تشددا في تاريخ إسرائيل، في مواجهة انقسام في الداخل وقلق واضح في الخارج.

وقال نتنياهو (73 عاما)، الذي أدى اليمين رئيسا للوزراء لولاية جديدة يوم الخميس، إنه سيخدم جميع الإسرائيليين وتعهد بالبناء على الإنجاز الذي تحقق في ولايته السابقة، وهو اتفاقيات إبراهيم مع الإمارات والبحرين التي مهدت الطريق أمام تطبيع محتمل للعلاقات مع دول عربية أخرى.

لكن الاهتمام يتركز بصورة أكبر على تحالفه مع إيتمار بن جفير وبتسلئيل سموتريتش، وهما متشددان قوميان متطرفان أظهرا بالفعل مدى تصميمهما على فرض أجندتهما خلال محادثات مشحونة استمرت لأسابيع لتشكيل التحالف.

بن جفير، الذي تم تصويره في الآونة الأخيرة وهو يلوح بمسدس أمام فلسطينيين في القدس الشرقية، سيشرف على قوات الشرطة كوزير للأمن، في حين أن حزب سموتريتش، الصهيونية الدينية، ستكون له صلاحية غير مسبوقة لتوسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.

وقال نتنياهو أمام الكنيست يوم الخميس قبل أداء اليمين إن "الحكومة الجديدة عازمة على إعادة... الهدوء والأمن لمواطني إسرائيل".

ومع ذلك، فقد أثبت شريكاه استعدادهما لإزعاج الرأي العام السائد في كل شيء بداية من السماح لليهود بالصلاة في حرم المسجد الأقصى إلى المسائل المتعلقة بالهوية الدينية وحقوق المثليين والأقليات.

وبالنسبة لنتنياهو، الذي وصف نفسه في سيرته الذاتية الحديثة بأنه "محافظ لكنه بالتأكيد ليس متطرفا"، من المرجح أن يثير هذان الحليفان تحديات كثيرة في الأشهر المقبلة، حتى أن أقرب حلفاء إسرائيل يراقبون ذلك بقلق.

ومما يزيد الأمور تعقيدا، يواجه نتنياهو نفسه اتهامات بالفساد تشمل تلقي هدايا بشكل غير قانوني ومنح امتيازات تنظيمية مقابل تغطية إعلامية إيجابية.

ويقول نتنياهو إن القضايا ذات دوافع سياسية وينفي ارتكاب أي مخالفات.

أما المنتقدون يرون أن التغييرات المقترحة على نظام العدالة لمنح الكنيست مزيدا من الصلاحيات في تعيين القضاة وعدم الالتزام بأحكام المحكمة العليا هي محاولة للهروب من مشاكله القانونية، رغم احتمال أن يترتب على ذلك تقويض سيادة القانون في إسرائيل.

أثار تعيين بن غفير المتهم بالتحريض ضد العرب ودعم جماعة يهودية متشددة على قوائم الإرهاب وزيراً للشرطة القلق في الداخل والخارج.
أثار تعيين بن غفير المتهم بالتحريض ضد العرب ودعم جماعة يهودية متشددة على قوائم الإرهاب وزيراً للشرطة القلق في الداخل والخارج.

شرارة العنف

حتى بدون التركيز على حلفائه القوميين والدينيين، فإن الأجندة التي تواجه نتنياهو معقدة بدرجة كافية بعد سنة وقعت فيها أسوأ أعمال العنف في الضفة الغربية منذ عام 2015، وكذلك موجة من الاحتجاجات في إيران، عدو إسرائيل اللدود.

ونتنياهو عضو سابق في وحدة من القوات الخاصة وقُتل شقيقه الأكبر، يوني، في أثناء قيادة عملية إنقاذ ركاب طائرة مختطفين في عنتيبي عام 1976. ولا يبدي رئيس الوزراء اهتماما يُذكر بالرؤية القائمة منذ عقود بشأن إقامة دولة فلسطينية بجوار إسرائيل.

وتوقفت المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية برعاية الولايات المتحدة في عهده عام 2014. ويبدو أن استئنافها غير مرجح على نحو متزايد، في وقت يتحدث بعض أعضاء حزب الصهيونية الدينية صراحة عن ضم الضفة الغربية، مما يبدد أي أمل متبق لإقامة دولة فلسطينية.

وكانت الولايات المتحدة، الحليف الأقرب لإسرائيل، حذرة في توجيه انتقادات رغم أن مسؤولين من بينهم الرئيس جو بايدن كرروا بوضوح دعم واشنطن لحل الدولتين.

في الوقت الحالي، بعد خمس انتخابات في أقل من أربع سنوات، لا توجد رغبة كبيرة في إحداث المزيد من الاضطرابات السياسية، لكن التوترات أمام حكومته قد تمثل اختبارا للأغلبية المستقرة فيما يبدو التي فاز بها في انتخابات نوفمبر تشرين الثاني.

وانتصر نتنياهو على عدد لا يحصى من الخصوم، وحدث ذلك في أغلب الأحيان من خلال استمالة قاعدته الانتخابية الأساسية في البلدات والمستوطنات البعيدة عن أضواء تل أبيب البراقة.

هذه المرة، مع تزايد ثقة حلفائه من اليمين المتشدد الذين يبقونه في السلطة، سيتعين عليه تجميع كل خبراته ومواهبه والاستفادة منها باعتباره واحدا من أذكى الشخصيات على الساحة السياسية في إسرائيل للحفاظ على توازنه. رويترز 

 

اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة 

 

توتر حي الشيخ جرّاح تأكيد على مركزية القدس في صراع الشرق الأوسط 

المساواة للإسرائيليين والفلسطينيين في دولة واحدة - فيلسوف إسرائيلي 

أميركا التي تحتاج إليها إسرائيل وفلسطين - تعليق محمد البرادعي

المقاومة الفلسطينية السلمية: مقاومة خلاقة ضد الجدران والأسلاك الشائكة الإسرائيلية 

 "قمع محدق بالفلسطينيين على جميع الأصعدة" - المستشار السياسي خالد الجِندي