إسقاط ثاني مروحية للنظام السوري في أسبوع: بنيران تركية؟ أم صار للمعارضة السورية صواريخ مضادة؟

أُسْقِطَتْ مروحية تابعة للجيش السوري الجمعة 14 / 02 / 2020 في شمال غرب سوريا وقتل طاقمها، في ثاني حادث من نوعه هذا الأسبوع على خلفية توتر متزايد بين أنقرة ودمشق التي تواصل تقدمها في مواجهة فصائل معارضة وجهاديين.

وتشنّ قوات النظام السوري بدعم من حليفها الروسي، هجوما منذ كانون الأول/ديسمبر 2019 في شمال غرب سوريا ضد فصائل معارضة رغم تحذيرات أنقرة، وضد آخر معقل لجهاديين.

والجمعة، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى مقتل ثمانية مدنيين، بينهم ثلاثة أطفال، بسبب القصف. وقتل خمسة من هؤلاء المدنيين بغارات روسية على بلدة معراتة القريبة إلى اتارب في محافظة حلب.

وحققت قوات النظام السوري الذي صار يسيطر على نحو نصف مساحة إدلب، انتصارا جديدا مع استعادتها قاعدة عسكرية كانت خسرتها قبل أكثر من سبعة أعوام في غرب محافظة ادلب. غير أنّ أنقرة والجماعات الموالية لها، تسعى إلى عرقلة هذا التقدّم.

وتبنت جماعة "الجبهة الوطنية للتحرير" مساء الجمعة إسقاط المروحية التابعة لقوات النظام في بيان نشرته على حسابها في شبكة تلغرام. وقالت إنّ "كتيبة الدفاع الجوي (في الجبهة) قامت باستهداف طائرة مروحية لقوات النظام (...) في ريف حلب الغربي وتمكنت من إسقاطها".

ونقلت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري قوله "تعرضت إحدى حواماتنا العسكرية للإصابة بصاروخ معاد في ريف حلب الغربي بالقرب من أورم الكبرى حيث تنتشر التنظيمات الإرهابية المسلحة المدعومة من تركيا". وأضاف أن "ذلك أدى إلى سقوط الحوامة واستشهاد طاقمها" من دون تحديد عدده. 

وكان المرصد السوري أشار إلى مقتل "طيارين" والعثور على جثتيهما. ولم تعلق السلطات التركية على الفور فيما أشارت وكالة أنباء الأناضول إلى الحادث لكن من دون إعطاء تفاصيل.

ومساء الجمعة أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ قوات النظام وفصائل موالية لها "سيطرت على بلدة أورم الكبرى بريف حلب الغربي بعد تمهيد جوي ومدفعي مكثف". وأضاف أنّ المعارك أوقعت 14 قتيلاً في صفوف قوات النظام، بينما قتل 19 مقاتلاً من الفصائل المعارضة. 

 

 

وتنشر تركيا التي تدعم فصائل معارضة في سوريا، قوات في شمال غرب البلاد وأرسلت تعزيزات في الأيام الماضية لوقف تقدم القوات الحكومية السورية.

والثلاثاء أسقطت مروحية تابعة للجيش السوري بصاروخ نسبه أيضا المرصد السوري لحقوق الانسان الى القوات التركية في محافظة إدلب المجاورة لمحافظة حلب.

من جهتها نسبت وسائل الإعلام التركية آنذاك مسؤولية الحادث الى مقاتلين موالين لأنقرة. وتصاعد التوتر بين دمشق وأنقرة التي حضت النظام على وقف الهجوم الذي أطلقه في إدلب والمناطق المجاورة. وهذا الشهر جرت مواجهات غير مسبوقة بين الجنود الأتراك والقوات السورية في شمال غرب البلاد.

وتؤكد دمشق عزمها استعادة كل محافظة إدلب، آخر معركة استراتيجية كبرى لها بعدما باتت تسيطر على أكثر من سبعين بالمئة من أراضي البلاد. وتسيطر هيئة تحرير الشام والفصائل على ما يوازي نصف مساحة محافظة إدلب وأجزاء من المحافظات الثلاث المحاذية لها، حلب وحماة واللاذقية. وتنتشر مجموعات معارضة وفصائل جهادية أخرى أقل نفوذا في هذه المناطق التي تشكل آخر معقل للمعارضة وجهاديين خارج عن سيطرة قوات النظام.

وواصلت قوات النظام السوري تقدمها الجمعة حيث استعادت بعد "معارك عنيفة" فجرا مع الجهاديين وفصائل المعارضة الفوج 46، القاعدة الواقعة على بعد 12 كلم غرب مدينة حلب كما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان.

وأضاف المرصد أن قوات تركية كانت موجودة في تلك القاعدة لكنها انسحبت منها الخميس. وأوضح أن "الاتراك انسحبوا من هذه القاعدة أمس وكان هناك خلال الليل معارك عنيفة مع الفصائل والجهاديين. الأتراك كانوا هناك منذ عدة أيام". يذكر أن قوات النظام خسرت في أواخر العام 2012 نحو 150 عنصراً من قواتها إبان عملية سيطرة الفصائل على الفوج. 

ومنذ كانون الأول/ديسمبر 2019، تركز هجوم قوات النظام على ريف إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي ثم على ريف حلب الجنوبي الغربي المجاور، حيث يمر الطريق الدولي "إم 5" الذي يصل مدينة حلب بالعاصمة دمشق، ويعبر مدناً رئيسية عدة من حماة وحمص وصولاً إلى الحدود الجنوبية مع الأردن.

وكان مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن قال: "الآن النظام بحاجة الى السيطرة على أورم الكبرى وكفر ناها من أجل تأمين حزام أمان لطريق ال م5 دمشق حلب الدولي".

كما ذكر أن "قوات النظام أصبحت أيضا على بعد أقل من خمسة كيلومترات من الأتارب"، أكبر بلدة بريف حلب الغربي تحت سيطرة الجهاديين والفصائل، وأصبحت خالية من سكانها.

وسيطرت قوات النظام على عشرات القرى والبلدات، أبرزها مدينتا معرة النعمان ثم سراقب في ريف إدلب الجنوبي الشرقي. ومنذ كانون الأول/ديسمبر 2019 نزح أكثر من 800 ألف شخص بسبب أعمال العنف في هذه المنطقة بحسب الأمم المتحدة. وقتل أكثر من 380 مدنيا منذ منتصف كانون الأول/ديسمبر 2019 بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وفي إعلان مشترك صدر الجمعة، طلبت أربع دول أوروبية، هي أستونيا وبلجيكا وألمانيا وفرنسا، وقفا فوريا لهجوم الجيش السوري إثر اجتماع غير رسمي عاجل لمجلس الأمن بطلب من هذه الدول.

وقال الإعلان: "نطالب أن توقف الأطراف، وخاصة النظام السوري وحلفائه، فورا هجومهم العسكري، وأن يبرموا اتفاقا حقيقيا ودائما لأطلاق النار، وأن يضمنوا حماية المدنيين وينخرطوا تماما في (الالتزام) بالقانون الدولي الإنساني".

وتسبّب النزاع السوري منذ اندلاعه عام 2011 بمقتل أكثر من 380 ألف شخص، وأرغم أكثر من نصف سكان البلاد الذين كانوا يعدّون أكثر من 20 مليون نسمة قبل الحرب على النزوح أو اللجوء خارج البلاد. أ ف ب 14 / 02 / 2020.