في زمن كورنا: كيف يمكن تبرير وقف أداء فريضة الإسلام الخامسة؟

كيف يمكن للسعودية تبرير إلغائها الحج في فترة الجائحة من الناحية الفقهية؟ الباحثان لينا-ماريا مولر وَ سردار كورناز يجيبان على هذا السؤال لموقع قنطرة.

الكاتب، الكاتبة : لينا-ماريا مولر وَ سردار كورناز

 تتضارب مصلحتان تقعان بحسب الرأي الشرعي الإسلامي ضمن نطاق المصالح التي يجب الحفاظ عليها وحمايتها، أي: الحفاظ على الحياة من خلال فرض تدابير وقائية من فيروس كوفيد-19 والحفاظ على الدين من خلال أداء الحجّ. صحيح أنَّه يجب من حيث المبدأ أن يتم في أحسن الأحوال درء الضرر من خلال قرار وأن يجلب هذا القرار منفعة في الوقت نفسه، ولكن فيما يخص مسألة الحجّ أثناء جائحة كورونا فإنَّ الحلّ المناسب يبدو مستحيلًا. ولذلك يجب أن يتم تقديم درء المفاسد على مصالح الحجّ من أجل درء الضَّرر المذكور والذي لا يمكن التنبؤ بحجمه.

يمكن الاستناد إلى القاعدة الفقهية الثانية من أجل تبرير الإلغاء المحتمل للحجّ هذا العام أيضًا على خلفية التكلفة المالية والتنظيمية الكبيرة التي يتحمَّلها الحجَّاج. فليس جميع المسلمين لديهم الإمكانية لأداء فريضة الحجّ مرة في حياتهم. ولذلك يتم تصنيف الحجّ أيضًا على أنَّه عمل لا يصبح فريضة إلَّا تحت شروط معيَّنة، مثل التمتُّع بصحة جيِّدة أو امتلاك الإمكانيات المالية للسفر.

وعلى الرغم من ذلك فإنَّ المؤمنين في جميع أنحاء العالم يبذلون جهودًا كبيرة من أجل الذهاب إلى موسم الحجّ مرة واحدة على الأقل في حياتهم. من الممكن أن تؤدِّي التكاليف المالية وكذلك الحصول الصعب على تأشيرة الحج - الذي كثيرًا ما يتم من خلال القرعة - إلى عدم تمكُّن المسلمين الذين كان بإمكانهم أداء فريضة الحجَّ في هذا العام من أداء هذه الفريضة في المستقبل.

بيد أنَّ هذا الضَّرر الخاص (الفردي) يجب ألَّا يتم تقديمه على الضَّرر العام. ولكن يجب أن يكون هنا الضَّرر العام الواقع - حتى ضمن نطاق المصالح التي يجب الحفاظ عليها بحسب الرأي الشرعي الإسلامي - واضحًا ويؤثِّر على عامة المسلمين.

قواعد فقهية إسلامية راسخة لدرء الأوبئة

وبما أنَّ هذا الضرر العام يتجاوز من خلال زيادة خطر الإصابة دائرة الحجَّاج أيضًا، فإنَّ المصالح العامة يتم تقديمها على المصالح الخاصة (الفردية). وهنا تقتضي القاعدة الشرعية واجب تجنُّب الضَّرر الأكبر، أي انتشار فيروس كورونا والعواقب الصحية الواسعة النطاق، حتى وإن كانت نتيجة ذلك ضررًا خاصًا فرديًا.

وفي نهاية المطاف من الممكن أيضًا إلغاء فريضة أداء الحجّ، بصرف النظر عن كلتا القاعدتين الفقهيتين، وذلك أيضًا بسبب عدم توفُّر الشروط العامة لرحلة آمنة. وبناءً على هذا لن يتحقَّق أحد الشروط التي تجعل الحجّ فريضة (مثلما حدث في عام 1798 بسبب الحملة الفرنسية على مصر). وبهذا التفسير فإنَّ المملكة العربية السعودية ستكون من خلال إلغاء الحج قد تفاعلت فقط مع الشروط العامة الفقهية المُتغيِّرة، من دون أن تتدخَّل بنفسها في الخطاب.

يبقى أن ننتظر لنرى ماذا ستُقرِّر السلطات السعودية خلال أسابيع وأشهر ما قبل الحج. إذْ من غير الممكن التنبؤ بمدى احتواء جائحة كورونا العالمية، وحتى إن تم التقليل من عدد الإصابات فإنَّ هذا يتطلب بالتأكيد فرض قيود طويلة المدى على السفر والتنقُّل بين دول العالم.

في حالة إلغاء الحجّ، سيكون الضَّرر الشخصي الواقع على الأفراد المؤمنين كبيرًا، ولكن قد تواسيهم حقيقةُ أنَّ مثل هذه الإجراءات البعيدة المدى لها سوابق تاريخية وأساس فقهي.

 

للاطلاع على المقال كاملا الرجاء الضغط هنا

 

 

[embed:render:embedded:node:25013]