إيران الإسلامية في عامها الأربعين - هل تجلس على برميل بارود؟
هل تتحول إيران الخمينية إلى سوريا ثانية؟

اضطرابات مطلع عام 2018: هل كانت فقط نذيراً بزلزال سياسي أكبر مقبل على إيران الخمينية؟ ولماذا قدَّم رجل اعتذاره للإيرانيين عن كل ما كانوا مجبرين على مواجهته في عقود أربعة خَلَتْ منذ الثورة الإسلامية؟ وهو ليس أي رجل، بل إنه مشارك منذ الساعات الأولى في الثورة الخمينية. ولماذا يرسم عن إيران صورة مروِّعة؟ علي صدرزاده يعرفنا بهذا الرجل، ويسلط الضوء على جمهورية إيران الإسلامية في سنَتِها الأربعينية.

عبارات جديدة لعهد جديد. إذا صَحَّتْ هذه القاعدة فمن الممكن القول إنَّ عصرًا جديدًا قد بدأ في إيران. وعلى نحو أدق: مع الاضطرابات التي اجتاحت إيران في بداية عام 2018.

العبارة الجديدة المميِّزة لهذه الحقبة الجديدة هي الـ"سَوْرَنَة". إذا بحثنا عن هذه الكلمة في موقع غوغل باللغة الفارسية، فسنحصل على مئات الموضوعات والمقالات المكتوبة بأقلام مختلف المؤلفين. وأحيانًا يتم استخدام هذا المصطلح من قِبَل المراقبين والمحللين كتنبُّؤ بأنَّ إيران سوف تنزلق من دون شكّ إلى وضع يشبه الوضع في سوريا.

وأحيانًا يتم استخدام هذا المصطلح من قِبَل الإصلاحيين للتحذير من أعمال الشغب والعنف. كذلك يتحدَّث وعلى نحو متزايد بعض الإصلاحيين، الذين يشعرون بخيبة أمل ويقولون إنَّ سَوْرَنَة إيران لا يمكن منعها إلَّا إذا استمر الإيرانيون في التظاهر والمطالبة بالعصيان المدني وتشجيعه.

كما أنَّ كلَّ طرف من هؤلاء المتناقشين يُقدِّم سلسلة من الحجج والتواريخ والحقائق لدعم موقفه، والكثير منها يدعو إلى التفكير وبعضها يثير حتى الخوف والقلق.

يشارك في هذا النقاش خبراء سياسيون وخبراء اجتماعيون مشهورون ومؤثِّرون، بالإضافة إلى الناشطين السياسيين، الذين يبدو أنَّهم يفكِّرون فقط بأهداف تكتيكية وقصيرة الأجل. ومثلما هي الحال دائمًا -عندما تصبح النقاشات ساخنة- فإنَّ أصحاب نظريَّات المؤامرة أيضًا لا يكونون بعيدين عن هذه النقاشات. وبحسب نظريَّتهم فإنَّ كلمة الـ"سَوْرَنَة" قد خلقتها الاستخبارات، وأنَّ النواة الصلبة في مركز السلطة السياسية تستغل الوضع المُروِّع في سوريا كشبح من أجل منع الناس من الاحتجاجات والمظاهرات. هذا إن كان الأمر بهذه السهولة.

مهدي كروبي. Foto: AFP
النذير: "إيران تجلس على برميل بارود"، مثلما كتب مهدي كروبي [2018] من مكان إقامته الجبرية في رسالة مفتوحة موجَّهة إلى علي خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية والرجل الأقوى في إيران: "أعتقد أنَّ الجمهورية الإسلامية لا يمكن إصلاحها إلَّا عندما يتم إجراء انتخابات حرّة في الواقع - من دون اختيار المرشَّحين بشكل مسبق ومن دون تدخُّل من أعلى. وعندما يكون الجميع متساوين أمام القانون، بصرف النظر عن الشخص أو وظيفته".

إيران تجلس على برميل بارود

وبصرف النظر عن مدى الاختلاف في الآراء والدوافع، فإنَّ الجميع يتَّفقون على الأقل في نقطة واحدة: تحت الأرض تختمر الاضطرابات قبل زلزال كبير قد بدأ منذ فترة طويلة، بشكل واضح ومسموع لكلِّ شخص يريد في الواقع الاستماع أيضًا. "جمهورية إيران الإسلامية تجلس على برميل بارود"، مثلما كتب مهدي كروبي قبل فترة قصيرة من مكان إقامته الجبرية في رسالة مفتوحة موجَّهة إلى علي خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية والرجل الأقوى في إيران.

هذه الرسالة المفتوحة من رئيس البرلمان الإيراني السابق، مهدي كروبي، تمثِّل من دون شكّ وثيقةً خالدة لا يمكن أن يتجاهلها في المستقبل أي مؤرِّخ يريد أن يصف كيف نشأت الدولة الثيوقراطية -جمهورية إيران الإسلامية- قبل أربعين عامًا تقريبًا، وكيف تغيَّرت، ولماذا انزلقت أخيرًا إلى طريق مسدود. فقط القليلون كانوا مقرَّبين -مثل مهدي كروبي- من مؤسِّس الجمهورية الإسلامية روح الله الخميني. وقد عيَّنه آية الله الخميني كمنفِّذ شخصي لوصيَّته.

لقد كان مهدي كروبي -حتى بداية الإقامة الجبرية المفروضة عليه إلى لحظة كتابة هذه الكلمات منذ سبعة أعوام- من أقرب المقرَّبين لقادة الجمهورية الإسلامية. والآن يعتذر مهدي كروبي -البالغ من العمر ثمانين عامًا- في رسالته المفتوحة من الشعب الإيراني عن كلِّ ما كانوا مجبرين على مواجهته في العقود الأربعة منذ الثورة الإسلامية. 

في رسالته هذه يكتب مهدي كروبي أنَّ الجمهورية الإسلامية عمرها الآن أربعين عامًا، ويجب على جميع الذين كانوا يقفون أو لا يزالون يقفون على رأسها أن يعترفوا أخيرًا بأنَّهم مسؤولون عن تعاسة البلاد، ويضيف: "وأنا أيضًا مسؤول عن هذه الكآبة والمرارة".

هل يعتبر وصفه القاسي للأوضاع الحالية وثيقة يأس؟ وهل جمهورية إيران الإسلامية لم تعُدْ قابلة للإصلاح؟

اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة