إيران "تُعمِّق" علاقات إسرائيل والعرب - تودد إسرائيلي غير مسبوق في دول الخليج بمواجهة إيران

تقود إسرائيل حملة دبلوماسية علنيّة للتقرّب من دول الخليج، عبر سلطنة عُمان والإمارات، حيث يخيّم قلق مشترك من سياسات إيران، ما يثير مخاوف الفلسطينيين من تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية من دون إيجاد حلّ لقضيّتهم.

وقام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتينياهو (أكتوبر / تشرين الأول 2018) بزيارة رسميّة لم يعلن عنها مسبقاً إلى سلطنة عُمان التي لا تربطها علاقات دبلوماسية بالدولة العبرية، والتقى خلالها السلطان قابوس بن سعيد.

وبعدها بأيّام، زارت وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية المثيرة للجدل ميري ريغيف مسجد الشيخ زايد في أبوظبي بينما ألقى وزير الاتصالات الإسرائيلي أيوب قرا خطاباً في مؤتمر في إمارة دبي، كما تمّ عزف النشيد الوطني الإسرائيلي بحضور ريغيف في بطولة عالمية للجودو في العاصمة الإماراتية.

ومن المقرّر أن يقوم وزير النقل الإسرائيلي إسرائيل كاتز في مسقط الأسبوع التالي بالترويج لمشروع سكّك حديد يربط مدينة حيفا بالخليج ويحيي جزءاً من "قطار الحجاز" التاريخي.

ويأتي ما يبدو أنّه تعزيز علني للعلاقات بينما تدفع الولايات المتحدة باتّجاه فرض عقوبات أشدّ على إيران، وتطالب على غرار إسرائيل بألاّ يكون لطهران أيّ دور في إعادة إعمار سوريا.

وفي المقابل، لم يُخفِ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب علاقاته الوطيدة مع الرياض. ورفض ترامب اتّخاذ موقف حاسم من مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول، في جريمة أضرّت بالصورة الإصلاحية التي سعت المملكة للترويج لها. ولم يصدر أيّ ردّ فعل رسمي سعودي حول الزيارات الرسميّة الإسرائيلية في الخليج.

ومع أنّ حملة التودّد التي تقودها اسرائيل في الخليج تأتي بعد جهود طويلة، يرى محلّلون أنّ الخلاف بين إيران من جهة والولايات المتحدة والخليج وإسرائيل من جهة أخرى، دفع هذه المحادثات قدماً لتصل إلى مستوى علني غير مسبوق.والتقى وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي بن عبدالله الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله حاملا رسالة تتعلق بالزيارة المفاجئة التي قام بها نتينياهو الى عُمان، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية. 

 وبحسب تقارير فإن دول الخليج تُجري، منذ عقود، محادثات سريّة مع إسرائيل، على الأقلّ منذ الثمانينيات. ولكن القادة العرب لم يُقدِموا من قبل على الإعلان عن هذه المحادثات خوفاً من غضب شعوبهم بسبب مواقفها المؤيّدة للقضية الفلسطينية.

غير أنّ انسجام السياسات مؤخّراً بين الدولة العبرية وهذه الدول العربية، خصوصا في ما يتعلّق بإيران، قد يكون شجّع الطرفين على الإعلان عن هذه المحادثات، لا سيّما مع سعي إسرائيل لمنع طهران من تعزيز وجودها في سوريا حيث تدعم الجمهورية الإسلامية قوات رئيس النظام السوري بشّار الأسد في الحرب الأهلية الدائرة هناك.

وتقول إليزابيث ديكنسون من مجموعة الأزمات الدولية إنّ "انسجام السياسات يجعلهم أكثر تقارباً، إن لم تكن (هذه الدول) معاً أساساً". وتضيف لوكالة فرانس برس: "الضغط على إيران وتقليل نشاطها الإقليمي هو الأولوية الأهمّ لإسرائيل ولعواصم خليجية معيّنة. الرياض وأبوظبي وحتى تلّ أبيب، تشعر جميعها أنّه من المهم استغلال الفرصة المتاحة حالياً - التي تقوم فيها الإدارة الأمريكية أيضاً بإعطاء الأولوية لإيران".

وتترافق حملة التودّد مع إمكانية إجراء انتخابات تشريعية في إسرائيل في وقت مبكر العام المقبل 2019، وقد يعزّز تحسين العلاقات مع الدول العربية موقف نتينياهو أمام الناخبين.

ويرى يوئيل جوزنسكي من معهد دراسات الأمن القومي والذي شغل في السابق منصب رئيس دائرة الخليج في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي أنّ "إسرائيل كانت تميل دائماً إلى الإعلان عن مثل هذه الاجتماعات. كان العرب دائماً يتحسّسون للغاية من التصوير بسبب الرأي العام" والقضيّة الفلسطينية.

ولكنه يشير الى أنّ التقارب العلني قد يكون من أجل "تعريف الشارع الخليجي والرأي العام بالروابط مع إسرائيل، حتى لا تكون مفاجأة تماماً عند حدوث شيء. وحتى يفهم الرأي (العام) المنطق: بأنّ إسرائيل ليست العدو". وتابع: "شخص آخر هو العدو. وهذا الشخص الآخر هو إيران".

وبين الدول العربية جميعاً لا تقيم إسرائيل علاقات دبلوماسية كاملة سوى مع الأردن ومصر. وترتبط الدوحة بعلاقات غير رسميّة مع كل من الدولة العبرية وغريمتها اللدودة إيران. وتتشارك قطر مع إيران بحقل غاز. وكان هناك مكتب تمثيل تجاري إسرائيلي في الدوحة حتى عام 2000. وتقدّم الدوحة أيضا مساعدات إنسانية ووقوداً إلى قطاع غزّة المحاصر من إسرائيل.

ووزير الخارجية العماني قال في مؤتمر في المنامة إنّ الوقت قد يكون "حان لمعاملة إسرائيل بالمثل كغيرها من دول الشرق الأوسط" في تصريح دعمته البحرين. وأثار موقف سلطنة عمان مخاوف لدى الفلسطينيين مما وصفه المسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية محمد أشتية بـ "بدء التطبيع العلني ونهاية مبادرة السلام العربية" التي ولدت عام 2002.

وتنصّ مبادرة السلام العربية على إقامة علاقات طبيعية بين العرب وإسرائيل مقابل انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلّتها 1967 وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.

من جهته، اعتبر عمر البرغوثي، أحد مؤسّسي  حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل "بي دي اس"، أنّ "الديكتاتوريات العربية في السعودية والإمارات وقطر والبحرين تتودّد إلى نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) في إسرائيل من أجل كسب ود إدارة ترامب كوسيلة لحماية عروشها المهتزة".

وأضاف: "الفلسطينيون يعتمدون على شعوب المنطقة العربية، بما في ذلك الخليج، وليس على طغاة غير منتخبين لا يرحمون، من أجل الوقوف معنا في كفاحنا من أجل الحرية والعدل والمساواة" (أ ف ب)