اعتداء التطرف اليساري على المساجد في ألمانيا
على ألمانيا حماية مساجدها من الهجمات الانتقامية

الهجمات على بيوت الله الإسلامية في ألمانيا لا ينفذها فقط اليمين المتطرف، بل اليسار الراديكالي أيضاً. فقد تعرضت مساجد تركية في ألمانيا لهجمات عنيفة متكررة، خصوصاً منذ بداية حملة أنقرة العسكرية على مسلحين أكراد في عفرين السورية. آرمين لانغَر يرى في تعليقه التالي لموقع قنطرة أن نزاعات الخارج لا يجوز توريدها إلى ألمانيا، كما لا يجوز إشعال صراعات عسكرية في الدول الأخرى بصادرات الأسلحة الألمانية.

منذ العشرين من شهر كانون الأوَّل/يناير 2018، أي منذ بداية الهجوم التركي على منطقة عفرين الكردية في سوريا، تمت مهاجمة عدة مساجد في ألمانيا تابعة للاتِّحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية (DİTİB) وللجمعية الإسلامية التركية مِلّي غوروش (IGMG): ففي مدينة لايبتسيغ قام أشخاصٌ مجهولون بكسر زجاج نوافذ أحد المساجد، وفي مدينة ميندن أصيب بيت عبادة بأضرار، وفي مدينة كاسل وقع حادثٌ آخر. وفي فرانكفورت تم تلطيخ مدخل مسجد السلطان أيوب بشعار "الانتقام لعفرين".

وهذا الشعار نفسه كتبه الجناة على جدران مركز الجالية التركية في مدينة شتاده الواقعة في ولاية ساكسونيا السفلى. وفي هذا الصدد تصل مرارًا وتكرارًا إلى الجمهور تقاريرُ صحفيةٌ عن انتهاكات جديدة لحرمة المساجد التركية، كان آخرها من مدينة آخن، حيث وقع هجومٌ أثناء الليل في الأوَّل من شهر شباط/فبراير 2018 على مسجد لجمعية ملي غوروش الإسلامية التركية أثناء صلاة الفجر.

هجمات من اليسار واليمين

Betende in einer Moschee der Türkisch-Islamischen Union der Anstalt für Religion (DİTİB); Foto: picture-alliance/dpa
تزايد حدة التوتُّر بين الأكراد والأتراك في ألمانيا: "منذ بداية حملة ’غصن الزيتون‘ يُرفع الدعاء في المساجد التركية بألمانيا من أجل سلامة الجنود الأتراك، وهذا أيضًا دليلٌ على أنَّ الكثيرين من مسؤولي هذه الجمعيَّات وأعضائها يعتبرون أنفسهم في المقام الأوَّل مساندين لحكومة إردوغان وأعمالها الحربية، ولكن ليس كزعماء روحيين للجالية المسلمة في ألمانيا، التي ينتمي إليها أيضًا الكثيرون من منتقدي إردوغان ذوي الأصول الكردية والتركية"، مثلما يكتب آرمين لانغَر.

وبالإضافة إلى الهجمات تم أيضًا إطلاق دعوات لمقاطعة المحلات التجارية التركية المحلية: "أنا أدعو جميع المواطنين ذوي النوايا الحسنة: قاطعوا محلات الأتراك في ألمانيا، لأنَّ سبعين في المائة منهم مُعجبون بإردوغان"، مثلما طالب نائبُ رئيس حزب البديل من أجل ألمانيا (AFD) وعضوُ البرلمان الألماني الاتِّحادي، كاي غوتشالك خلال استقبال للعام الجديد أقامه حزبه في مدينة كريفيلد. وفقط بعد تعرُّضه لانتقادات شديدة سحب دعوته هذه.

بيد أنَّ هذا ليس كلَّ شيء: فالهجمات لا تأتي فقط من اليمين، بل ومن اليسار أيضًا. حيث ظهرت على الموقع الراديكالي اليساري "إنديمديا" رسالة من مجهولين تبنوا فيها الهجومين في مدينتي لايبتسيغ وميندن. وفي هذه الرسالة يدعوا كاتبوها إلى: "مهاجمة مؤسَّسات الدولة التركية وعملاءها الألمان في السياسة والاقتصاد". بيد أنَّ هذا الأمر فيه عيبٌ واحد فقط: إذ إنَّ مساجد الاتِّحاد الإسلامي التركي للشؤون الدينية والجمعية الإسلامية التركية ملي غوروش لا تعتبر في الواقع مجرَّد مرافق تابعة للدولة التركية، بل تعتبر في المقام الأوَّل مؤسَّسات دينية.

وهاتان الجمعيَّتان، اللتان تتبع لهما المساجد المُهاجمة، تُمثِّلان مع ذلك إشكاليةً بحدِّ ذاتهما. ففي العادة لا يتم إلقاء الخطب في المساجد التابعة لهاتين الجمعيَّتين باللغة الألمانية، بل باللغة التركية - وذلك أيضًا لأنَّ الأئمة الموفدين إلى هذه المساجد من جانب مديرية الشؤون الدينية التركية لا يجيدون اللغة الألمانية ولا يعرفون الظروف المحلية هنا في ألمانيا.

اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة