الأردن والسعي إلى اللامركزية
زخم سياسي جديد للمعارضة الإسلامية الأردنية

انتخابات محلية لتحقيق لامركزية حكم أردنية؟ رغم تدني الحماسة الشعبية للانتخابات المحلية الأردنية 2017 إلا أنها أكسبت الإسلاميين وحلفاءهم القبليين زخماً سياسياً. الباحث كيرك سويل يرى أن صلاحيات المسؤولين المحليين غير واسعة بل تفتقر إلى الاستقلالية المادية. لكن من شأن هذه الانتخابات منح المعارضة الإسلامية منبراً، بإمكانها استخدامه لانتقاد الحكومة المركزية، مثلاً: عند حجب الأموال عن المشاريع المحلية.

أجرى الأردن الانتخابات المحلية الأولى في البلاد في 15 آب/أغسطس/ آب 2018، والتي شملت انتخابات مجالس المحافظات والبلديات والمجالس المحلية والاختيارية، وأمانة عمان التي تحكم العاصمة.

وقد سُمِّيت الانتخابات رسمياً "انتخابات اللامركزية" في مسعى لإيجاد حل لتركّز الثروة والسلطة السياسية في العاصمة. بيد أن هيكلية القانونَين اللذين ينظّمان هذه اللامركزية أثارا تشكيكاً لدى الرأي العام انعكس في تدنّي نسبة الاقتراع – التي بلغت 32 في المئة كما أُفيد – ومردّ هذه الشكوك إلى التساؤل حول مدى قدرة هذه الانتخابات على نقل السلطة فعلياً من قبضة الحكومة المركزية.

كما أن تدنّي نسبة الاقتراع جلبت معها تعزيز حظوظ الإسلاميين، ما منح الإخوان المسلمين منبراً ينتقدون الحكومة عبره، الأمر الذي قد يكون له في نهاية المطاف تأثير أكبر من اللامركزية المنشودة.

تشكيك في قانونَي اللامركزية الأردنيَّين

أُقِرّت الهيكلية القانونية للامركزية في العام 2015، عن طريق قانونَين اثنين – قانون اللامركزية الذي ينظّم الانتخابات وسلطات حكومات المحافظات التي أنشئت حديثاً، وقانون البلديات الذي ينظّم المجالس البلدية في العاصمة وسواها من المدن والبلدات.

People walk past election posters on a street in Amman, Jordan, on 06.07.2017 (photo: AP Photo/S. Malkawi)
"غالب الظن أن الانتخابات المحلية 2017 لن تشكّل محطة فاصلة في آلية عمل الدولة الأردنية": يرى الباحث في الشؤون الأردنية كيرك سويل أن من شأن الانتخابات الأردنية المحلية أن تمنح المعارضة الإسلامية منبراً تستطيع استخدامه لانتقاد الحكومة المركزية عندما تُحجَب الأموال عن المشاريع المقترحة للاستثمار الرأسمالي. وفي حال خُصِّصت الأموال اللازمة لهذه المشاريع، بإمكان السلطات المحلية أن تنسب لنفسها الفضل في التنمية التي ستتحقق عن طريق تلك الأموال. في الحالتَين، غالب الظن أن الانتخابات لن تشكّل محطة فاصلة في آلية عمل الدولة، لكنها قد تمنح الإخوان المسلمين صفة المعارضة غير الرسمية التي لطالما كانوا يصبون إليها.

كانت الحكومة تتولى في السابق تعيين المجالس البلدية والمخاتير. وقد روّج المسؤولون للهيكلية الاتحادية الجديدة كوسيلة تتيح للأردنيين أن يكون لهم رأيٌ أكبر في تحديد آلية حكمهم عبر السماح للمسؤولين المحليين المنتخبين بتأدية دور في اتخاذ القرارات حول كيفية إنفاق أموال الاستثمارات الرأسمالية على التنمية.

في يوم الانتخابات، شرح مراد الشنيكات، وهو أستاذ في جامعة البلقاء، عبر أحد البرامج على القناة التلفزيونية الرسمية، بأنه ستكون للمسؤولين المحليين الآن "سلطة واسعة جداً، تحديداً في مجالات التخطيط والنمو والتمويل".

من حيث المبدأ، يبدو أن قانون اللامركزية يمنح المسؤولين المحليين دوراً واسعاً. تنص المادة الثالثة على تشكيل "مجلس تنفيذي" في كل محافظة، برئاسة المحافظ، على أن يكون هذا الأخير مسؤولاً عن الإشراف على تنفيذ "السياسة العامة في الدولة"، والتعامل مع الحالات الطارئة، وحماية الأملاك العامة، مثلاً، كما أنه مخوَّل بالموافقة على نشر القوى الأمنية المحلية مع أنه لا يتمتع بسيطرة أمنية مباشرة.

للمجلس التنفيذي سلطات إضافية، أهمها إعداد موازنة المحافظة ومقترحات للاستثمار الرأسمالي. وينص القانون أيضاً على تشكيل مجالس محافظات جديدة، على أن يتم تعيين 15 في المئة من أعضائها من قبل الحكومة وانتخاب الباقين، وهي تتمتع بسلطات تشريعية وإشرافية تتيح فرض ضوابط على المجالس التنفيذية.

"تفويض السلطة المحلية محدد وأضعف مما تدعيه الحكومة"

غير أن تفويض السلطة المحلية محدَّد على نطاق ضيّق، وتؤشّر ثلاثة عناصر في التشريعات إلى أن دور تلك المجالس سيكون أضعف مما يدّعيه ممثّلو الحكومة.

ففي حين أنه بإمكان المجالس المذكورة إعداد مقترحات للإنفاق الرأسمالي، تبقى السيطرة على الوزارات الأمنية والمدنية على السواء (مثل وزارتَي التعليم والصحة) في قبضة العاصمة.

اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة