كان أحد المتضررين أفكاب حسين، اللاجئ الصومالي سابقا والذي يعيش الآن في كولومبوس بولاية أوهايو. كان أفكاب ينتظر منذ عام 2015 زوجته وأطفاله الصِـغار لينضموا إليه في الولايات المتحدة، لكن قرارات الحظر التي أصدرها ترمب منعتهم من اللحاق به. وعلى هذا فإن دعم ترمب لقانون يدعو السلطات الصينية إلى السماح بإعادة إنشاء الاتصال بين الناس في الصين وخارجها يبدو فارغا زائفا.

يتهم القانون الأميركي حكومة الصين أيضا "باستخدام تهديدات إرهابية واسعة النطاق وذات ارتباطات دولية كذريعة لتبرير فرض قيود شديدة على الأويغور وغيرهم في شينجيانغ والانتهاكات الخطيرة لحقوقهم الإنسانية. لكن أوامر ترمب التنفيذية التي سعت إلى منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة تضمنت فقرات مماثلة.

استشهدت أولى أوامر ترمب التنفيذية بالهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 كمبرر لحظر دخول اللاجئين من إيران، والعراق، وليبيا، والصومال، والسودان، وسوريا، واليمن، على الرغم من غياب أي دليل يشير إلى أن مواطني أي من هذه البلدان، ناهيك عن اللاجئين، شاركوا في تنفيذ هذه الهجمات.

واستمرت النسخ المتكررة اللاحقة من الحظر في الاستشهاد بالإرهاب كمبرر وأساس منطقي. ولكن في الممارسة العملية، منعت إدارة ترمب أفراد الأسرة الواحدة من الانضمام إلى أحبائهم في الولايات المتحدة، وخفضت قبول اللاجئين المستضعفين إلى مستويات متدنية تاريخيا.

 

مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون إلى جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مؤتمر صحفي بالمكتب البيضاوي عام 2019. (photo: Getty Images/AFP/B. Smialowski)
خطوة في الاتجاه الصحيح: ترى كل من آن-ماري سلوتر ووردة خالد أن استعداد الولايات المتحدة لإدانة سلوك الصين وجعله مكلفا يُعَد خطوة في الاتجاه الصحيح، وكذلك توقيع ترمب بالموافقة على قانون يسمح له بفرض عقوبات على مسؤولين صينيين متورطين في احتجاز جماعي لأكثر من مليون مسلم ومسلمة من الأويغور ومن أقليات أخرى ذات أغلبية مسلمة في منطقة شينجيانغ غربي الصين. لكنهما تريان أن من المؤسف أن أفعال ترمب لن تقنع المسلمين على الأرجح إلا بعمق نفاقه، فقد وقّع ترمب على قانون السياسة لحقوق الإنسان للأويغور في ذات اليوم الذي غمرت فيه ادعاءات كتاب مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون موجات الأثير. وفقا لبولتون لم يكن ترمب غير مكترث فقط بحقوق الأويغور بل إنه دأب إلى تشجيع رئيس الصين بقوة على بناء معسكرات احتجازهم. ثم يوجد حظر سفر المسلمين الذي فرضه ترمب شخصيا. كان الحظر الأولي الصادر عام 2017 يمنع جميع اللاجئين والمهاجرين من العديد من البلدان ذات الأغلبية المسلمة من دخول الولايات المتحدة ثم ألغت المحاكم هذا الإجراء وجرى تنقيحه عدة مرات إلى أن جرى إقراره من خلال حشد دستوري.

 

الحق أن التنافر بين احتضان ترمب المتأخر لحقوق الأويغور وكراهيته الواضحة تماما للمسلمين (ما لم يكونوا أمراء سعوديين) يثير تساؤلا أشد عمقا حول من يكون الجمهور النهائي للسياسة الخارجية التي تنتهجها أميركا ــ أو أي دولة أخرى. فمن غير الممكن أن يساور المسلمين العاديين أي شك حول المشاعر التي يكنها ترمب تجاههم، بصرف النظر عن كل ما قد يقوله لحكوماتهم. فليس عليهم إلا أن يتابعوا تغريداته على موقع تويتر أو مؤتمراته الصحافية.

الواقع أن ترمب هو أول رئيس أميركي يستنكف العمليات العادية المرتبطة بصياغة وتصحيح البيانات الرسمية، مفضلا بدلا من ذلك الالتحام بشكل مباشر مع الناخبين الأميركيين ومواطني الدول الأخرى عبر وسائط التواصل الاجتماعي. ولكن على الرغم من تمكنه من حشد جمهور كبير، فقد نجح أيضا في إقصاء وتنفير قطاعات كبيرة من جماهير الناس في أميركا وأماكن أخرى.

تشويه سمعة سكان بلدان بالكامل

ومن الواضح أن إقدام ترمب على تشويه سمعة سكان بلدان بالكامل ــ كما فعل عندما وصف المكسيكيين بأنهم مُـغـتَـصِـبون أو المسلمين بأنهم إرهابيون ــ يخلف صدى أعلى وأطول أمدا من أي تصريحات رسمية صادرة عن البيت الأبيض أو وزارة الخارجية الأميركية.

يتبقى لنا أن نرى ما إذا كانت هذه الانطباعات لتدوم إلى ما بعد رئاسة ترمب. لقد أقر مجلس النواب الأميركي "قانون عدم الحظر"، والذي يقضي بإلغاء حظر سفر المسلمين ومنع استخدام التمييز الديني لمنع المهاجرين. وإذا حلت إدارة أميركية جديدة محل إدارة ترمب بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، فسوف يكون لزاما عليها أن تخاطب حكومات ومواطني الدول الأخرى بصوت واحد ــ وبدون النفاق الصارخ الذي اعتادت عليها الإدارات الأميركية.

 

آن-ماري سلوتر / وردة خالد

ترجمة: إبراهيم محمد علي

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت 2020

 

 

ar.Qantara.de

آن-ماري سلوتر، مديرة سابقة لتخطيط السياسات في وزارة الخارجية الأمريكية (2009-2011)، وهي الرئيسة التنفيذية لمركز الأبحاث "أمريكا الجديدة" New America، وأستاذة للسياسة والشؤون الدولية في جامعة برينستون.

 

وردة خالد، محللة وناشطة في السياسة الخارجية.

 

 

 

 

اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة