نهاية حقبة الرئيس التركي إردوغان؟

إردوغان رئيس تركيا في الحملة الانتخابية.
إردوغان رئيس تركيا في الحملة الانتخابية.

أظهرت استطلاعات الرأي تقدم زعيم المعارضة التركية كمال كيليتشدار أوغلو على الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قبيل انتخابات 14 / 05 / 2023. فهل ينتهي عهد إردوغان؟ تحليل يشار آيدين لموقع قنطرة.

الكاتبة ، الكاتب: Yasar Aydin

تجري الحملة الانتخابية في تركيا على قدم وساق. فالرئيس رجب طيب إردوغان لا يتعب من الإشارة إلى مشاريع البنية التحتية التي تم تنفيذها ومن الإعلان عن المزيد من المشاريع الكبرى. ويهاجم في الوقت نفسه المعارضة التي يقول عنها إنَّها ستخون في حال فوزها في الانتخابات المصالح الوطنية الحيوية وتتجاهل المشاعر الدينية لدى قطاعات واسعة من المواطنين وتوقف الحرب على الإرهاب. يراهن الرئيس إردوغان على استراتيجية مزدوجة: فمن ناحية يَعِدُ بالرفاهية والتحديث ومن ناحية أخرى يثير المخاوف ويستقطب ويشوِّه صورة خصومة.

وبالنسبة له ولتحالفه الانتخابي بات الكثير معرَّضًا للخطر. ويمكن لتحالف الأمة أن يحل محل إردوغان بمرشَّحه كمال كيليتشدار أوغلو ( كمال كليتشدار أوغلو / كمال قلجدار أوغلو / كمال كلجدار أوغلو) ويستحوذ على الأغلبية في البرلمان. وستكون هذه نهاية عهد إردوغان - وربَّما نهاية حياته السياسية بشكل عام أيضًا. وفي حال خسارته الانتخابات فسيواجه هو وعائلته بالإضافة إلى ذلك تهمًا بالفساد.

يبعث زعيم المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو بحملته المبتكرة وخطابه التكاملي الآمال لدى المواطنين الأتراك - حتى بعيدًا عن اليساريين المعتدلين ومؤيِّدي أتاتورك والعلويين. وهو يتعامل بتعاطف مع المواطنين المحافظين دينيًا والقوميين المعتدلين ويكسب ودَّهم.

أزمة العملة والتضخم وضعف القيادة

لا يمكن -من وجهة نظر الكتلة الحاكمة- أن يكون الوضع السياسي الداخلي في تركيا أسوأ مما هو عليه من أجل انتخابات الرابع عشر من أيَّار/مايو 2023 . فقد بلغ معدَّل التضخُّم منذ نهاية عام 2019 خانة العشرات ووصل مؤخرًا إلى أكثر من خمسين في المائة. كما تبلغ نسبة البطالة حاليًا عشرة في المائة، ونسبة البطالة بين الشباب 19.2 في المائة.

 

صورة مُجَمَّعة لمرشحي الرئاسة التركية. Ein Kombibild von den türkischen Präsidentschaftskandidaten: Muharrem Ince, Recep Tayyip Erdogan, Kemal Kilicdaroglu, Sinan Ogan; Foto: Emin Sansar/AA/picture-alliance; Adem Altan/AFP; Burhan Ozbilici/AP/picture-alliance
صراع على منصب رئيس الدولة: يتنافس أربعة مرشَّحين على منصب رئيس الدولة التنفيذي: الرئيس الحالي إردوغان (من حزب العدالة والتنمية) وزعيم المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو (من حزب الشعب الجمهوري) ومحرم إينجه (من حزب الوطن) وكذلك المرشَّح سنان أوغان (من حزب النصر). وإردوغان لا يُعتبر مرشَّحًا مفضَّلًا - فهو يحصل في استطلاعات الانتخابات منذ شهور على أقل بكثير من خمسين في المائة، ومؤخَّرًا على أربعة وأربعين في المائة.

 

ويؤدِّي الانخفاض المستمر في سعر الليرة التركية إلى زيادة أسعار الطاقة، وذلك لأنَّ مصادر الطاقة يجب استيرادها من الخارج. وهذا بدوره يزيد التضخُّم بشكل إضافي، وتنخفض الرفاهية في الكثير من البيوت تمامًا مثلما تنخفض الثقة في الحكومة.

وكذلك تسبَّب سوءُ إدارة الحكومة لكارثة الزلزال في استياء شديد. فالحكومة لم تتمكَّن طيلة أيَّام من حشد ما يكفي من عمَّال الإنقاذ لمنطقة الكارثة ومن توفير -حتى بعد أسابيع- مخيَّمات وأماكن إقامة طارئة لجميع المتضرِّرين.

وتسبَّب في زيادة التوتُّر الكشفُ عن قيام الهلال الأحمر التركي "كيزيلاي" في الأيَّام الأولى بعد الزلزال ببيعه لمنظمة الإغاثة الخاصة "أحباب" الخيام المقاومة للشتاء والتي توجد حاجة ماسة إليها مقابل مليوني وثلاثمائة ألف يورو، بدلًا من تقديمها مجانًا وبأسرع ما يمكن لضحايا الزلزال.

وتؤدِّي تعاسة الوضع الاقتصادي وضعف القيادة في مكافحة الكوارث ونتائج الاستطلاعات السيِّئة إلى زيادة الضغط على الرئيس إردوغان، ويبدو أنَّ قيادة البلاد تزداد توتُّرًا مع كلِّ يوم.

لا توجد أغلبية برلمانية للكتلة الحاكمة

تعتبر الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية، التي دعي فيها من إجل التصويت أربعةٌ وستون مليون ومائتا ألف مواطن تركي -من بينهم ثلاثة ملايين ومائتان وتسعون ألف مواطن في الخارج- هي انتخابات تاريخية؛ لن يتقرَّر فيها فقط مستقبل تركيا بل أيضًا فرص التحوُّل الديمقراطي والازدهار في تركيا.

وأي تغيير محتمل في الحكومة سيكون له أيضًا عواقب على العلاقات الثنائية بين تركيا وروسيا وعلى الحرب الأهلية في سوريا والتوتُّرات في منطقة شرق البحر المتوسط ​​وكذلك على التحالف عبر الأطلسي (الناتو) وعلى التعاون التركي الأوروبي بخصوص اللاجئين.

 

 

كمال كيليتشدار أوغلو ( كمال كليتشدار أوغلو / كمال قلجدار أوغلو / كمال كلجدار أوغلو)  - تركيا. Herausforderer Kemal Kilicdaroglu (Archivbild); Foto: Adem Altan/AFP/Getty Images
نتائج استطلاعات جيدة للمعارضة التركية: يمكن لتحالف الأمة أن يحل محل إردوغان بمرشَّحه كمال كيليتشدار أوغلو ( كمال كليتشدار أوغلو / كمال قلجدار أوغلو / كمال كلجدار أوغلو) ويستحوذ على الأغلبية في البرلمان. يبعث زعيم المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو بحملته المبتكرة وخطابه التكاملي الآمال لدى المواطنين الأتراك - حتى بعيدًا عن اليساريين المعتدلين ومؤيِّدي أتاتورك والعلويين. وهو يتعامل بتعاطف مع المواطنين المحافظين دينيًا والقوميين المعتدلين ويكسب ودَّهم. تمكَّن كمال كيليتشدار أوغلو من زيادة شعبيَّته من أقل بقليل من أربعين في المائة (في آذار/مارس 2023) إلى سبعة وأربعين في المائة. وإذا استمر هذا الاتجاه فبإمكانه إنهاء هذا السباق قبل إردوغان وأن يعمل على تهيئة انطلاقة مواتية له من أجل انتخابات الإعادة. وفي حال فوز كمال كيليتشدار أوغلو في الانتخابات فسيكون هو أوَّل علوي في منصب رئيس الدولة. ويعود الفضل له في توحيد أحزاب معارضة من مختلف الألوان في تحالف انتخابي. ويدعمه أيضًا تحالف العمل والحرِّية الذي لم يُرشِّح مرشَّحًا رئاسيًا خاصًا به.

 

توجد أربعة تحالفات انتخابية تتصارع على الأغلبية البرلمانية: "تحالف الأمة" المعارض الذي يجمع ستة أحزاب جميعها مؤيِّدة لأوروبا، وهي: حزب الشعب الجمهوري CHP الذي أسَّسه أتاتورك وهو حزب كمالي-اجتماعي- ديمقراطي؛ والحزب الجيِّد İYİ وهو حزب منشق عن حزب الحركة القومية MHP توجهاته ليبرالية اقتصادية قومية، والحزب الديمقراطي DP وهو حزب ديمقراطي ليبرالي؛ وحزب الديمقراطية والتقدُّم DEVA وكذلك حزب المستقبل GP - وهما حزبان محافظان-ليبراليان انشق كلٌّ منهما عن حزب العدالة والتنمية؛ وحزب السعادة SP وهو حزب ذو توجهات إسلامية. ويسعى كلٌّ من حزب الشعب الجمهوري والحزب "الجيِّد" القومي إلى العودة إلى النظام البرلماني.

وتظهر استطلاعات الرأي حصول حزب الشعب الجمهوري على نسبة أصوات تتراوح بين سبعة وعشرين في المائة وثلاثين في المائة، والحزب الجيِّد على نسبة تتراوح بين عشرة وثلاثة عشر في المائة. والمرشَّحون من حزب الديمقراطية والتقدُّم وحزب المستقبل وحزب السعادة والحزب الديمقراطي لا يتنافسون بشكل مستقل بل ضمن قائمة حزب الشعب الجمهوري الانتخابية. وبهذا فمن الممكن لتحالف أحزاب المعارضة أن يحصل على ما مجموعه ثلاثة وأربعين في المائة من الأصوات.

ومع مثل هذا التكتُّل سيكون لـ"تحالف العمل والحرية" دور تحقيق الأغلبية. وهذا التحالف يجمع خمسة أحزاب، هي: حزب اليسار الأخضر YSP - وهو خليفة لحزب الشعوب الديمقراطي HDP اليساري المؤيِّد للأكراد، وطبيعته فيدرالية مؤيِّدة للأكراد وليبرالية يسارية إلى حدّ الاشتراكية وينتقد حلف الناتو ولديه جزئيًا توجهات انفصالية. وكذك الأحزاب الاشتراكية أو بالأحرى الشيوعية حزب العمال الاشتراكي TİP وحزب العمال التركي EMEP وحزب الحركة العمالية EHP وحزب عمال تركيا TÖP - وجميعها أحزاب مناهضة لحلف الناتو وبشكل جزئي للاتحاد الأوروبي أيضًا.

و"تحالف الشعب" الذي يقوده حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ بزعامة إردوغان ويضم في كتلته الانتخابية كلًا من حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية MHP اليميني المتطرِّف، وهو حزب مناهض للاتحاد الأوروبي وذو توجه قومي تركي، وحزب الاتحاد الكبير BBP الإسلامي وحزب الهدى Hüda-Par (حزب الله) وكذلك حزب الرفاه الجديد YRP. وفي حين أنَّ الأحزاب الثلاثة المنشقة هي أحزاب مناهضة للاتحاد الأوروبي وتوجهاتها قومية إسلامية، يعتبر حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية حزبين متشكِّكين في الاتحاد الأوروبي ومن العثمانيين الجدد أو بالأحرى لهما توجهات قومية تركية.

وأظهرت استطلاعات الرأي حصول حزب العدالة والتنمية على نسبة أصوات تتراوح بين اثنين وثلاثين في المائة وأربعة وثلاثين في المائة وحزب الحركة القومية على نحو سبعة في المائة فقط - وبهذا فإنَّ تحالف الشعب يتراجع خلف تحالف الأمة المعارض.

 

ملصق من حملة إردوغان الانتخابية في منطقة شيشلي بإسطنبول - تركيا. Ein Wahlplakat von Erdogan verkündet teure Wahlversprechen; Foto: Anne Pollmann/dpa/picture-alliance
وعود انتخابية باهظة الثمن: ملصق من حملة إردوغان الانتخابية في منطقة شيشلي بإسطنبول يَعِدُ الأسر بالغاز مجانًا لمدة عام. يحصل إردوغان في استطلاعات الانتخابات منذ شهور على أقل بكثير من خمسين في المائة، ومؤخَّرًا على أربعة وأربعين في المائة. ولكن لا يجوز التسرُّع في شطب الرئيس الحالي، مثلما يرى يشار آيدين: "أسَّس إردوغان بشكل تدريجي نظامَ حكم فرديًا مصمَّمًا له. واستعمر مؤسَّسات الدولة واستولى على القضاء وأعطى لمنصب رئيس الدولة صلاحيات كبيرة. ومن خلال سيطرته على اللجنة الانتخابية العليا وكذلك على السلطة التنظيمية للإذاعة والتلفزيون والإعلام فإنَّ إردوغان يحدِّد الخطاب العام ويسيطر على الحملة الانتخابية".

 

و"تحالف الأجداد" القومي بقيادة حزب النصر ZP اليميني الشعبوي - وهو حزب منشق عن حزب الحركة القومية وينتقد الاتحاد الأوروبي وتوجهاته قومية تركية ومعادية للمهاجرين. أمَّا الأحزاب الأخرى في هذا التحالف -وهي حزب العدالة AP وحزب بلدي ÜP وحزب التحالف التركي TIP- فيمكن تصنيفها على أنَّها أحزاب ليبرالية محافظة وحتى قومية. ويخوض الانتخابات حزب آخر هو حزب الوطن MP المنشق عن حزب الشعب الجمهوري. وقد رشَّح هذا الحزب الكمالي الاشتراكي الديمقراطي والمؤيِّد لأوروبا مرشَّحًا خاصًا به للانتخابات الرئاسية.

ليس من غير المهم من يفوز بالأغلبية البرلمانية - وذلك لأنَّ الجمعية الوطنية هي التي تسن القوانين وتعدِّلها وتلغيها وتوافق على الميزانية وتقرِّر حول إعلانات الحرب والعمليات العسكرية في الخارج والمصادقة على المعاهدات الدولية. ويمكن للبرلمان بأغلبية الثلثين أن يحلّ نفسه ويحدِّد بالتالي موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية.

وعلى الرغم من ذلك فقد تم من خلال التعديل الدستوري لعام 2017 إضعاف البرلمان بشكل واضح وقُيِّدت إلى حدّ كبير سلطاته الرقابية على السلطة التنفيذية؛ التي لم تَعُد لدى مجلس الوزراء، الذي يتم تشكيله من نوَّاب البرلمان وتتم المصادقة عليه ومراقبته من قِبَل البرلمان، بل إن السلطة أصبحت لدى رئيس الدولة الذي بات بإمكانه أن يحكم البلاد بسلطة كبيرة ويتجاوز البرلمان بمرسوم.

 

اقرأ/ي أيضًا

 

هذا ما تنوي المعارضة التركية فعله إذا فازت بالانتخابات!

هل يخسر حزب إردوغان السلطة بعد زلزال 2023؟

هل تستطيع المعارضة التركية هزيمة إردوغان بعد عقدين في السلطة؟

تقلبات الديمقراطية التركية في قرن بين صعود وهبوط

تقارب تركيا إردوغان وسوريا الأسد

صراع على منصب رئيس الدولة

يتنافس أربعة مرشَّحين على منصب رئيس الدولة التنفيذي: الرئيس الحالي إردوغان (من حزب العدالة والتنمية) وزعيم المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو (من حزب الشعب الجمهوري) ومحرم إينجه (من حزب الوطن) وكذلك المرشَّح سنان أوغان (من حزب النصر). وإردوغان لا يُعتبر مرشَّحًا مفضَّلًا - فهو يحصل في استطلاعات الانتخابات منذ شهور على أقل بكثير من خمسين في المائة، ومؤخَّرًا على أربعة وأربعين في المائة.

 

سوق في إسطنبول - تركيا.  Ein Markt in Istanbul; Foto: olga Ildun/ZUMAPRESS/picture-alliance
تصويت متأثِّر بالوضع الاقتصادي؟ لا يمكن -من وجهة نظر الكتلة الحاكمة- أن يكون الوضع السياسي الداخلي في تركيا أسوأ مما هو عليه بالنسبة لانتخابات الرابع عشر من أيَّار/مايو 2023. فقد بلغ معدَّل التضخُّم منذ نهاية عام 2019 خانة العشرات ووصل مؤخرًا إلى أكثر من خمسين في المائة. كما تبلغ نسبة البطالة حاليًا عشرة في المائة، ونسبة البطالة بين الشباب 19.2 في المائة. يشعر الناس في الأسواق بآثار التضخم. يؤدِّي الانخفاض المستمر في سعر الليرة التركية إلى زيادة أسعار الطاقة، وذلك لأنَّ مصادر الطاقة يجب استيرادها من الخارج. وهذا بدوره يزيد التضخُّم بشكل إضافي، وتنخفض الرفاهية في الكثير من البيوت تمامًا مثلما تنخفض الثقة في الحكومة.

 

بينما تمكَّن كمال كيليتشدارأوغلو من زيادة شعبيَّته من أقل بقليل من أربعين في المائة (في آذار/مارس 2023) إلى سبعة وأربعين في المائة. وإذا استمر هذا الاتجاه فبإمكانه إنهاء هذا السباق قبل إردوغان وأن يعمل على تهيئة انطلاقة مواتية له من أجل انتخابات الإعادة.

أمَّا محرم إينجه فقد حصل على مرتبة متأخرة جدًا - ومن المحتمل جدًا أن يرفض أنصاره دعمه في يوم الانتخابات حتى لا يستفيد من ذلك الرئيس الحالي إردوغان. ومحرم إينجه تحدَّى إردوغان في عام 2018 وخسر أمامه بنحو ثلاثين في المائة من الأصوات في جولة الانتخابات الأولى. وحصل في استطلاعات الرأي مرشَّحُ حزب النصر اليميني الشعبوي سنان أوغان على نحو اثنين في المائة.

وفي حال فوز كمال كيليتشدار أوغلو في الانتخابات فسيكون هو أوَّل علوي في منصب رئيس الدولة. ويعود الفضل له في توحيد أحزاب معارضة من مختلف الألوان في تحالف انتخابي. ويدعمه أيضًا تحالف العمل والحرِّية الذي لم يُرشِّح مرشَّحًا رئاسيًا خاصًا به.

ولكن هذا بدوره يجعله عرضة للنقد وقد أدَّى بالفعل إلى خلافات مع زعيم الحزب الجيِّد ميرال أكشينار. ومن الممكن أن يصبح حزبه حجر عثرة لأنَّ إردوغان ووزراءه يستغلون في وسائل الإعلام هذا الخلاف بين الطرفين.

ويحتاج فوز المعارضة في الانتخابات إلى قدر عالٍ من حشد الطاقات والوحدة والمهارة. وبما أنَّ إردوغان لم تتراجع مرتبته على الإطلاق ولديه فرص جيِّدة للفوز بالسباق الانتخابي فهذا يعود إلى أسباب كثيرة.

لقد فاز رئيس الدولة الحالي إردوغان بجميع الانتخابات السابقة تقريبًا وأسَّس بشكل تدريجي نظامَ حكمٍ فردياً مصمَّمًا له. واستعمر مؤسَّسات الدولة واستولى على القضاء وأعطى منصب رئيس الدولة صلاحيات كبيرة بحيث بات بإمكانه أيضًا من دون موافقة البرلمان تعيين الوزراء والموظفين وكذلك إعادة تنظيم المؤسَّسات والوزارات.

ومن خلال سيطرته على اللجنة الانتخابية العليا وكذلك على السلطة التنظيمية للإذاعة والتلفزيون والإعلام فإنَّ إردوغان يحدِّد الخطاب العام ويسيطر على الحملة الانتخابية.

ولا توجد بالإضافة إلى ذلك حملة انتخابية نزيهة ولا نقاش ديمقراطي حول المحتوى. ومن غير المضمون أيضًا وجود مراقبة نزيهة للانتخابات: فمع التشريع الانتخابي الجديد (القانون رقم 7393) بات بإمكان أي قاضٍ أن يدخل إلى هيئة مراقبة الانتخابات، التي يتم اختيارها بالقرعة. ومن المحتمل أكثر أن يقع القضاة الأصغر سنًا وقليلو الخبرة تحت ضغوطات سياسية.

هل سيتخلى إردوغان عن السلطة؟

والوضع هو كذلك لا سيما وأنَّ المناصب الشابة في القضاء يشغلها بشكل شبه حصري موظفون موالون لحزب العدالة والتنمية. والرئيس لا يُذكَر في القانون الجديد بحيث أنَّه غير ملزم بالقيود السابقة الخاصة برؤساء الوزراء وبإمكانه أن يستخدم بحرِّية الأموال الحكومية من أجل حملته الانتخابية.

يشار آيدين محاضر في الجامعة الإنجيلية في مدينة هامبورغ الألمانية وباحث مساعد ومدير مكتب أحد نوَّاب البوندستاغ (البرلمان الألماني الاتحادي). Yasar Aydin; Foto: privat
Dr. Yaşar Aydın ist Lehrbeauftragter an der Evangelischen Hochschule in Hamburg und Wissenschaftlicher Mitarbeiter und Büroleiter einer Bundestagsabgeordnete. Zu seinen Forschungsgebieten gehören Migration, Internationale Beziehungen, Geopolitik, deutsche Außenpolitik und die Türkei. Neben Fachbeiträgen zu Türkei und Migration schreibt er Kommentare für türkische und deutsche Zeitungen. Zuletzt erschien von ihm die Bücher "Türkei“ (2017) und "Graue Wölfe“ (2022).

وفي المقابل تعتبر نسبة الأغلبية أكثر وضوحًا هنا في ألمانيا التي دُعي فيها للتصويت في هذه الانتخابات مليون ونصف المليون ناخب تركي. ويمكن هنا اعتبار انتصار إردوغان في الانتخابات وتحالفه "تحالف الشعب" أمرًا مؤكَّدًا. وهذا يعود أوَّلًا وقبل كلِّ شيء إلى استفادته من وجوده في منصبه - فرئيس الدولة حاضر أكثر من منافسيه في الحياة اليومية لدى الأتراك الألمان بفضل وسائل الإعلام التركية.

فالأتراك الألمان يرون في تحديث البنية التحتية في تركيا ميِّزةً لإردوغان ولكنهم لا يشاهدون الكثير من عواقب البؤس الاقتصادي في تركيا. ولكن مع ذلك فإنَّ الصورة الإعلامية عن الأتراك الألمان الذين يعيشون في مجتمع ديمقراطي وفي حرِّية وينتخبون حاكمًا فرديًا لا تُنصِف تعقيد مجتمع الهجرة العابر للحدود.

وفوز المعارضة في الانتخابات ممكن - الانتخابات في تركيا حرة حتى وإن كانت غير منصفة. فقد أظهرت مؤخرًا الانتخابات البلدية في عام 2019 أنَّ المعارضة يمكنها الفوز - وذلك أيضًا بفضل المجتمع المدني التركي الذي لم يرضخ لأعمال القمع.

ولكن على الرغم من ذلك فسيجد إردوغان وأتباعه صعوبة في التخلي عن السلطة. وإردوغان مهدَّد في حالة هزيمته في الانتخابات بالمنفى أو السجن، وأتباعه مهدَّدون بخسارة سلطتهم وسمعتهم أو حتى بأن يتم تهميشهم.

وعدم انتخاب إردوغان أمر محتمل وسيتيح المجال لبداية سياسية جديدة. وقد يحتاج التحوُّل الديمقراطي وقتًا طويلًا، وذلك لأنَّ النفوذ القوموي المحافظ في الحكومة والإدارات سيبقى قائمًا على المدى القصير والمتوسط. ومن الممكن أيضًا أن تتبدَّد الآمال بسرعة في تحقيق تقدُّم في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.

 

 

يشار آيدين

ترجمة: رائد الباش

حقوق النشر: موقع قنطرة 2023

‏‪ar.Qantara.de