الباحث الأردني عبيدات: الإبداع يُحارب في العالم العربي من ثلاثة وحوش

أكد أستاذ الفكر في جامعة فرجينيا الأمريكية، الباحث الأردني د. أحمد زهاء الدين عبيدات أن الإبداع يُحارب في العالم العربي من ثلاثة وحوش هي السلطة والجماهير والمعاش اليومي للمبدع، مشدداً على أنه ليس ثمة مكانٍ في الأرض، يتاح فيه الإبداع بكل تسهيل، دون أي من هذه العقبات. لكن زوال واحد منها وحسب، يفتحُ كوّةً كافية للهروب من سجن الاجترار والظلامية.

وأضاف عبيدات في حوار أجراه الزميل معاذ بني عامر، ونشر في الموقع الإلكتروني لمؤسسة "مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث"، أن الإبداع يحتاج إلى الحرية، مذكّراً بأنالإنسان العربي في المشرق لم يحكم نفسه منذ قرابة ألف عام؛ فبعد الحكم العباسي المتهالك، جاء السلاجقة، فالأيوبيون، فالمغول، فالمماليك، فالعثمانيون؛ وكل هؤلاء كانوا قوى عسكرية غاصبة غير منتَخَبَة، ولا شأن لها بالعدالة والشرعية الشعبية، وغايتهم الكبرى الضرائب والإقطاع والجاه والهيلمان والتوسع والنهب والسبايا.

 وحذر من الانخداع ببعض الأوقاف من المساجد والمدارس هنا وهناك، فهم، بحسبه، يضحكون بها على العامة من المتدينين، كما هي الحكومات العربية اليوم.

 وهكذا، يتابع، "جاءت تلك القوى الغاصبة بغير عناية بالآداب العربية والعلوم العقلية، فانحطَّ الشعرُ العربي، وتدهور الاجتهاد والفلسفة، علاوة على تدهور المعاش، فخرج الإنسان العربي أمياً مطلقاً في الغالب".

السلطة والمعرفة

وقال عبيدات: لهذه الأسباب نفهم لماذا لا ينتج العالم العربي المعرفة، ذلك أن الذي لا يملك ثروته في الغالب، ولا السلطة على إدارتها، فكيف به ينتقل للعرض الواضح والنقد المنطقي والتخليق الواقعي في بناء النماذج المعرفية؟  لافتاً إلى أن هذه مراحل لاحقة وبعيدة في الإبداع، لا ينالها إلا من نال معاشه وسلطته أولاً.

ويستدرك عبيدات قائلاً: ومع طوفان الكتب العربية على الشبكة العنكبوتية، من كل الأجناس المعرفية، في السنوات الأخيرة، فإن الأمل معقود على التعلُّم الذاتي، كما يطرحه موقع خرائط المعرفة وغيره، وعلى من يحاربون أميَّتَهُم، وكذلك على من يُعينونَ على معاش المبدعين، بشرط أن تكون غايتهم الإبداعيةُ اشتغالاً (واضحاً منطقياً واقعياً) في (عرض وتجديد وتخليق) سلسلة تطور الوجود (في العلوم الطبيعية والعقلانية والاجتماعية والإنسانية).

وبيّن أن الثقافة في العالم العربي ليست جزءًا من عجلة الإنتاج المعاشي، كما هي في الغرب فناً وأدباً وتقنية وجدالاً لإدارة المجتمع؛ فالمؤرخ العربي يعسُر عليه أن يعيش من كتابه، لأنه يعلم أن بيع 3000 نسخة في عشرة أعوام من كتبه لأمة تفوق 330 مليون لن يوفر له ما يكفي من الطعام؛ فما بالك بالأستاذ الجامعي الذي ينهمك في تدريس أربعة صفوف في الفصل الدراسي، بما فيها من تصليح لمئة أو مئتين من امتحانات الطلبة أكثر من مرة، فلن يجد في الكتب أو البحوث التي ينتجها شيء يعوِّلُ فيها على معاشه، بل ولن يجد الوقت للبحث العلمي. وكذا المهندس العربي في الغالب، لا يجد مستثمرّاً يموِّلُ مخترعاتِه، فيقيم له مصنعاً يسوقها، حتى تندغم فائدة الرأسمالي بمنفعة المهندس المطوِّر للتقنيات. وهذا الاندغام التقني-التجاري بالمناسبة، هو سر ظهور الثورة الصناعية للتحالف الحاصل بين البرجوازية والمتعلمين. (المصدر : ذوات)

 

للاطلاع على الحوار كاملاً يرجى النقر هنا