أوروبيات متزوجات في المغرب.. زواج مصلحة أم حب حقيقي؟

أوروبيات أحببن شبابا مغاربة وارتبطن بهم، فتحولت بعضهن إلى ضحايا نصب واحتيال، لكن البعض الآخر يعيش حياة السعادة والاحترام. الصحافية الهام الطالبي التقت عدداً من النساء الأوروبيات، اللاتي تزوجن في المغرب، وتحدثن عن تفاصيل حياتهن هناك.

الكاتبة ، الكاتب: الهام الطالبي

جعل من حياتي جحيماً في المغرب"، بهذه الجملة تستهل " مارلين" ( اسم مستعار)، وهي سيدة سويسرية مقيمة في المغرب حديثها عمَّا تعيشه من معاناة بسبب زواجها بشاب مغربي.

وتضيف مارلين، البالغة من العمر 55 عاما، وتعيش في مدينة الصويرة جنوب المغرب: "عندما قدمت إلى المغرب، تعرفت عليه وعرض علي المساعدة في إجراءات إنشاء مشروعي، كان في بداية علاقتنا لطيفاً جداً". "أحببته كثيرا...وقبلت الارتباط به، لأني كنت بحاجة لشخص إلى جانبي".

"سأرحل من المغرب"

مباشرة بعد ارتباطهما اكتشفت مارلين جانباً آخر من شخصيته، وبأن الزواج لم يكن بغرض الحب بل كان زواج المصلحة، على حد تعبيرها.

تحكي السيدة السويسرية قصتها قائلة: "لم أعد قادرة على التحمل، كان يشعرني بأن كل ما أملكه هو له، وعندما كنت أرفض منحه المال...كان يسرقني ويكسر كل شيء ويعنفني.. فقررت الانفصال عنه".

كانت مارلين تعتقد أن انفصالها عنه سيضع حداً لمعاناتها معه، وتتابع بنبرة حزينة: "لقد أصبح يقتحم منزلي ويكسر كل شيء.. ويهددني بأنه سيستمر على هذا الحال إلى أن أترك المغرب".

 

"قَدِمت إلى المغرب، لأني أحب هذا البلد لكن لم أجد من يساعدني"

وعن التحديات، التي تواجهها خلال مطالبتها بحقوقها تتحدث مارلين: "أنا لا أتقن اللغة العربية ولا أفهم مضامين الوثائق القانونية وكيف يمكن أن أطالب بحقوقي." وتضيف بنبرة حزينة: "أشعر بالخوف ولا أحد يساعدني ...أنا ضائعة".

استمراره في التضييق عليها وإزعاجها دفعها إلى أن تقرر ترك المغرب، وتختم حديثها بالقول: "قَدِمت إلى المغرب، لأني أحب هذا البلد لكن لم أجد من يساعدني....سأرحل من المغرب بعد أن تدهورت صحتي".

احتيال وعنف

"أندريا" ( اسم مستعار)، من ايرلندا، وتبلغ 45 عاما عانت هي الأخرى من تجربة مشابهة بسبب زواجها من شاب مغربي يبلغ 29 عاما. تقول لنا أندريا: "جئت إلى المغرب للسياحة وتعرفت عليه في مدينة الصويرة، أحببته وكنت أظن أنه يبادلني نفس الشعور وأنه إنسان منفتح يحترم المرأة، وهذا ما دفعني إلى الارتباط به والبقاء بالمغرب".

وتضيف أندريا: "بعد فترة من زواجنا اكتشفت أنه احتال علي مستغلا ثقتي الكبيرة به؛ ليستحوذ على جزء من ممتلكاتي بالمغرب، وعندما طلبت منه إعادتها ضربني".

رفعت أندريا دعوى قضائية للانفصال عن زوجها المغربي ومحاسبته، وتقول في هذا الصدد: "أتمنى أن ينصفني القانون المغربي وتتم محاسبته وأن أسترجع ما استحوذ عليه من ممتلكاتي".

اندماج في المجتمع المغربي

جورجينا، شابة ألمانية تبلغ 35 عاما، متزوجة من شاب مغربي اسمه خالد، وتختلف قصتها عن مارلين وأندريا. فهي تعتبر أن زواجها من خالد ناجح، وتقول في حديثها: "تعرفت على خالد في الجامعة في ألمانيا، عشنا قصة حب دامت أربع سنوات وبعدها تزوجنا".

تعيش جورجينا وخالد بين المغرب وألمانيا، وتضيف "خلال الفترة التي أقضيها في المغرب لا أجد  صعوبات في اندماج بالمجتمع المغربي". وعن أسباب نجاح علاقتهما تقول جورجينا لـ DW عربية: "خالد يحترم ثقافتي وديانتي وأنا أيضا أحترم القيم التي تربى عليها".

أما إدريس فيعيش مع زوجته الفرنسية ألكساندرا في قصبة تاويرت بمدينة ورزازات بجنوب المغرب. علاقتهما مستمرة منذ أكثر من 30 عاما وتقول ألكسندرا: "نختار شخصاً ولا نعرف لماذا اخترنا هذا الشخص، إنه الحب من أول نظرة، وهذا ما حصل لنا، ومن بعد نتأقلم مع ديانته وثقافته بكل حماس".

إدريس المغربي وزوجته الفرنسية ألكساندرا يعيشان حياة سعيدة منذ 30 عاما ولديهما ابنة في العشرين من عمرها
إدريس المغربي وزوجته الفرنسية ألكساندرا يعيشان حياة سعيدة منذ 30 عاما ولديهما ابنة في العشرين من عمرها

"أسباب نجاح الزواج تكمن في الثقة والحب وتقبل الاختلاف الثقافي والديني بينهما"

ومن جهته اعتبر إدريس أن أسباب نجاح زواجهما تكمن في الثقة والحب وتقبل الاختلاف الثقافي والديني بينهما، وأكد: "أحترم ثقافتها وأحب هذا التنوع والاختلاف بيننا، لدينا ابنة في العشرينات من عمرها ونحن سعداء".

واعتبرت سعيدة التواتي، وهي ناشطة حقوقية في الدفاع عن حقوق المرأة بالمغرب، أن ما تعاني منه مارلين وأندريا من عزلة وإحساس بغياب الدعم يرجع إلى أنه ليس لديهن دراية بوجود جمعيات نسائية ومؤسسات، تقدم لنساء مغربيات أو أجنبيات المساعدة بالمغرب.

وأوضحت التواتي أن ذلك راجع إلى أن الزوج  يعمل على عدم اندماج الزوجة الأوروبية في المجتمع المغربي وجعلها تحت سيطرته وبعد وقوع أية مشكلة معه تجد نفسها بمفردها.

وعن الخدمات التي توفرها الجمعيات النسائية لهؤلاء النسوة تجيب التواتي في حوارها مع DW عربية: "تعمل الجمعيات على ارشادهن فيما يخص المسطرة(الإجراءات) القانونية بالمغرب، والترجمة وتوكيل محامٍ للدفاع عنهن وتوعيتهن  لعدم الوقوع ضحايا للنصب والاحتيال".

وأشارت التواتي إلى أن "عدم اتقان هؤلاء النساء للغة العربية وعدم درايتهن بالوضع القانوني والحقوقي بالمغرب، علاوة على تعقيدات المسطرة القانونية بالمغرب تجعلهن يشعرن بالإحباط ويغادرن المغرب".

الاختلاف سبب للنجاح أم للفشل؟

رضا امحاسني، المختص في علم النفس، اعتبر أن فشل بعض الزيجات المختلطة بين رجل مغربي وامرأة أوروبية راجع إلى الهيمنة الذكورية في المجتمع المغربي، وأضاف أنه "عندما تتعرض الزوجة الأوروبية للعنف من طرف زوجها المغربي، بغض النظر عن طبيعة هذا العنف، فهي تلجأ إلى تقديم شكاية ضده لكنها تجد نفسها مطالبة بتقديم شهادة طبية تؤكد تعرضها للعنف، وهذا مختلف تماما عمَّا اعتادت عليه من قوانين تنصف المرأة في بلدها".

ويقول امحاسني إن "بعض الشباب المغربي العاطل عن العمل يعتبر زواجه بامرأة أوروبية أكبر منه سنا فرصة لتلبية حاجياته المادية والعيش حياة أفضل"، موضحا أن مثل هذا الشاب "يمارس دور عامل الجنس تحت إطار مؤسسة الزواج، فهو يقدم لها خدمات جنسية وعاطفية ويطالبها بدفع مقابل مادي". واعتبر المختص في علم النفس أن هذا النوع من الزيجات يحمل في طياته الفشل.

ومن جهة أخرى، يضيف امحاسني أن هناك حالات لزيجات مختلطة بين شباب مغربي وأوروبيات ناجحة وذلك راجع إلى أن الزوجين تمكنا من استثمار الاختلاف الثقافي والديني لتقوية العلاقة بينهما، معتبرا أنها علاقات مبنية على الشراكة والحب وليست زيجات مصلحة.

 

الهام الطالبي - الصويرة/المغرب

حقوق النشر: دويتشه فيله 2019