السعودية وحلفاؤها الخليجيون العرب بقرار الرئيس الأمريكي ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي

ابتهجت السعودية وحلفاؤها الخليجيون العرب لما رأوا فيه انتصارا سياسيا على خصمهم اللدود إيران بعد قرار واشنطن الانسحاب من الاتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية.

وسارعت السعودية والإمارات والبحرين بتأييد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعادة فرض العقوبات على طهران مما يعكس هواجسها إزاء برنامج إيران للصواريخ الباليستية ودعمها لجماعات متشددة.

وكتب فيصل عباس، رئيس تحرير صحيفة آراب نيوز السعودية التي تصدر باللغة الإنجليزية، يقول: "ربما لا تحب باريس ولندن قرار ترامب لكن ماذا سيكون شعور الفرنسيين أو البريطانيين إذا ما تعرضت عاصمتيهما لتهديد مباشر من الإيرانيين؟“ ونشرت الصحيفة عنوانا يقول ”مات الاتفاق“.

وفي مقهى قال زياد، وهو رجل أعمال سعودي، إن القيادة في المملكة كانت على صواب عندما شككت في الاتفاق النووي المبرم عام 2015 والذي خفف العقوبات مقابل تعهد طهران بالحد من برنامجها النووي لمنعها من امتلاك القدرة على صنع سلاح ذري.

وأضاف ”كل يومين لدينا صواريخ من ناحية اليمن ونرى دليلا على أنها مصنوعة في إيران... إنها تتدخل في سوريا واليمن والمغرب. ربما تقبل دول أخرى هذا لكننا هنا في السعودية لا نقبله“.

وبعد نحو ساعة، تردد دوي أربعة انفجارات على الأقل في أرجاء الرياض. وقالت السلطات إنها اعترضت صاروخين باليستيين أطلقا من اليمن حيث يقاتل تحالف تقوده السعودية لإخراج جماعة الحوثي المتحالفة مع طهران من العاصمة وأجزاء كبيرة من البلاد.

*حروب بالوكالة في الشرق الأوسط

والسعودية على خلاف مع إيران الشيعية منذ عقود، وتخوض كل منهما حربا طويلة بالوكالة في الشرق الأوسط وخارجه، بما في ذلك صراعات في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

واتهمت وزارة الخارجية السعودية إيران في بيان بأنها ”استغلت العائد الاقتصادي من رفع العقوبات عليها واستخدمته للاستمرار في أنشطتها المزعزعة لاستقرار المنطقة، وخاصة من خلال تطوير صواريخها الباليستية، ودعمها للجماعات الإرهابية في المنطقة“.

ودعت الوزارة المجتمع الدولي إلى العمل على ”ضرورة معالجة الخطر الذي تشكله سياسات إيران على الأمن والسلم الدوليين بمنظور شامل لا يقتصر على برنامجها النووي، بل يشمل كافة أنشطتها العدوانية بما في ذلك تدخلاتها في شؤون دول المنطقة ودعمها للإرهاب“.

وكتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش على تويتر يقول ”إيران فسرت خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) على أنها موافقة على هيمنتها الإقليمية. إيران المعتدية تشجعت نتيجة لذلك وبرنامجها للصواريخ الباليستية أصبح هجوميا ويمكن تصديره“.

وفي تكرار لموقف الرياض وأبوظبي، دأب ترامب على انتقاد الاتفاق لأنه لا يتصدى لبرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني أو لأنشطتها النووية بعد 2025 أو لدورها في الحروب الإقليمية.

وقال محمد وهو رجل أعمال سعودي آخر ”إنه يدعمنا ليس لأننا السعودية أو لأننا نملك النفط بل لأنه يعتقد أننا على حق“.

وبدت سلطنة عمان، التي أدارت اتصالات سرية بين الولايات المتحدة وإيران مما ساعد على تمهيد الطريق للاتفاق النووي عام 2015، أكثر تحفظا.

وقالت وزارة الخارجية العُمانية في بيان ”أن سلطنة عمان التي تربطها علاقات صداقة وتعاون مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية إيران الإسلامية سوف تستمر في متابعة هذه التطورات وبذل الجهود الممكنة والمتاحة للحفاظ على حالة الأمن والاستقرار، ونعتقد بأن الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية معنيتان بتحقيق السلم والاستقرار في المنطقة وأن خيار المواجهة ليس في مصلحة أي طرف“.

ولم تصدر قطر بيانا بعد، وكان خلاف قد دب بينها وبين السعودية ودول عربية أخرى. واتخذت السعودية والإمارات والبحرين ومصر إجراءات ضد الدوحة من بينها مقاطعة تجارية وقيود على السفر في يونيو حزيران واتهمتها بتمويل جماعات متشددة والتقارب مع إيران. وتنفي قطر الاتهامات.

أنشطة شريرة

وقال كريستيان كوتس أولريخسن، الباحث في شؤون الشرق الأوسط بمعهد بيكر التابع لجامعة رايس ”تسعى الحكومات العمانية والقطرية والكويتية للحفاظ على علاقات براجماتية، اقتصادية أكثر منها سياسية، مع إيران“.

وأضاف ”هناك على الأرجح إحساس بالابتهاج في الرياض وأبوظبي من أن إدارة ترامب- أو على الأقل البيت الأبيض- عاد الآن إلى رأيهما بشأن تهديد إيران للأمن الإقليمي“.

وفي خطابه بالبيت الأبيض، ندد ترامب ”بالأنشطة الشريرة“ التي تمارسها إيران ومنها دعم جماعات مثل حزب الله وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وطالبان والقاعدة، وهي اتهامات تنفيها طهران.

وقال عبد العزيز بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث، ومقره جدة، إن الرسالة كانت مهمة لأنها عكست مخاوف دول خليجية عربية.

وأضاف ”قلنا دوما إن قلقنا بشأن الاتفاق في 2015 هو أن إيران يجب ألا تأخذه كتفويض مطلق للمضي قدما وتوسيع نفوذها الإقليمي“.

وكان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، الذي يتولى أيضا منصب وزير الدفاع، أبلغ قناة (سي.بي.إس نيوز) في مارس آذار بأن بلاده ستطور أسلحة نووية دون شك إذا فعلت إيران ذلك.

واستبعدت إيران التفاوض مجددا على الاتفاق وهددت بالرد، بيد أنها لم توضح ماهية ردها إذا انسحبت واشنطن.

وربما تفعل ذلك بتقويض مصالح واشنطن وحلفائها في الشرق الأوسط بما في ذلك زيادة دعم حركة الحوثي المسلحة في اليمن، مما قد يستتبع ردا عسكريا من السعودية والإمارات.

وقال جوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجموعة الأزمات الدولية ”هناك خطر حقيقي من التصعيد، خاصة بين إيران وإسرائيل. فبينما قد ترغب دول الخليج (العربية) في أن ترى الولايات المتحدة وإسرائيل تحاولان تحجيم إيران، فلا أعتقد أنها (تلك الدول) تريد أن تنجر إلى مواجهة مباشرة. قد تكون العواقب وخيمة“.

وفي اليمن، عبرت معلمة تدعى إيمان طاهر عن مخاوفها من ألا يؤدي قرار ترامب إلا إلى إلهاب الصراعات في المنطقة.

وقالت: "إيران لن تقبل وسترد وستزيد دعمها للحوثيين في اليمن ولحلفائها في سوريا ولبنان". المصدر: رويترز