السنة في إيران ليسوا أفضل حالاً من الشيعة في السعودية

في الوقت الذي تنتقد فيه إيران تهميش الشيعة في السعودية، فإنها تمارس التمييز ضد الأقلية السنية بين الإيرانيين، حيث يتهدد عدد منهم خطر الإعدام. ولا يتعلق الأمر هنا بالمذهب الديني فقط، بل بالانتماء العرقي أيضا.

الكاتبة ، الكاتب: أندرياس غروزفسكي

السنة في إيران ليسوا أفضل حالا من الشيعة في السعودية. ففي الوقت الذي تنتقد فيه إيران تهميش الشيعة في السعودية، فإنها تمارس التمييز ضد الأقلية السنية بين الإيرانيين، حيث يتهدد عدد منهم خطر الإعدام. ولا يتعلق الأمر هنا بالمذهب الديني فقط، بل بالانتماء العرقي أيضا.

التوجه الشيعي في جمهورية إيران الإسلامية هو المذهب الديني الرسمي للدولة. تسعون بالمائة من الإيرانيين هم من الشيعة بينما يمثل السنة نحو عشرة في المئة على الأقل من السكان. أما المسيحيون واليهود وغيرهم فعددهم قليل.

ثمة سجناء سُنّة وجهت إليهم تهم من بينها جرائم ضد الأمن القومي، حسبما تقول الحملة الدولية للسجناء السنة في إيران. يضاف إلى ذلك استخدام تهمة مطاطية مثل "محاربة اللإلاه". ووفقا للحملة الدولية للسجناء السنة في إيران، فإن هؤلاء السجناء يؤكدون أن كل ما فعلوه فقط هو أنهم كانوا يدعون للإسلام السني وينشرون الكتب السنية.

عدم التسامح مع التحول عن المذهب

عندما يتعلق الأمر بالدعوة إلى مذهب آخر يأتي رد فعل رجال الدين الشيعة والمسؤولين وبه نوع من القلق. لايقتصر العقاب فقط على من تحول إلى المسيحية، المعترف بها رسميا، أو إلى البهائية المضطهدة على نطاق واسع. ووفقا لإرادة القيادة الدينية والسياسية الإيرانية فلا يسمح لمذاهب إسلامية أخرى بالانتشار على الطرف الشمالي للخليج العربي.

في السنوات الماضية تكررت استهدافات السلطات الأمنية الإيرانية ضد الصوفيين المسلمين من جماعة غنابادی. وقد تم تدمير عدة مرات أماكن عبادة للمتصوفة، كما اعتقل قادة منهم.

وفي عام 2014 فضت السلطات مستخدمة الغاز المسيل للدموع مظاهرة احتجاجية قام بها 800 شخص من أتباع الجماعة المتصوفة في طهران. ووفقا لما يقوله الصوفيون في جماعة غنابادی، فإن السلطات تريد منع انضمام المزيد من الإيرانيين لهذه الجماعة المسلمة، التي تختلف عن مذهب السنة التقليدي، وكذلك عن المذهب الشيعي.

 

 

وفقا للإحصاءات، كان سابقا في بلاد فارس نحو عشرة آلاف مسجد سني. ويقدر عدد دور العبادة للشيعة بين خمسين ألفا إلى ستين ألفا. وبالنظر لعدد السكان فإن عدد مساجد أهل السنة أكبر من عدد مساجد الشيعة، التي يئم إليها أتباعها. لكن المظهر يخدع، فقد انتقدت منظمة "هيومان رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الإنسان في تقريرها السنوي لعام 2015 قيام السلطات الإيرانية بمنع بناء مساجد سنية في العاصمة طهران.

وذكر اثنان من السنة الإيرانيين للقناة التلفزيونية الفرنسية "فرانس 24" إن السنة في طهران يؤدون الصلاة في قاعات سرية، إذا كانوا لا يريدون الصلاة في مساجد الشيعة.

وأضاف أحدهما إن السلطات خربت على الأقل إحدى هذه القاعات في طهران، وتابع "يعتقد بعض غلاة الشيعة أن السنة في بلد شيعي، ليس لهم الحق في امتلاك أماكن للعبادة".

كما يتم التمييز أيضا في مجالات أخرى. ووفقا لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" فإن الحصول على عمل في الخدمة الحكومية أوالنشاط السياسي أكثر صعوبة بالنسبة لهم. في عام 2003 وجه 18 نائبا برلمانيا من السنة خطابا مفتوحا إلى المرشد الأعلى في البلاد، شكوا فيه من أن أهل السنة يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية. وتساءل النواب، لماذا لم يتم تعيين وزراء أو حكام أقاليم أو سفراء من السنة حتى ذلك الحين!. وفي عام 2015 جرى لأول مرة تعيين سفير سني للبلاد، كما ذكرت وسائل إعلام فارسية.

 

 

الدين والانتماء العرقي

ووفقا للخبير في الشؤون الإيرانية باهمان نيروماند فإنه في كثيرمن الأحيان بالنسبة يلعب الانتماء المذهبي في مسألة الإقصاء دورا أقل من الانتماء العرقي. فمعظم المواطنين السنة في إيران المتعددة الأعراق، هم من الأكراد والتركمان والعرب والبلوش، الذين يعيشون في الأقاليم الحدودية من البلاد. وهناك توجد تحركات قوية نحو استقلاليات ذاتية، في مواجهة للحكومة المركزية في طهران. كما ترى منظمة العفو الدولية، أن الانتماء إلى مجموعة عرقية معينة يشكل أحد الأسباب الرئيسية للتمييز، حيث تكون فرص الأقليات العرقية في المياه والسكن العمل والتعليم أضعف.

ويوضح نيروماند أنه مع وجود خلط لدى الحكومة إلايرانية في التصورات بين الإسلام السني والانتماء العرقي والتطلعات نحو الاستقلاليات الذاتية، فإن طهران تخشى كل تأثير سعودي على أهل السنة الإيرانيين، بنفس القدر مثل تخوفات الرياض من المواطنين الشيعة في المملكة.

 

 

حقوق النشر: دويتشه فيله 2016

الكاتب أندرياس غروزفسكي/ ص.ش