هواجس الحياة والموت والحب في ديوان جديد للشاعر هوشنك أوسي

طوى الشاعر الكردي السوري هوشنك أوسي ديوانه الثامن على خمس وعشرين قصيدة متفاوتة الحجم، متنوّعة المواضيع، عبّر من خلالها عن تفاعله مع أسئلة الحياة والموت، وهمومهُ وشجونهُ في الحب والغربة والانكسارات والخيبات الشخصيّة والعامّة.

عن منشورات مؤسسة "بتانة" في القاهرة، وفي 96 صفحة من القطع المتوسط، صدر ديوان شعري جديد للشاعر الكردي السوري هوشنك أوسي بعنوان: "لا أَزَلٌ إِلاَّ صمتُكِ.. لا أَبدٌ إِلاَّ صوتُكِ"، وهو الديوان الشعري الثامن لأوسي، بعد "كمائن قاطع طريق"، "كأس السُّم: من يوميّات مقاتلة مجهولة"، "قلائد النار الضّالّة: في مديح القرابين"، "أثرُ الغزالة: من يوميّات أيل"، "الكلام الشهيد"، "شجرة الخيالات الظامئة"، "ارتجالات الأزرق".

طوى الشاعر الكردي السوري ديوانه الثامن على خمس وعشرين قصيدة متفاوتة الحجم، متنوّعة المواضيع، عبّر من خلالها عن تفاعله مع أسئلة الحياة والموت، وهمومهُ وشجونهُ في الحب والغربة والانكسارات والخيبات الشخصيّة والعامّة.

الفترة الزمنية التي كتب أوسي قصائدهُ المنشورة في ديوانهِ الجديد تمتدّ بين سنة 2009 ولغاية 2019، وكتبها في أمكنة مختلفة، أثناء تنقلهِ لاجئاً، ثم مستقرّاً مقيماً في بلجيكا، كـ"دمشق، اسطنبول، أثينا، وبروكسل، أوستند، آنتويربن في بلجيكا، والقاهرة.

وأهدى ديوانهُ هذا إلى مقهى "الجريون" ومقهى "زهرة البستان" في القاهرة. ووقّع أوسي ديوانه في جناح مؤسسة "بتانة" ضمن فعاليّات معرض الكتاب الدولي في القاهرة، وذلك نهار يوم 27 يناير 2020.

عناوين القصائد المنشورة في الديوان: "العرّاب والسّاقية"، "الأقاصي"، "الرّبّان الأعمى"، "الشّاكي"، "الغربة وضريحُ العاشق"، "الغريق"، "الغيهب"، "حردُ الغيمة"، "المُرتاد"، "تُحف خلف الزّجاج"، "تلويحة قبّرة"، "تنهيدة غزال"، "بضعُ خرزات"، "عيناكِ والنوروز"، "كأسُ الرّومي"، "ليلةُ الفلكيين"، "كأسُ الشيرازي"، "سبحةُ عزازيل"، "بعد موتي بألف عام"، "خيول محنّطة"، "في مديح الضّجيج"، "في مديح الضجيج – 2"، "قاهرة"، "مقهى الجريون"، "سلّةُ تفّاح وسكّين".

تجدرُ الإشارة إلى أن هوشنك أوسي؛ شاعر وروائي وصحافي كردي سوري، ولد يوم 5/1/ 1976 في بلدة الدرباسية - الحسكة، شمال شرق سوريا. يكتب باللغتين العربيّة والكرديّة. متخصص في الشؤون الكرديّة والتركيّة. نشرت له صحف عربيّة عديدة: الحياة، الشرق الأوسط، القدس العربي، العرب اللندنيّة، المستقبل اللبنانيّة، السفير، الخليج الإماراتيّة، مجلة الشروق الإماراتيّة، معهد العربيّة للدراسات، النشرة العربية لصحيفة لموند ديبلوماتيك الفرنسيّة... ومواقع الكترونيّة عربيّة وكرديّة أخرى.

عمل محرراً للاخبار ومعدّاً للبرامج في قناة (ROJ TV) الكردية. وعمل محرراً في مجلة سورغل الكردية المعنية بالبحث والتحليل والتوثيق.

ترجمت مقالاته الى الانكليزيّة والتركيّة.  شارك في العديد من النشاطات والملتقيات والمهرجانات الأدبيّة والثقافيّة داخل وخارج بلجيكا، كملتقى الرواية العربيّة في القاهرة، وملتقى الرواية في فلسطين سنة 2019.

ترجمت قصائده إلى التركيّة، الانكليزيّة، الفرنسيّة، والهولنديّة.

صدرت له روايتان:

- "وطأة اليقين: محنة السؤال وشهوة الخيال" / دار سؤال / بيروت – 2016. فازت هذه الرواية بجائزة كتارا للرواية العربية، فئة الروايات المنشورة، دورة 2017، وترجمت إلى اللغتين الانكليزية والفرنسيّة.

- "حفلة أوهام مفتوحة" - دار سؤال - بيروت 2018

له روايتان قيد الطبع. ويقيم في مدينة أوستند البلجيكيّة.

 

الشاعر الكردي السوري هوشنك أوسي
الشاعر الكردي السوري هوشنك أوسي

 

من أجواء الديوان:

الغريق

 

عيناكِ حقلا قمحٍ يانعين، ينتظران هبوبي والهطول.

عيناكِ مِديَتانِ من وضحِ التوقِ، تبحرانِ في قلبي، والغربةُ تنعيني إليكِ، يا فردوسَ الكلام، وكلامَ الفردوس.

2

عيناكِ عينا قطّةٍ، أدمى فبراير خيالها والانتظار.

وأنا الغريقُ في الهيامِ، أتوسّلُ غفوةً في رحابِك، والدروبُ إليكِ لهبٌ وحُمّى، وفيضُ قلقٍ شرِس.

بين نهديكِ، يطلقُ الأبدُ ساقيتهُ. وكلُّ صحاري الكون، لا تضاهي ظمأي لك، يا عروساً أتلفَتِ الغيومُ نفسها، في وصفها، والأمطارُ.

3

منساقاً إليكِ، بحرَ حنينٍ وقصائد.

توقي، توقُ الوجودِ للعدم،

وقلبي، يقينُ القُربانِ الماضي نحو حتفِهِ.

لكأنِّيَ الفناءُ، سارداً أقاصيصَ ويلَ غربتي...

لكأنِّيَ عراءُ المجازر..!

يقيناً، أنا قُربانكِ الولودُ، لكأنِّيَ قطوفُ الخناجر!

4

هذا كأسُ جبريل، مترعاً بدمعي، وأنا أناجيك غريقاً في أتونِ عشقكِ مُصطلياً.

هذا كأسُ عزازيل، مترعاً بدمي، وأنا أخطُّ على سدرةِ الأزل، سيرةَ أفوليَ أوطاناً، وقيامتي شعوباً تسبِّحُ بحمدِكِ

يا تيجانَ الأنوثةِ وأكوانَ الغواية.

هذا كأسُ يوسفُ مترعاً بندمهِ على ردّه طلب زليخة.

هذا كأسُ سليمان، مترعاً بحقدهِ عليَّ لأنّك حبيبتي، والهدهدُ مرفرفاً فوقنا والوردُ.

هذا كأسُ أفروديت مترعاً بالغيرةِ والكيد، لأنّك خطفتني من لوثاتي الى فضاءاتكِ.

وهذا كأسي، مترعاً بك..

كلّما قتلني الشوق إليك، تحييني رشفةٌ منه.

5

يخالجني الموتُ متلبّساً عطركِ، فأطير إلى حيثُ تطير الآلهة، تقودها اللّهفة لأن تغدو أوثاناً تحيط بقدّكِ، يا شجيرةَ النسرين.

يخامرني التوهانُ متقمّصاً صوتكِ، فأنشدُ حضنكِ آفاقاً وليالٍ.

تساورني بدائعُ كنوزِكِ، فأداهمكِ كعصفِ الخيالِ ملتاعاً، ناهباً منهوباً، وضراماً من حنين.

إثمي، أنني الغريق. وذنبُكِ أنكِ البحر.

9/9/2011

بروكسل

***

 

مقهى الجريون

 

واهناً مترنّحاً كخيطِ عنكبوت

لم أكن أدري ما تخفيه ليلة القدر لي.

ليلةُ القَدَر، الحبُّ فيها خيرٌ من ألف دهر.

تنزّلت فيها ملائكة العشق وشياطينه

وتعانقت على مذبح الخطيئة الرائعة.

واهناً، مترنّحاً كخيطِ دخان، وبل أكثر.

وإذ بنسمتكِ وبسمتكِ تبدداني.

***

كلُّ قلبٍ مررتِ بهِ، أقفلتهِ على نفسكِ.

على قلوبٍ أقفالكِ.

على أرواحٍ أقفالكِ.

على أجسادٍ ظلالُكِ - أقفالكِ.

مشدوداً إلى أقصاه

كوترِ قرارِ كمانٍ، لا قرار له

انتظركِ في مقهى "الجريون" انتظارَ الكمانِ الفاقدِ قوسهُ.

انتظرتُ وانتظرت...

علَّ ليلة القدر تكتمل

وفبراير يشددُّ الخناق على شهوات القطط.

انتظرتُ... وانتظرت، حتّى ملَّ الانتظار.

خرجتُ من المقهى منكوب الظلّ والصوت

كقطّ شارد، خائبٍ وذليل

يجرُّ خلفه زواريب وأزقّة فبراير ونباحَ الكلاب الحزينة.