العراق - البرلمان يوافق على استقالة حكومة عادل عبد المهدي بعد شهرين من الاحتجاجات ومقتل المئات

وافق مجلس النواب العراقي الأحد 01 / 12 / 2019 على استقالة حكومة عادل عبد المهدي، بعد نحو شهرين من موجة احتجاجات أسفرت عن مقتل أكثر من 420 شخصاً شارك آلاف العراقيين بمسيرات حداد على أرواحهم في محافظات عدة من البلاد.

ويأتي تصويت النواب بعد يومين من إعلان عبد المهدي عزمه تقديم استقالته، في أعقاب طلب المرجعية الدينية الشيعية الأعلى في البلاد من البرلمان سحب الثقة من الحكومة.

وافتتح البرلمان جلسته بعد ظهر الأحد، ووافق على طلب الاستقالة في غضون دقائق، ما يجعل من حكومة عبد المهدي حاليا حكومة "تصريف أعمال"، وفقاً للدستور.

وأعلن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي أنه سيخاطب رئيس الجمهورية برهم صالح لتكليف رئيس جديد للوزراء.

ويشهد العراق منذ مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2019 موجة احتجاجات غاضبة تدعو الى "إسقاط النظام" وتغيير الطبقة السياسية الحاكمة منذ 16 عاماً، والمتهمة بالفساد وهدر ثروات البلاد.

وعلى صعيد متصل، أصدرت محكمة عراقية الأحد حكمًا هو الأول بحق ضابط في الشرطة أدين بقتل متظاهرين في مدينة الكوت جنوب بغداد، وفقا لمصدر قضائي.

وأفاد المصدر وكالة فرانس برس أن المحكمة الجنائية أمرت بإعدام رائد في الشرطة شنقاً، بينما قضت بسجن آخر برتبة مقدم سبع سنوات، بعد دعوى مقدمة من عائلتي قتيلين من أصل سبعة سقطوا بالرصاص الحي في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر 2019 في الكوت، عاصمة محافظة واسط.

وقبل ساعات من انعقاد جلسة البرلمان الأحد، قُتل متظاهر آخر بالرصاص في وسط بغداد، وفقا لمصدر طبي.

ورغم تواصل الاحتجاجات منذ شهرين في بغداد ومدن جنوبية عدة، لم تشهد المناطق ذات الغالبية السنية احتجاجات خشية التعرض لاتهامات من قبل السلطات بدعم "الإرهاب" أو اعتبارها من مؤيدي نظام الرئيس السابق صدام حسين. وتحولت الاحتجاجات إلى مسيرات حداد شاركت فيها مدن ذات غالبية سنية بينها الموصل، بشمال البلاد.

واستعادت القوات العراقية السيطرة على مدينة الموصل في تموز/يوليو العام 2017، بعد ثلاث سنوات من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية الذي خلف فيها دماراً.

وخرج مئات الطلاب صباح الأحد يرتدون ملابس سوداء في تظاهرة حداد داخل حرم جامعة الموصل. وقالت طالبة طب الأسنان زهراء أحمد إن "هذا أقل ما يمكن أن نقدمه من الموصل لشهداء ذي قار والنجف"، المدينتان اللتان سقط فيهما حوالى 70 قتيلا من المتظاهرين خلال الأيام الثلاثة الماضية. وأضافت أن "المتظاهرين يطالبون بحقوق أساسية، وكان يجب على الحكومة أن تستجيب منذ البداية". بدوره، قال الطالب في كلية التربية حسين خضر الذي كان يحمل بيده علم العراق "نحن موجودون وكل العراق موجود. وعلى الحكومة الآن أن تستجيب لمطالب المتظاهرين".

وفي محافظة صلاح الدين ذات الغالبية السنية شمال بغداد، لم تخرج احتجاجات خلال الأسابيع الماضية، لكن حكومتها المحلية أعلنت الحداد لمدة ثلاثة أيام على أرواح ضحايا الجنوب. وعلى الصعيد نفسه، أعلنت ثماني محافظات جنوبية، ذات غالبية شيعية، الحداد وتوقف العمل في الدوائر الحكومية الأحد.

في هذه الأثناء، واصل محتجون التظاهر في جميع المدن الجنوبية، وفقا لمراسل فرانس برس، معتبرين أن استقالة رئيس الوزراء لا تمثل رحيلاً كاملاً للنظام السياسي الذي نصبته الولايات المتحدة بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003، وتسيطر عليه إيران.

وأصبح تغيير الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد وتبخر ما يعادل ضعف الناتج المحلي للعراق الذي يعد بين أغنى دول العالم بالنفط، مطلباً أساسيا للمحتجين الذين يرددون اليوم في كل المدن رفضهم بقاء "الفاسدين" و "جميع السياسيين" الحاليين.

مثلت المواجهات التي شهدتها مدينة النجف المقدسة لدى الشيعة، حيث أطلق الرصاص الحي ضد متظاهرين مساء الأربعاء قاموا بحرق مبنى القنصيلة الإيرانية هناك، تحولاً في مسار الاحتجاجات. ومنذ الخميس، قتل أكثر من 20 متظاهراً في النجف، برصاص مسلحين يرتدون ملابس مدنية مسؤولين عن حماية قبر أحد رجال الدين الشيعة. لكن المحتجين تمكنوا رغم ذلك من إضرام النار في قسم من المبنى، وفقا لشهود عيان.

وقتل أكثر من 40 من المحتجين في مدينة الناصرية، خلال يومي الجمعة والسبت، وفقاً لمصادر طبية وأمنية. ورغم القمع تواصلت التظاهرات في الناصرية، عاصمة محافظة ذي قار المعروفة بتقاليدها العشائرية. وتدخلت العشائر، بعد إقالة قائد عسكري أرسل من بغداد للسيطرة على التظاهرات، لدعم قوات الأمن منعًا لوقوع فوضى فساعدت في تأمين تجمع المحتجين وسط المدينة.

 

 

المحتجون بالعراق يحرقون مدخل ضريح بمدينة النجف

وقالت الشرطة ومتظاهر إن المحتجين أضرموا النار في مدخل ضريح بمدينة النجف المقدسة بجنوب العراق يوم السبت 30 / 11 / 2019 وإن قوات الأمن ردت بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم وذلك في تطور يهدد بمزيد من سفك الدماء بعد يوم هادئ.

وأرسل متظاهر تسجيل فيديو لرويترز يظهر اشتعال النار بمدخل ضريح الحكيم بينما يهلل المحتجون ويصورونه بهواتفهم المحمولة. ولم يتسن لرويترز التحقق من التسجيل على نحو مستقل.

جاء الحادث خلال واحد من أشد الأسابيع دموية في الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي اندلعت الشهر الماضي. ووعد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي يوم الجمعة بالاستقالة والسعي لوقف العنف وتهدئة غضب الناس.

واستمرت المظاهرات في مواقع أخرى منها بغداد ومدينة الناصرية بجنوب العراق حيث حاصر المحتجون مركزا للشرطة.

وذكرت الشرطة أنه جرى الإبلاغ عن عدد قليل من الإصابات مقارنة باليومين السابقين عندما قتل عشرات بالعاصمة وبجنوب البلاد في اشتباكات مع قوات الأمن.

وجاءت استقالة عبد المهدي بعد ساعات من دعوة المرجعية الدينية العليا لشيعة العراق الحكومة للتنحي لإنهاء الاضطرابات الدامية المستمرة على مدى أسابيع. 

وتفاقمت الأزمة إثر إحراق القنصلية الإيرانية بالنجف يوم الأربعاء. والاضطرابات التي أسفرت عن مقتل أكثر من 400 شخص معظمهم من المتظاهرين هي أكبر أزمة تواجه العراق منذ سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مساحات واسعة من الأراضي العراقية والسورية في 2014. واستخدمت قوات الأمن الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت ضد المحتجين على مدى نحو شهرين وسقط عشرات القتلى في الأيام القليلة الماضية وبخاصة في مدينتي الناصرية والنجف بالجنوب.

وفي جنازة محتج قُتل هذا الأسبوع في النجف قال أحد المشيعين: "هذا الرجل كان يحتج حاملا علم العراق وزهرة، قُتل بالرصاص، مات فداء للأمة".

وقال رئيس الوزراء في اجتماع الحكومة الذي أذاعه التلفزيون إن حكومته، بمن فيها هو، ستظل في السلطة بعد تصويت البرلمان حتى اختيار حكومة جديدة. وأضاف أن الرئيس برهم صالح سيرشح رئيسا جديدا للوزراء ليطرح على البرلمان للموافقة عليه.

ورحب المحتجون العراقيون بالاستقالة لكنهم يقولون إنها ليست كافية ويطالبون بإصلاح نظام سياسي يرون أنه فاسد ويبقيهم في حالة فقر ويحجب عنهم أي فرص. أ ف ب ، رويترز