العراق - مقتل 40 في أول أيام موجة الاحتجاج الثانية بعد مقتل 157 في وقت سابق من أكتوبر 2019

- الحكومة تجد صعوبة في التعامل مع الاستياء الشعبي المتزايد

- التوتر يشكل أكبر تحد لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي

- المحتجون يشكون من الفساد وصعوبات المعيشة

- معاناة من نقص الماء النظيف والكهرباء والرعاية الصحية

 

قالت مصادر أمنية إن ما لا يقل عن 40 محتجا قتلوا في العراق يوم الجمعة 25 / 10 / 2019 عندما استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع وفتحت جماعة شيعية مسلحة النار لمحاولة قمع مظاهرات متجددة على الفساد والمصاعب الاقتصادية.

وقالت مصادر بالشرطة إن ضابط مخابرات وعضوا في جماعة عصائب أهل الحق القوية قتلا في اشتباك مع محتجين في مدينة العمارة بجنوب البلاد.

وقالت مصادر طبية والمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق إن ما يربو على 2000 شخص أصيبوا على مستوى البلاد عندما خرج المتظاهرون إلى الشوارع للتعبير عن الإحباط من النخب السياسية التي يقولون إنها فشلت في تحسين مستوى حياتهم بعد سنوات من الصراع.

وقال علي محمد (16 عاما) الذي غطى وجهه بقميص منعا لاستنشاق الغاز المسيل للدموع "مطالبنا أربعة.. الوظائف والمياه والكهرباء والأمن. هذا كل ما نريده".

ودوت صفارات الإنذار وسقطت قنابل الغاز المسيل للدموع وسط مجموعات من المتظاهرين الشبان يتدثرون بالعلم العراقي ويهتفون "بالروح بالدم نفديك يا عراق".

وهذه ثاني موجة عنف كبرى هذا الشهر. وخلفت سلسلة من الاشتباكات قبل أسبوعين بين المحتجين وقوات الأمن 157 قتيلا وما يربو على 6000 جريح.

وانهت الاضطرابات نحو عامين من الاستقرار النسبي في العراق الذي عانى من الاحتلال الأجنبي والحرب الأهلية وتمدد تنظيم الدولة الإسلامية بين عامي 2003 و2017. وتمثل الاضطرابات أكبر تحدٍّ للأمن منذ إعلان هزيمة الدولة الإسلامية.

وقالت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق يوم الجمعة إن ثمانية محتجين قتلوا في بغداد. وقالت مصادر أمنية إن خمسة منهم على الأقل كانوا متظاهرين أصيبوا بقنابل الغاز المسيل للدموع في بغداد.

وفي الجنوب، قالت مصادر أمنية إن ما لا يقل عن تسعة محتجين لاقوا حتفهم عندما فتح أعضاء جماعة عصائب أهل الحق المدعومة من إيران، والذين يحرسون المقر المحلي للجماعة في مدينة الناصرية، النار بعد أن حاول المحتجون إحراق المقر.

وقالت مصادر بالشرطة إن ثمانية أشخاص قتلوا في مدينة العمارة بينهم ستة متظاهرين وعضو واحد في جماعة عصائب أهل الحق وضابط مخابرات. وقالت مصادر أمنية إن ثلاثة محتجين على الأقل في البصرة وواحدا في الحلة وواحدا في السماوة قتلوا.

وقالت مصادر بالشرطة والمشرحة إن 12 محتجا في مدينة الديوانية لاقوا حتفهم عندما حوصروا في مبنى محترق. والمبنى الذي يضم فيلق بدر المدعوم من إيران أحرقه محتجون فيما يبدو دون علم بوجود آخرين بالداخل.

وقال خالد المهنا المتحدث باسم وزارة الداخلية إن 68 على الأقل من أفراد قوات الأمن أصيبوا أيضا. وتحاول الحكومة جاهدة تهدئة غضب المحتجين منذ اندلاع التوتر الذي شابه العنف في بغداد في الأول من أكتوبر / تشرين الأول 2019 ثم امتد إلى المدن الجنوبية. ويتهم المحتجون المسؤولين الفاسدين والنخبة السياسية بالفشل في تحسين أوضاعهم المعيشية.

ويشكل التوتر الراهن أكبر تحد لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي منذ توليه السلطة قبل عام فقط. وعلى الرغم من تعهده بإصلاحات وإجراء تغيير وزاري واسع النطاق فإن رئيس الوزراء لا يزال يجد صعوبة حتى الآن في تهدئة غضب المحتجين المتصاعد.

فقر رغم الثروة النفطية: برغم الثروة النفطية الهائلة للبلد العضو في أوبك، يعيش كثيرون من العراقيين في فقر ولا يحصلون على المياه النظيفة أو الكهرباء أو الرعاية الصحية الأساسية أو التعليم اللائق في وقت تحاول فيه البلاد التعافي من سنوات الصراع والصعوبات الاقتصادية.

وينظر كثيرون من العراقيين إلى النخبة على أنها خاضعة للولايات المتحدة أو إيران حليفي العراق الرئيسيين. ويظن كثيرون أن هاتين القوتين تستخدمان العراق لمواصلة الصراع على النفوذ في المنطقة عبر وكلاء دون الاهتمام باحتياجات الناس العاديين.

وقال متظاهر يدعى صلاح محمد: "امبارح (أمس) بالليل ضربونا واليوم الصبح ضربونا. ما عندنا اليوم أي مطالب. نريد إسقاط الحكومة". وأضاف: "إيران تأخذ أحزابها وتروح وأمريكا تأخذ أحزابها وتروح. والشعب يقرر".

وفي مدينة البصرة بجنوب البلاد، أظهرت لقطات لرويترز المحتجين يشتبكون مع قوات الأمن التي أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية وقوبلت بالرشق بالحجارة على سياراتها. وقام الشبان بنقل المصابين وأضرم محتجون النار في سيارات الشرطة.

وبدءا من الساعة الثامنة مساء فُرض حظر التجول إلى حين إشعار آخر في محافظات الجنوب في البصرة والمثنى وواسط وبابل وذي قار بعد إحراق المحتجين مكاتب لنواب ومقار أحزاب سياسية وجماعات مسلحة شيعية. ويمثل تعامل الحكومة وقوات الأمن مع احتجاجات يوم الجمعة اختبارا لاستقرار البلد.

غضب من النخبة: قال عبد المهدي في كلمة ألقاها في وقت متأخر الخميس إن انهيار الحكومة سيزج بالعراق في مزيد من الفوضى. ودعا الزعيم الأعلى لشيعة العراق آية الله العظمى علي السيستاني، الذي انتقد تعامل الحكومة مع المحتجين في الأسابيع القليلة الماضية، جميع الأطراف إلى الهدوء وذلك خلال خطبة الجمعة اليوم.

وفي بغداد، اعتقد كثيرون من المتظاهرين في البداية أن السلطات ستمتنع عن استخدام العنف بعد أن قتلت قوات الأمن عشرات المحتجين في وقت سابق من هذا الشهر. وحاول المئات طوال اليوم التوجه إلى المنطقة الخضراء المحصنة في المدينة والتي تضم مباني حكومية وسفارات أجنبية عندما أوقفتهم قوات الأمن.

وبعد الظهر، تبدل الوضع وتدثر آلاف المتظاهرين الغاضبين بالعلم العراقي تحت المطر الغزير وهم يهتفون بأنهم سلميون ويصفون القادة السياسيين بالفاسدين. وعند اندلاع الاشتباكات، نقلت عربات التوك توك الجرحى إلى المستشفيات لتلقي العلاج طوال اليوم. وقالت مصادر طبية لرويترز إن مئات الأشخاص تلقوا العلاج من إصابات معظمها بسبب التعرض للغاز المسيل للدموع. رويترز 25 / 10 / 2019