القاضي السابق والصحفي الألماني تودينهوفر: "لا عذر للإرهاب ولكن الإسلام ليس سبب الإرهاب بل حروب الغرب وخاصة حرب العراق التي أدت إلى تأسيس داعش"

بعد يوم من هجمات باريس التي قُتِل فيها 130 شخصاً نشر القاضي السابق والصحفي الألماني يورغين تودينهوفر على صفحته في فيسبوك التالي باللغة الألمانية:

https://www.facebook.com/JuergenTodenhoefer/posts/10153335243745838:0

حروبنا هي سبب الإرهاب وليس الإسلام

الأصدقاء الأعزاء، إنَّ مَنْ لديه قلب، ينشغل فكره اليوم بضحايا باريس. ويحزن ويبكي مع أسرهم. فالقتل له وجه واحد فقط، بصرف النظر عمَّن يرتكبه. اليوم أنا فرنسي.

لا يمكن أن يكون هناك أي عذر للإرهاب، ولكن هناك أسباب. والإسلام ليس سبب إرهاب تنظيم "الدولة الإسلامية"، بل إنَّ سببه حروب الغرب، وخاصة الحرب التي شنها جورج دبليو بوش على العراق، والتي أدَّت في شهر تشرين الأوَّل/أكتوبر 2003 إلى تأسيس تنظيم "الدولة الإسلامية".

يجب علينا ألَّا ننسى أنَّ الغرب قد ارتكب جرائم قتل في منطقة الشرق الأوسط منذ عقود من الزمن. لقد قام الغرب بتعذيب وقتل ملايين المسلمين، نساءً وأطفالًا. وفي الحقيقة إنَّ معظم الغربيين لم يهتموا بذلك قطّ. لقد كان هؤلاء الضحايا هناك فقط من المسلمين. وفي كلِّ يوم لا يزال الأمريكيون والروس والفرنسيون يقتلون في سوريا حتى يومنا هذا أعدادًا لا تحصى من المدنيين. فهل نحزن عليهم؟

لقد بذر الغرب بذار الحرب في الشرق الأوسط. والآن ها هي الحرب تعود إلى أوروبا. ونحن لا نعترف بأنَّ هذا هو عنفنا الذي نقذفه فيرتد إلينا من جديد. لقد تنبَّأ جان بول سارتر بذلك قبل عقود من الزمن. وفقط عندما نُحَلِّل دور الغرب تحليلاً صحيحًا، فعندئذ يمكننا كسر سلسلة العنف والعنف المضاد غير المتناهية.

فرنسا ليست ألمانيا. الحكومة الفرنسية لديها في الشرق الأوسط ماضٍ مظلم بشكل خاص: كدولة استعمارية وكعدو عسكري. أمَّا ألمانيا فليست كذلك. وعندما كان الأمر يصل إلى حدِّ التدخُّل العسكري في العالم الإسلامي، كانت فرنسا دائمًا في المقدِّمة. لقد قتل الفرنسيون مليون شخص جزائري (ملاحظة من المترجم: في الواقع يزيد عدد ضحايا الإرهاب الفرنسي بحقِّ الجزائريين عن مليون ونصف المليون قتيل). وفي قناة السويس وفي ليبيا وفي مالي وفي العديد من البلدان الأخرى - كانت القوَّات الفرنسية تضرب بوحشية.

وعلاوة على ذلك فقد فشلت سياسة الاندماج الفرنسية العنصرية. ضواحي المدن الفرنسية هي معاقل للجريمة والإرهاب. وفي فرنسا من السهل بالنسبة لتنظيم "الدولة الإسلامية" أن يعثر على مؤيِّدين وحلفاء. وهذا ليس ذنب الفرنسيين البسطاء. وهو بالتأكيد ليس ذنب ضحايا باريس الأبرياء. ولكنه من دون ريب هو ذنب رجال مثل ساركوزي. أنا أحبُّ فرنسا وقد درست فيها. وأولادي يحملون الجنسية الفرنسية. بيد أنَّني أرفض سياسة فرنسا الخارجية العدوانية.

وألمانيا لن تعاني بالضرورة المصير المأساوي نفسه مثل فرنسا، عندما تعمل قيادتنا الألمانية من أجل حلول عادلة وذكية في الشرق الأوسط، عندما تتوقَّف عن تصدير الأسلحة إلى مناطق الحروب هناك، عندما تعامل العالم الإسلامي وعندما نحن نعامل مواطنينا المسلمين مثلما نريد نحن أن يتم التعامل معنا. الكلمة السحرية في محاربة الإرهاب هي "الاندماج العادل".

أكثر من 99.9 في المائة من المسلمين الألمان البالغ عددهم خمسة ملايين شخص يرفضون تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي ينظر إلى مسلمي ألمانيا الديمقراطيين على أنَّهم من أَلدّ أعدائه. لقد أخبروني بذلك مرارًا وتكرارًا في مناطق تنظيم "الدولة الإسلامية". ومن بين السلفيين الألمان، البالغ عددهم نحو تسعة آلاف شخص، يوجد على أقصى تقدير ثلاثة آلاف شخص سلفي مستعدون لاستخدام العنف، وبالتالي من المحتمل أنَّهم من أنصار تنظيم "الدولة الإسلامية". وهذا يعني أنَّ الغالبية العظمى من المسلمين تمثِّل أهم حلفائنا في محاربة الإرهاب.

ولذلك فأنا أناشد اليوم جميع السلفيين الرافضين للعنف والـ99.9 في المائة من مسلمي ألمانيا المعتدلين: "الرجاء المساهمة في مساعدتنا من أجل عدم انتقال الأوضاع الفرنسية أو الإنكليزية إلينا هنا في ألمانيا. لم يقم في العقود الماضية أيُ شخص إسلاموي بقتل أي مواطن ألماني في ألمانيا. ساعدونا في أن يبقى الوضع هكذا! إذ إنَّ تنظيم ’الدولة الإسلامية‘ لا يشكل خطرًا على غير المسلمين وحدهم. بل هو أيضًا خطر كبير على الإسلام بالذات. لا يجوز لكم الآن البقاء مكتوفي الأيدي. فألمانيا هي أيضًا وطنكم. ساعدونا في الحفاظ على السلام في شوارعنا".

وأناشد الألمان غير المسلمين: "لا تنظروا إلى جميع مواطنينا وأصدقاءنا المسلمين الآن بشكل شمولي ولا تحكموا عليهم بشكل جماعي. لأنَّهم لا يتحمَّلون أدنى مسؤولية عن إرهاب تنظيم "الدولة الإسلامية" المنحرف، تمامًا مثل عدم تحمُّلكم أدنى مسؤولية عن إرهاب المتطرِّفين اليمينيين الألمان المنحرفين، الذين يحرقون بيوت اللاجئين وقد قتلوا منذ إعادة توحيد شطري ألمانيا 180 شخصًا وبعضهم بطرق وحشية.

ولكنني أقول للانتحاريين منفِّذي هجمات باريس: "أنتم مجدفون! هذه إهانة وقحة لله عز وجل، عندما تهتفون أثناء قتلكم الأبرياء باسم الله، الذي يصف نفسه في القرآن الكريم بأنَّه ’الرحمن الرحيم‘. مَنْ ذا الذي يمنحكم الحقّ في تدنيس اسم الله بأوهام عنفكم؟"

يجب علينا أن نقرأ القرآن بقلوبنا، وليس ببندقية الكلاشينكوف. وعندما نقرأ القرآن بأفئدتنا فعندئذ سوف نجد توجيهات وتعليمات رائعة من الله عز وجل. وبحسب هذه التعليمات كان يجب عليكم التوجُّه. حيث يقول الله في القرآن الكريم:

 1 . "إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا" (سورة الفرقان: 70). "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" (سورة البقرة: 195).

2 . إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ … وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ". (سورة النحل: 90).

3 . "يَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ" (سورة الرعد: 22).

4 . "وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ". (سورة البقرة: 60).

5. وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ" (سورة البقرة: 224).

6. فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ". (سورة الشورى: 40).

7. "وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ"! (سورة النساء: 29). (تحريم الانتحار).

8. "مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا" (سورة المائدة: 32). الله يُحرِّم بكلِّ صراحة ووضوح قتل الأبرياء.

بجرائم القتل الوحشية التي تقترفونها لن تدخلوا الجنة أبدًا، بل سوف تنتهون على كلِّ حال بجانب جورج دبليو بوش إلى جهنّم وبئس المصير. أنتم أشرارٌ تائهون؛ في الدنيا وفي الآخرة.

 

الصحفي الألماني يورغين تودنهوفر

الإعداد والترجمة: رائد الباش

 

اقرأ على موقع قنطرة

باريس...حواضر العالم تتضامن مع مدينة النور المكلومة

 

تجاوُز إرهاب تنظيم "داعش" العراق وسوريا إلى فرنسا وأوروبا

ارتسام سيناريو هجوم "الدولة الإسلامية" على الأراضي الأوروبية

 

واقع الإعلام المصري في ظل قانون الإرهاب الجديد

"قانون الإرهاب يطيح بحرية الصحافة في مصر ولا يعاديها فقط"

 

صعود تنظيم الدولة الإسلامية وتفتت العراق

 

"خرافة العراق الموحد...العراق صار مقسما بلا عودة"

 

بعد الهجوم في مدينة سوروج (سوروتش) التركية

تركيا بين فكي كماشة

 

المنهاج الإسلامي: مبادرة من مسلمي بريطانيا

استعانة بالتعليم الديني في مواجهة الفكر الإرهابي

 

لبنانيتان تحاربان الإرهاب في سجن رومية شرق بيروت

مقارعة التطرف الجهادي بأفكار تحترم آدمية الإنسان

 

يوميات تعذيب سجين عربي في معتقل غوانتانامو

ضرب وركل وحرمان ودروس في "الجنس الأمريكي"

 

تونس تحت الصدمة بعد الاعتداء الإرهابي على متحف باردو

" الاعتداء الإرهابي محاولة لإجهاض النموذج الديمقراطي الناجح في تونس"

 

الجدل حول مفهوم الإرهاب في ألمانيا وأوروبا وأمريكا والعالم العربي

من المسؤول عن تشويه صورة الإسلام: المتطرفون أم أنصاف المسلمين وأعداؤه؟