
جيل الشباب في السودان يُشَمِّر عن سواعده
المتأمل لواقع المجتمع السوداني يدرك أن هناك خلافاً في العلاقة بين جيل الكبار وجيل الشباب. خلافٌ اتخذ أبعاداً متعددة: فكرية، ثقافية، اجتماعية وسياسية. ففي حين تمتع جيل الكبار في السودان بحياةٍ مستقرة شغلوا فيها وظائف ثابتة، وازدهر فيها الخدمة المدنية والقطاع العام، يعايش شباب الجيل الحالي كل ما هو سيء؛ تدهورٌ في الاقتصاد، وارتفاع في نسب البطالة التي بلغت 19.6% في سنة 2017. كما شكّلت الانقلابات العسكرية التي شهدها السودان تراكماً لكل الأبعاد السابقة نحو التمرد، الأمر الذي يمكن قراءته من زاوية محاولة الإزاحة بالقوة أو الرفض على أقل تقدير.
"قبل ستّ سنوات، كنت شخصاً ذا تطلعاتٍ بسيطةٍ وعادية، لكن بعد أن بدأت نشاطي التطوعي تغيرت أفكاري بدرجة كبيرة"، بهذه الجملة، ومع ثقةٍ واضحة في نبرة حديثه يصف خالد سراج، الشاب العشريني، بدايته مع العمل التطوعي

يرى عددٌ من الباحثين في العمل المدني أن العمل التطوعي سمةٌ من سمات ازدهار الأمم. وفي هذا السياق يعتقد د. عبدالرحيم بلال الباحث في المجتمع المدني أن "السودان ينعم بذخيرة ضخمة من روح ومنظمات العمل الطوعي أو ما يسمى حديثاً في أدبيات التنمية برأس المال الاجتماعي. لكن التحدي يكمن في توظيف هذا الرأسمال الاجتماعي في ثورة علمية، ثورة كفاءة تقنية – سلوكية لا يمكن بدونها تنفيذ السياسات التي تقوم على العلم والمشاريع التي تخدم مصالح عامة الشعب".
مع هذا الازدهار، ونتيجةً لضعف التعليم الحكومي بالسودان، ظهرت مجموعة "تعليم بلا حدود" سنة 2011، وهي تعتبر من أبرز المجموعات التطوعية التي تنشط في ساحة التعليم. تستند المجموعة على فلسفة حركات التغيير الاجتماعي، إذ تعمل على تفعيل المجتمع نحو قضية التعليم والتفاعل معه، بحيث تكبر المجموعة وتتوسع لتصير بحجم المجتمع أكمل، ومن ثمّ تذوب فيه وتختفي نهائياً، مخلفةً وراءها مجتمعاً يهتم بالتعليم كقضيةٍ ملحةٍ دوماً وأبداً.
"تعليم بلا حدود" لها أكثر من عشرة مشاريع مختلفة. تقول روح ناصر: "نحن نقوم بنشاط شبابي تطوعي، يعمل على تقديم النموذج للمجتمع، وإشراكه في الفعل. من هنا يستلزم أن تعمل المجموعة بصورة بسيطة وخالية من التعقيد، ومشابهة للمجتمع تماماً".
وحين نتحدث عن العمل التطوعي في السودان، لا يمكن تجاوز مبادرة "شارع الحوادث" التي تعمل على توفير العلاج والرعاية للأطفال المرضى، حيث استطاعت المبادرة توفير وحدة عناية مكثفة في مستشفى محمد الأمين حامد للأطفال بأم درمان سنة 2015، بميزانية تجاوزت المليار جنيه سوداني، كما توسع نشاطها التطوعي لأكثر من عشرين مدينة في البلاد.
يرى عضو مبادرة "شارع الحوادث"، يوسف هندوسة، أن الواقع المعاش وأهمية صحة الأطفال جعلتهم أكثر حرصاً على بذل كل وقت فراغ لديهم من أجل مساعدة الأطفال المرضى، فهُم مستقبل هذه البلاد. أما بشأن نظام عمل المبادرة فيقول يوسف: "يتم توزيع المتطوعين بحسب أوقات فراغهم في جدول يغطي جميع ساعات اليوم وعلى مدار أيام الأسبوع، وذلك لضمان تواجد ولو متطوع واحد وقت الحاجة". وفيما يتعلق بموضوع الدعم المادي، فيقول: "تتم تغطية الاحتياجات بواسطة المتبرعين المتابعين لصفحة المبادرة على الفيسبوك".
صراع السيطرة والقيادة
البعض يرى أن الصراع بين الأجيال في السودان يدور حول السيطرة والقيادة، إذ ساهم تمسُّك الكبار بمقاليد الحكم والسياسة في السودان وإغلاق الأبواب أمام أغلبية الشباب بتأزيم الوضع، مما ضاعف حدة الصراع، فمنذ ستينيات القرن الماضي، لم تتغير قيادات الأحزاب الرئيسية إلا بالوفاة، أما الأحياء منهم فهم على كراسي القيادة إلى الآن.

يعتقد المصور الفوتوغرافي خالد بحر بوجود حالة وَهْم تُدعى "التفوق العمري"، وهي حالة مسيطرة على قطاعات واسعة جداً من السودانيين، مما يجعلهم يتعاملون باستعلاء مع الأجيال الجديدة، ويضيف بحر: "أغلب الذين عاصروا الجيل الذهبي في السودان، ونشأوا وترعرعوا في تلك الفترة، يتعاملون مع الحاضر كأنه (غيتو تاريخي) عابر، ويظنون أنه سينكسر وينمحق عاجلاً أم آجلاً، بل كما يتعاملون مع الشباب الحالي ككائنات مثيرة للشفقة".
تتسم العلاقة بين الأجيال السودانية في بعض الأحيان بنوعٍ من العناد، وذلك لوجود حدودٍ ثقافية واجتماعية أكثر صرامةً وتداخلًا مع الدين، وبالتالي مع حدود الحلال والحرام من جهة، ولكون الكبار ما زالوا يمتلكون سلطة مباشرة على الشباب من جهة أخرى. ويتضح حجم الاختلاف في المفاهيم والقيم الاجتماعية وفي طبيعة العادات والتقاليد السائدة التي يحاول الشباب تجاوزها بأدواته. كما ازدادت مساحة الاختلاف بينهما مع تطور وسائل الاتصال وبالتالي توسّع حدود المعرفة وفرص الاحتكاك والاطلاع على ثقافة المجتمعات الأخرى.
توجز الشابة ملاذ عبدالقادر الصراع بين الأجيال في أنه خلافٌ في التصورات، إذ عادةً ما ينظر الجيل الجديد إلى أفكار الجيل القديم وتصوراته على أنها تصوراتٌ قديمة مختلفة لم تعد تلائم العصر، ولا تتفق مع المتغيرات الجديدة والمستجدات التي تطرأ على حياة الأفراد والجماعات.
ومن جهته، يرى المخرج الشاب مصعب حسونة، مؤسس مبادرة تدريب الأطفال لصناعة الفيلم، أن الجيل السابق توفرت له إمكاناتٌ وظروفٌ أفضل.
يؤمن مصعب بأن الجيل الحالي قادرٌ على وضع بصمته في المجتمع السوداني في مجال السينما، ويضيف: "في ثلاث سنوات أنتجنا بصورةٍ مستقلة أكثر من 40 فيلماً قصيراً في مبادرة تدريب الأطفال لصناعة الفيلم، هذا العمل يؤكد أن الجيل الحالي باستطاعته تقديم الكثير للمجتمع السوداني".
ويرى حسونة بأن خلق نقاط تفاهمٍ مشتركة سيساهم في تقريب وجهات النظر بين الأجيال في السودان.
الزواج عبر الشبكة العنكبوتية
الإنترنت وسيلة المسلمات للبحث عن شريك الحياة في أوروبا
وكالات زواج إسلامية في الإنترنت
الخاطبة الإلكترونية
محمود الحسني الصرخي - رجل دين عراقي شيعي يدعم الحوار والإصلاح
عمامة سوداء مغردة خارج السرب الشيعي العام؟
يوم في حياة الأيزيدية في إقليم كردستان العراق
كشف الأسرار عن بيوت الأيزيدية في العراق
الجدل حول الحجاب في أوروبا:
ما هي الأسباب التي تدفعني كمسلمة لعدم ارتداء الحجاب؟
دردشة عربية-ألمانية