انتخابات البرلمان الأوروبي 2019 - مؤيدو أوروبا لا يزالون أغلبية رغم تقدم مناوئي الاتحاد الأوروبي

أعلن مسؤولون أنّ حزب الشعب الأوروبي (يمين الوسط) فاز بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان الأوروبي، إلا أنّ الأحزاب المشكّكة بأوروبا تمكّنت من تحقيق مكاسب قويّة، وذلك استنادًا إلى أحدث التوقّعات.

وقال الناطق باسم البرلمان جاومي دوتش للصحافيين إنّ حزب الشعب الأوروبي فاز بـ178 مقعدًا بعد أن كان يتمثّل بـ216 مقعدًا في البرلمان المنتهية ولايته، متقدّمًا على خصمه التقليدي تحالف الاشتراكيّين والديمقراطيّين من يسار الوسط الذي حصد 152 مقعدًا، بعد أن كان يشغل 185. 

وقال مانفريد فيبر زعيم حزب الشعب الأوروبي والمرشّح لرئاسة المفوّضية الأوروبية: "لا أشعر بأننا أحرزنا نصرًا حقيقيًا قويًا اليوم". وأضاف للصحافيّين "نحن نُواجه انكماشًا في الوسط"، مشيرًا إلى خسارة حزبه وكذلك الاشتراكيّين لمقاعد.

وحقّقت سائر الأحزاب الشعبويّة والمشكّكة بأوروبا وأيضًا اليمينيّة المتطرّفة فوزًا بأكثر من مئة مقعد، وفق ما أبلغ دوتش الصحافيين.

وارتفعت حصّة ائتلاف "أوروبا الأمم والحرّية"، الذي يضمّ حزب التجمّع الوطني الفرنسي ونائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني، من 37 إلى 55 مقعدًا في البرلمان الأوروبي المكوّن من 751 مقعدًا.

كما زادت حصيلة تحالف "أوروبا من أجل الحرّية والديمقراطيّة المباشرة"، الذي يضمّ الشريك الحكومي لسالفيني "حركة خمس نجوم" وحزب "بريكست" البريطاني، من 42 مقعدًا إلى 53.

وأشارت استطلاعات آراء الناخبين بعد الإدلاء بأصواتهم في انتخابات البرلمان الأوروبي يوم الأحد 26 / 05 / 2019 إلى تقدم حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان على تحالف الوسط بزعامة الرئيس إيمانويل ماكرون.

وكانت الهزيمة بفارق بسيط بمقعد واحد فقط ولكنها مريرة بالنسبة لمن يأملون أن يتمكن ماكرون من إقناع الأوروبيين بالتمسك بالاتحاد كحل بدلا من اعتباره جزءا من المشكلة في مواجهة ما يعتبره كثيرون تغييرا اجتماعيا مرهقا للأعصاب.

ولكن أول توقع رسمي لكل مقاعد البرلمان الأوروبي التي تبلغ 751 مقعدا أشار إلى أن خسائر الوسط المؤيد للاتحاد الأوروبي ربما لا تكون أسوأ مما كان متوقعا مع تحقيق الخضر والليبراليين تقدما على حساب يمين الوسط ويسار الوسط.

وتشجع أيضا مسؤولو الاتحاد الأوروبي وزعماء الأحزاب المؤيدة للاتحاد الأوروبي من زيادة كبيرة في نسبة مشاركة الناخبين والتي تعد الأولى في تاريخ الانتخابات المباشرة للبرلمان والذي يمتد لأربعين عاما.

وبلغت نسبة المشاركة نحو 50 في المئة بزيادة عن 43 في المئة في 2014 وهي ليست ضخمة جدا ولكنها تمثل نهاية لتراجع المشاركة الشعبية التي أثارت حديثا عن "عجز ديمقراطي" يقوض شرعية الاتحاد الأوروبي.

ووفقا للتوقعات خسر كل من حزب الشعب الأوروبي المحافظ وتحالف الاشتراكيين والديمقراطيين نحو 40 مقعدا ليفقدا بذلك الأغلبية التي كانا يشكلانها في "تحالف واسع" مع احتلال حزب الشعب الأوروبي المقدمة.

وأدت المكاسب التي حققها تحالف الليبراليين والديمقراطيين وحلفاؤهم من أجل أوروبا في ظل ماكرون إلى وضعهم في إطار يتيح لهم الحصول على دور أكبر. وقد يصبح الخضر في المركز الرابع صناع قرار في الوقت الذي يتطلع فيه الاشتراكيون لتحقيق تقدم على الرغم من تراجعهم من جديد وراء حزب الشعب الأوروبي بما يتراوح بين 20 و30 مقعدا.

وتتألف الانتخابات من عمليات اقتراع على مدى أربعة أيام في كل دول الاتحاد الثماني والعشرين. وكان من شأن الصورة أن تتضح بشكل أكبر بالنسبة للبرلمان فور إغلاق آخر مراكز اقتراع في إيطاليا في الساعة 2100 بتوقيت غرينتش. حيث كانت هناك فرصة كي يتفوق حزب الرابطة اليميني المتطرف بزعامة ماتيو سالفيني نائب رئيس وزراء إيطاليا على تكتل المحافظين الألمان بزعامة المستشارة أنغيلا ميركل كأكبر حزب يشغل مقاعد في البرلمان. 

ومن بين المنافسين الآخرين حزب بريكست الجديد بزعامة نايغل فاراج المناهض للاتحاد الأوروبي والذي من المتوقع أن يتصدر الانتخابات في بلد كان من المفترض أن يخرج من الاتحاد الأوروبي قبل شهرين.

وفي فرنسا، أقر مسؤول في فريق ماكرون "ببعض الإحباط" مضيفا أنه بتسجيل نحو 22 بالمئة فإن قائمة النهضة بزعامة ماكرون قد خسرت المرتبة الأولى أمام الجبهة الوطنية اليميني المتطرف بزعامة لوبان التي منحتها استطلاعات آراء الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع نسبة 24 بالمئة.

لكن أحزابا مؤيدة للاتحاد الأوروبي لا تزال تمثل الأغلبية إذ يأتي الخضر في فرنسا في المركز الثالث. وفي ألمانيا، أكبر عضو في الاتحاد وواحد من بين 21 بلدا أجرت التصويت يوم الأحد، أظهرت استطلاعات لآراء الناخبين أجريت لصالح شبكة "إيه.آر.دي" حصول حزب الخضر على 22 بالمئة في حين يسجل حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بزعامة ميركل وحلفاؤه المحافظون نسبة 28 في تراجع بواقع ثماني نقاط عن انتخابات 2014 بينما هوى الحزب الديمقراطي الاشتراكي نحو 12 نقطة إلى 15.5 في المئة.

ومع استعداد البرلمان الأوروبي في بروكسل لفرز الأصوات في أنحاء الاتحاد، احتجزت الشرطة في بروكسل عشرات من محتجي "السترات الصفراء" وهم جزء من حركة بدأت في فرنسا اعتراضا على المؤسسة السياسية.

وتفتح انتخابات البرلمان الأوروبي الطريق أمام أسابيع وربما شهور من المفاوضات الصعبة بشأن من سيدير مؤسسات الاتحاد. 

وأظهرت النتائج الرسمية الأولى لانتخابات البرلمان الأوروبي تعرض يسار الوسط ويمين الوسط لخسائر كبيرة، وتقدم الليبراليين والخضر. وفاز حزب الشعب الأوروبي الذي يمثل يمين الوسط بـ 178 مقعدًا، وبذلك فقد الحزب 38 مقعدًا مقارنة بالبرلمان المنتهية ولايته، بينما فاز الاشتراكيون والديمقراطيون بـ 152 مقعدًا، بخسارة 33 مقعدًا عن البرلمان السابق، مما يعني فشلهم في تحقيق أغلبيتهم التقليدية مجتمعين، وفقا للنتائج الجزئية.

وحققت مجموعة "تحالف الليبراليين والديمقراطيين من أجل أوروبا" (ألدي)الليبرالية مكاسب كبيرة، حيث زادت تواجدها إلى 108 مقاعد، بما في ذلك قائمة النهضة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. فيما يحتل الخضر المركز الرابع بـ 67 مقعدًا. وأعلن المتحدث باسم البرلمان جاومي دوتش أن نسبة المشاركة مؤقتا تبلغ  50.5 في المئة، بناءً على تقديرات جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 28 دولة.

يشار إلى أنه خلال الأيام الأربعة الماضية، تم دعوة أكثر من 400 مليون شخص في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي للتصويت فيما وصف بأنه أكبر انتخابات عابرة للأوطان في العالم.

وبالرغم من أن المحافظين والاشتراكيين لا يزالون يشكلون أكبر كتلتين في البرلمان الأوروبي، إلا انتخابات 2019 أفرزت خارطة جديدة للمرة الأولى منذ أربعين عاما. ولعل فرنسا وإيطاليا تشكلان وجهة جديدة لليمين الشعبوي والمتطرف.

 

 

تعرض شريكا الائتلاف الحاكم في ألمانيا، التحالف المسيحي الديمقراطي، الذي تنتمي إليه المستشارة أنغيلا ميركل، والحزب الاشتراكي الديمقراطي لخسائر فادحة في انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت يوم الأحد (26 أيار/ مايو 2019). وفي المقابل يمكن اعتبار حزب الخضر المعارض الفائز الأكبر في هذه الانتخابات.

التحالف المسيحي يتصدر رغم خسائره: بيد أن التحالف المسيحي في المرتبة الأولى، رغم خسارته، إذ حصل على أكثر من 28 في المائة من الأصوات، أي أنه فقد أكثر من 8% مقارنة بالانتخابات السابقة عام 2014. ولعل الخاسر الأكبر هو الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي تراجع للمركز الثالث خلف التحالف المسيحي وحزب الخضر. فقد حصل الاشتراكيون على 15,5 في المائة من الأصوات وفق نتائج أولية غير رسمية، في حين حصل الخضر على 20,6%، وهي أعلى نسبة يحصل عليها أنصار البيئة في ألمانيا.

وإذا كان اليمين الشعبوي والمتطرف قد حقق نتائج قوية في عدة دول أوروبية، فإن شعبويي ألمانيا حلوا في المرتبة الرابعة خلف المحافظين والاشتراكيين وأنصار البيئة. فقد حصل حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي على ما نسبته 10,8%، أي بزيادة أكثر من ثلاثة بالمائة عن الانتخابات السابقة لكنها أقل مما حصلوا عليه في الانتخابات التشريعية في ألمانيا.

لوبن تتصدر وتتفوق على حزب ماكرون: أما في فرنسا فقد اختلفت الصورة إذ تقدم اليمين المتطرف (الشعبوي) بزعامة مارين لوبن على حزب الرئيس إيمانويل ماكرون، في نتيجة لها رمزية كبيرة.

وبحسب نتائج أولية فإن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف (بزعامة لوبن) نال 24% من الأصوات متقدما على حزب ماكرون الذي نال ما بين 22 و23%. وسارع حزب لوبن إلى المطالبة بـ "تشكيل مجموعة قوية" داخل البرلمان الأوروبي. المفاجأة الأخرى في فرنسا تمثلت بحصول الخضر على المركز الثالث بنسبة بلغت 12%.

وبعد فرنسا تركزت الأنظار على نتائج الانتخابات الأوروبية في إيطاليا، إذ حلّ حزب الرابطة اليميني المتطرف بقيادة ماتيو سالفيني، المعروف أيضا على غرار لوبن بمناهضته الشديدة للتجربة الوحدوية الأوروبية، في المرتبة الأولى بحصوله على حوالي 29%. فيما تعرض الحزب الديمقراطي (وسط يسار) لخسارة تاريخية إذ فقد أكثر من 20% من الأصوات.

وفي النمسا حقق حزب المستشار سباستيان كورتس (الشعب النمساوي) فوزا كبيرا بحصوله على 34,5 في المائة من الأصوات (بزيادة بمقدار 7,5 نقطة مئوية مقارنة بانتخابات 2014). فيما حل الحزب الاشتراكي الديمقراطي في المرتبة الثانية بحصوله على 23,5 في المائة.

أما حزب الحرية اليميني الشعبوي فقد حصل على 17,5%، وهي نسبة أقل من تلك التي كان قد حصل عليها في انتخابات 2014. وتأتي هذه التطورات بعد مضي أسبوع على انهيار الائتلاف الحاكم في النمسا بعد فضيحة الفيديو التي أطاحت بزعيم الحزب ونائب المستشار هاينتس-كريستيان شتراخه.

وفي المجر حقق الحزب السيادي برئاسة رئيس الحكومة فيكتور أوربان انتصارا ساحقا جامعا نحو 56% من الأصوات، ومتقدما بأكثر من 45 نقطة على المعارضة من يسار الوسط واليمين المتطرف، حسب استطلاعات الرأي أيضا.

المحافظون الكتلة الأكبر: ورغم خسارة الأحزاب التقليدية (المحافظة والاشتراكية) في هذه الانتخابات إلا أنها بقيت تشكل أكبر كتلتين في البرلمان الأوروبي. إذ يعتقد أن المحافظين سيحصلون على 173 مقعدا (بخسارة 43). وفي المرتبة الثانية كتلة الأحزاب الاشتراكية بـ 147 نائبا (بخسارة 37 مقعدا). بيد أن الكتلتين خسرتا الأغلبية، وذلك للمرة الأولى منذ أربعين عاما.

ارتفاع نسبة المشاركة: وحتى لو أن نسب المشاركة تبقى ضعيفة مقارنة بالانتخابات الوطنية، فإنها سجلت ارتفاعا في أكثر من نصف بلدان الاتحاد الأوروبي. فقد ارتفعت نسبة الاقتراع في كل من ألمانيا وإسبانيا وفرنسا على سبيل المثال. وفي البلد الأخير من المتوقع أن تبلغ نسبة المشاركة ما بين 52 و54% أي اكثر بما بين 8 و10 نقاط عن انتخابات العام 2014.

 

ودعي 427 مليون ناخب أوروبي إلى التصويت لانتخاب 751 نائبا في البرلمان الأوروبي لولاية مدتها خمس سنوات، يلعبون خلالها دورا حاسما في صوغ القوانين الأوروبية. (أ ف ب ، رويترز ، د ب أ)