تركمانستان - سردار بيردي محمدوف في مركز اقتراع.

انتخابات تركمانستان المبكرة 2022
الواقع الجديد في آسيا الوسطى

ما الأسباب الحقيقية لتخلي محمدوف عن رئاسة تركمانستان لصالح نجله؟ وما علاقة اضطرابات المنطقة في أوكرانيا وكازاخستان وأفغانستان بذلك؟ تحليل أحمد عبده طرابيك.

خلال انشغال الرأي العالمي بالعمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، والصراع المحتدم بين روسيا من جهة والولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية من جهة أخري، جرت في جمهورية تركمانستان، إحدي الجمهوريات الخمس في آسيا الوسطي انتخابات رئاسية مبكرة في 12 مارس / آذار 2021، كان قد أعلن عنها الشهر السابق رئيس البلاد قوربان قولي بيردي محمدوف، والذي فاجأ الجميع بهذا القرار قبل عامين من الموعد الدستوري للانتخابات الرئاسية والتي كان من المقرر لها عام 2024.

 وكما كان متوقعاً فقد فاز في تلك الانتخابات سردار نجل الرئيس، بنسبة تقترب من 73% من بين تسعة من المرشحين.

ترقية في المناصب بسرعة فائقة

وُلد الرئيس قربان قولي بيردي محمدوف في 29 يونيو 1957، في قرية باب العرب التابعة للعاصمة عشق آباد، وتخرج من معهد الدولة التركمانية للطب عام 1979، كما نال شهادة في العلوم الطبية من موسكو، وشغل منصب طبيب الأسنان الخاص للرئيس الراحل صابر مراد نيازوف، ثم ترقى في المناصب بسرعة فائقة، ففي عام 1997 عُين وزيرا للصحة بعد أن شغل منصب مدير دائرة طب الأسنان لمدة عامين، وفي أبريل / نيسان 2001، أصبح نائبا لرئيس الوزراء، ومكلفا بشئون الصحة، ثم ترقى تدريجياً إلى منصب عميد الوزراء، وفي ديسمبر 2006، تم تعيينه قائماً بأعمال رئيس تركمانستان والقائد الأعلى للقوات المسلحة للبلاد، بعد وفاة سلفه صابر مراد نيازوف، الذي حكم البلاد منذ استقلال البلاد عن الاتحاد السوفيتي عام 1991.

 

الانتخابات الرئاسية في تركمانستان  - صورة الرئيس - فرز الأصوات في العاصمة عشق أباد. Turkmenistan Präsidentschaftswahlen Präsident per Porträt mit dabei Stimmenauszählung in der Hauptstadt Aschgabat FOTO IMAGO
نظام سياسي مغلق: جرت في جمهورية تركمانستان، إحدي الجمهوريات الخمس في آسيا الوسطي انتخابات رئاسية مبكرة في 12 مارس / آذار 2021، كان قد أعلن عنها الشهر السابق رئيس البلاد قوربان قولي بيردي محمدوف، والذي فاجأ الجميع بهذا القرار قبل عامين من الموعد الدستوري للانتخابات الرئاسية والتي كان من المقرر لها عام 2024. سار الرئيس بردي محمدوف على نهج سلفه الرئيس صابر مراد نيازوف، في إقامة نظام سياسي مغلق يمسك فيه بكل مقاليد السلطة في البلاد.

 

تم انتخاب بيردي محمدوف رئيساً للبلاد في فبراير 2007، بمباركة من جهاز المخابرات، وفي بداية حكمه عمل على تفكيك رموز سلطة الحكم السابق، كما نقل التمثال الذهبي لسلفة صابر نيازوف من وسط العاصمة عشق أباد إلى ضواحيها، ليضع مكانه تمثال ذهبي له في 25 مايو / أيار 2015، وهو يمتطي جواده وممسكاً بحمامة في اليد اليمني، وأعيد انتخاب بيردي محمدوف مرتين أخريين، ووفقًا لجنة الانتخابات المركزية الرسمية كان من المقرر أن تنتهي ولاية بيردي محمدوف الحالية في عام 2024، قبل أن يصدر قراره المفاجئ بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. 

يميل بيردي محمدوف إلى الظهور على شاشات التلفزيون في مشاهد استعراضية وهو يمتطي جواده، أو راكباً الدراجة، كما يقوم بالتأليف الموسيقي مع حفيده، وتلقى بعض مقاطع الفيديو هذه رواجاً على الإنترنت، كما كان رئيساً للجمعية الوطنية لخيول "أخال تكه"، وهي فصيلة وطنية يتغنى سكان تركمانستان بجمالها ورشاقتها، قبل أن يتنازل عن رئاسة الجمعية لابنه سردار، الذي تم ترقيته في أبريل / نيسان 2021، إلى مرتبة "المربي المحترم" لفصيلة من كلاب الرعاة تدعى "ألاباي"، وهي سلالة تحظى بالتكريم في تركمانستان.

ربما يكون الأب قد رسم نفس الطريق الذي سار عليه من قبل لابنه سردار، والذي يعني اسمه في اللغة التركمانية التي تنتمي إلي عائلة اللغات التركية "القائد"، وإن كان الابن قد درس الهندسة في جامعة عشق أباد، على غير ما درس والده الذي درس طب الأسنان، إلا أنه قد اخترق عالم الدبلوماسية في سن مبكرة، وعُين مستشاراً في سفارة تركمانستان في روسيا، وخلال عمله الدبلوماسي واصل دراسته التي تتناسب مع مستقبله السياسي، حيث درس العلوم السياسية في الأكاديمية الدبلوماسية في موسكو، وانتقل للعمل مستشاراً للبعثة الدبلوماسية لتركمانستان للأمم المتحدة في جنيف، واستغل وجوده في سويسرا ليستكمل دراساته السياسية في مركز جنيف للسياسة والأمن بموضوع "الأمن الأوروبي والعالمي". 

 

قربان قولي بردي محمدوف البالغ من العمر 64 عاماً الذي تولي رئاسة تركمانستان لِـ 15 عاماً. Turkmenistans Präsident Gurbanguly Berdymukhamedov Foto Picture Alliance
قربان قولي بردي محمدوف البالغ من العمر 64 عاماً الذي تولي رئاسة تركمانستان لِـ 15 عاماً: لا تعرف الأسباب الحقيقية التي دفعت قربان قولي بيردي محمدوف إلى تخليه عن رئاسة البلاد في هذا التوقيت، ولكن يقول بعض المحللين إن الرئيس يعاني منذ سنوات من مشاكل صحية، بينما يرى آخرون أن وضع الاقتصادي في تركمانستان قد يدفع المواطنين إلى الخروج عن طاعته خاصة في ظل أجواء مضطربة بالمنطقة المحيطة سواء بعد أحداث يناير 2022 في كازاخستان أو حرب أوكرانيا، ولذلك فضل محمدوف تسليم السلطة إلى ابنه الشاب الذي يستطيع إدارة البلاد بفكر عصري قريب من جيل الشباب في بلاده.

 

 خلال عمله في وزارة الخارجية، عُين سردار بيردي محمدوف، نائباً لرئيس الهيئة الحكومية لإدارة الثروات النفطية، وخلال فترة عمله تلك حصل على الدكتوراه في العلوم التقنية عام 2015، وانتقل للعمل البرلماني عام 2016، بعد فوزه بمقعد في مجلس النواب، وترأس لجنة القوانين بالمجلس، وفي عام 2017 مُنح لقب جنرال علي الرغم من أنه لم يحصل على أي مؤهلات عسكرية، وخلال عمله البرلماني عُين عام 2018 نائباً وزير الخارجية، وفي بداية عام 2019 عُين نائباً لحاكم ولاية "أخال" الغنية بمخزونات الغاز الطبيعي، وأشرف على إعادة توجيه صادرات الغاز الطبيعي من روسيا إلى الصين، وخلال فترة وجيزة تم تعيينه حاكماً للولاية.

وفي فبراير 2020 بدأت مرحلة جديدة في حياة سردار السياسية بتعيينه وزيراً للصناعة في تركمانستان، وبعدها بعام واحد تم ترقيته إلى منصب نائب رئيس الحكومة، أي نائباً لوالده الذي زاد من الاعتماد عليه في مهمات داخلية وخارجية، كما تم تعيينه رئيسا لغرفة الرقابة العليا، وبعد ذلك تم ضمه إلى عضوية مجلس أمن الدولة في 11 فبراير / شباط 2021، الأمر الذي كان يشير بقوة إلي اقتراب موعد توليه أعلي منصب في البلاد. 

اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة