انتقاد إردوغان لخطة ماكرون حول "الإسلام الفرنسي" تُضاف إلى قائمة خلافات طويلة بين تركيا وفرنسا

انتقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الثلاثاء 06 / 10 / 2020 بشأن تصريحاته في الأسبوع السابق التي تعهد فيها بمحاربة النزعة "الانعزالية الإسلامية" قائلا إن تلك التصريحات "استفزاز صريح" وأظهرت "وقاحة" الرئيس الفرنسي.

وكان ماكرون قال إن نزعة "انعزالية إسلامية" تهدد ببسط سيطرتها على بعض المجتمعات الإسلامية في فرنسا وإن مشروع قانون بهذا الصدد سيرسل إلى البرلمان مع اتخاذ خطوات بحظر التعليم المنزلي وتشجيع تعليم اللغة العربية.

وقال إردوغان في احتفال لافتتاح مساجد وتكريم رجال دين في أنقرة "تصريح ماكرون في مدينة يمثل المسلمون فيها الأغلبية بأن ‘الإسلام متأزم‘ تفتقد الاحترام، هو استفزاز صريح". وأدلى ماكرون بتصريحاته أثناء زيارة إلى ضاحية لي ميرو الفقيرة بشمال باريس.

وتركيا وفرنسا حليفتان في حلف شمال الأطلسي لكنهما على خلاف بشأن مجموعة من القضايا تتراوح بين سياسات كل منهما في سوريا وليبيا وخلاف بشأن تنقيب أنقرة عن النفط والغاز وترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط.

إردوغان يصف تصريحات لماكرون حول الإسلام بأنها "وقاحة وقلة أدب"

وانتقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، تصريحات لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون حول الإسلام، معتبرا إياها "استفزازا صريحا وتفتقد للاحترام".

ووفقا لما نقلته وكالة "الأناضول" التركية يوم الأربعاء 07 / 10 / 2020 فقد وصف إردوغان حديث الرئيس الفرنسي عن إعادة هيكلة الإسلام بأنها "وقاحة وقلة أدب".

وقال بهذا الخصوص: "تصريح ماكرون بأن الإسلام في أزمة استفزاز صريح، فضلًا عن كونه قلة احترام".

وأشار الرئيس التركي إلى أن العديد من الدول الغربية أصبحت "راعية للعنصرية ومعاداة الإسلام".

وقال إن "الذين يتهربون من مواجهة العنصرية وكراهية الإسلام يرتكبون أكبر إساءة لمجتمعاتهم".

وكان ماكرون قد صرح في خطاب له يوم الجمعة 02 / 10 / 2020 "الإسلام يعيش اليوم أزمة في كل مكان بالعالم"، وعلى باريس التصدي لما وصفه بـ"الانعزالية الإسلامية الساعية إلى إقامة نظام مواز وإنكار الجمهورية الفرنسية".

 

 

تركيا تكرر إدانتها خطة ماكرون لمحاربة الإسلام الراديكالي

ونددت تركيا يوم الإثنين 05 / 10 / 2020 بمقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للدفاع عن القيم العلمانية لبلاده في مواجهة الإسلام الراديكالي ووصفته بأنه إهانة شعبوية للمسلمين.

وتضاف هذه الانتقادات الموجهة لليوم الثاني على التوالي لخطة ماكرون الذي يريد "تحرير الإسلام في فرنسا من التأثيرات الخارجية" إلى قائمة تطول من الخلافات بين الرئيس الفرنسي والرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وقبل ثمانية عشر شهرًا من الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي من المتوقع أن يواجه فيها تحديًا من اليمين، قال ماكرون الأسبوع الماضي إن الإسلام دين يواجه "أزمة" في جميع أنحاء العالم.

وقال المتحدث باسم إردوغان إبراهيم كالين على تويتر إن رؤية ماكرون "الخطيرة والاستفزازية ... تشجع على كراهية الإسلام والشعبوية المعادية للمسلمين".

وكتب المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم عمر جيليك عبر تويتر، أن حديث ماكرون عن "إسلام فرنسي ينم عن نهج ديكتاتوري وجهل مطبق".

وأضاف أن "وجهة نظر ماكرون لا تقدم سوى ذخائر أيديولوجية للجماعات الإرهابية مثل تنظيم الدولة الإسلامية".

وقالت وزارة الخارجية التركية الأحد إن مبادرة ماكرون ستكون لها "عواقب وخيمة بدلاً من أن تحل مشكلات فرنسا".

ويهاجم المسؤولون الأتراك بصور متكررة ماكرون الذي قال العام الماضي 2019 إن حلف الناتو تظهر عليه علامات "موت دماغي" بإخفاقه في مواجهة التدخل العسكري التركي الأحادي في سوريا.

ويتواجه ماكرون وإردوغان حول الحقوق البحرية في شرق البحر المتوسط وفي ليبيا وسوريا، ومؤخراً حول النزاع في إقليم ناغورني قره باخ الانفصالي ذي الغالبية الأرمنية.

يدين غالبية سكان تركيا بالإسلام لكنها دولة علمانية وهي عضو في حلف شمال الأطلسي ولكن ليس في الاتحاد الأوروبي بعد أن تعثر طلب عضويتها لعقود بسبب جملة من الخلافات.

ماكرون يدعو إلى "صحوة جمهورية" في وجه "الانعزالية الإسلامية"

وعرض إيمانويل ماكرون الجمعة 02 / 10 / 2020 خطة عمله ضد "الانعزالية الإسلامية" ومشروع "المجتمع المضاد" الذي يجري العمل عليه في فرنسا بحسب قوله، من خلال الإعلان عن عدة إجراءات خاصة في مجال التعليم وكذلك مسألة تنظيم عمل أئمة المساجد.

هذا الخطاب المناهض للنزعة الانعزالية، الذي كان منتظرا بترقب شديد وأرجئ مرارا، يأتي في سياق حساس في فرنسا حيث تعد العلمانية قيمة أساسية ويمثل الإسلام الديانة الثانية في البلاد.

ويأتي كذلك فيما يتعرض ماكرون لنيران اليمين واليمين المتطرف اللذين يتهمانه بالتراخي، واليسار الذي يندد بوصم المسلمين لأسباب انتخابية.

وقبل أسبوع، شهدت باريس اعتداء بالساطور نفذه باكستاني فيما تجري محاكمة المتهمين في قضية الهجوم على شارلي إيبدو عام 2015 والذي قام منفذه الإسلاموي بتصفية أعضاء هيئة تحرير الصحيفة الساخرة.

وبعد أن قال إن "الإسلام دين يعيش أزمة اليوم في جميع أنحاء العالم"، تحدث ماكرون بإسهاب عن "الانعزالية الإسلامية" في فرنسا التي أدت إلى "تسرب الأطفال من المدارس"، و"تطوير ممارسات رياضية وثقافية" خاصة بالمسلمين و"التلقين العقائدي وإنكار مبادئنا على غرار المساواة بين الرجال والنساء".

وشدد الرئيس الفرنسي الذي كان يتحدث في ليه موروه، وهي بلدة حساسة يقطنها 30 ألف نسمة في منطقة باريس، "لا أود أن يكون هناك أي التباس أو خلط للأمور"، لكن "لا بد لنا من الإقرار بوجود نزعة إسلامية راديكالية تقود إلى إنكار الجمهورية".

- أولوية التعليم -

وهكذا أعلن ماكرون عن عدة إجراءات مثل إلزام أي جمعية تطلب إعانة عامة بالتوقيع على ميثاق العلمانية، وتعزيز الإشراف على المدارس الخاصة التابعة لطائفة دينية، وفرض قيود صارمة على التعليم المنزلي.

ووفقًا للسلطات، هناك 50 ألف طفل يدرسون حاليًا في المنزل. وقال الرئيس الفرنسي إن التعليم في المنزل سيكون من بداية العام الدراسي 2021، "مقتصراً بشكل صارم على المتطلبات الصحية على وجه الخصوص".

وأوضح: "كل أسبوع، يبلغ مدراء المدارس عن حالات أطفال خارج النظام التعليمي بالكامل. ... كل شهر، يغلق محافظون 'مدارس' يديرها غالبًا متطرفون دينيون"، متحدثاً عن أولياء أمور يرفضون مشاركة أطفالهم في دروس الموسيقى أو السباحة.

وقال إن مشروع القانون الذي يتضمن هذه الإجراءات المختلفة سيُعرض في 9 كانون الأول/ديسمبر 2020 على مجلس الوزراء وسيهدف إلى تعزيز العلمانية وترسيخ المبادئ الجمهورية "بعد 115 سنة من المصادقة النهائية على قانون 1905".

- "معازل" -

ومع ذلك، اعتبر أن السلطات تتحمل قسما من المسؤولية إذ سمحت بتطوير ظاهرة "تحول الأحياء إلى معازل". وقال "قمنا بتجميع السكان بحسب أصولهم، لم نبذل جهدا كافيا في سبيل الاختلاط، ولا ما يكفي من امكان الانتقال الاقتصادي والاجتماعي. (لقد) بنوا مشروعهم على تراجعنا وتخاذلنا".

وفيما يتعلق "بالماضي الاستعماري" لفرنسا، " لم تُحل بعض الصدمات ... بعد من خلال حقائق راسخة في النفس الجماعية"، بحسب قوله، في إشارة إلى الحرب الجزائرية.

 

 

ودعا الرئيس الفرنسي إلى "فهم أفضل للإسلام" وتعليم اللغة العربية. كما تمنى "إسلامًا يكون في سلام مع الجمهورية"، وخالياً من "التأثيرات الخارجية"، متطرقاً إلى موضوع يتكرر طرحه في فرنسا.

وقال إنه سيتم تعزيز الرقابة على تمويل دور العبادة، من خلال تشجيع الجمعيات الدينية الإسلامية على تغيير نظامها، ووضع حد لما وصفه بأنه "نظام التعتيم".

وقال "إن المسألة ليست مسألة حظر التمويل" الخارجي، "بل تنظيمه".

وأضاف أنه سيتم تضمين القانون "آلية تمنع الانقلاب" لمنع استيلاء متطرفين على المساجد.

كما أشار ماكرون إلى إعلان صدر في شباط/فبراير 2020 يقوم على إنهاء نظم الأئمة المبتعثين في غضون أربع سنوات. ويوجد من هؤلاء الأئمة 300 ترسلهم تركيا والمغرب والجزائر إلى المساجد الفرنسية، فضلاً عن جامعي الزكاة خلال شهر رمضان.

ولكي تتمكن فرنسا من تعويض هذا النقص، أكد إيمانويل ماكرون أنه "اتفق مع المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية"، المحاور الرئيسي للسلطات العامة، على أن ينتهي "في غضون 6 أشهر على الأكثر" من إعداد برنامج "تدريب الأئمة في بلادنا".

وقال "علينا معاً، في صحوة جمهورية، أن نتصدى لأولئك الذين يبتغون الفصل فيما بيننا". رويترز 06 / 10 / 2020  ///  د ب أ 07 / 10 / 2020 /// أ ف ب 05 / 10 / 2020 وَ 02 / 10 / 2020

 

............................................

طالع أيضا

باحث فرنسي حول الهجوم على صحيفة شارلي إبدو: لقد "استدركنا تأخرنا" عن فكر الجهاديين وشبكاتهم

مسلمة محجبة في فرنسا: "ما إن أشغل التلفاز حتى أشاهد من يوضح لي مدى خطورتي"

منتقبات بين سماحة البرغماتية البريطانية وقداسة اللائكية الفرنسية

ماكرون: حياد الدولة تجاه الأديان من صلب العلمانية - ما ينتظره العرب والمسلمون في فرنسا من ماكرون

............................................