انتهاكات المليشيات الطائفية بالمناطق السنّية العراقية: إعدامات واعتقالات وتهجير وخطف وإحراق

منظمة هيومن ايتس ووتش: انتهاكات المليشيات الطائفية المتحالفة مع قوات الأمن العراقية: إعدامات واعتقالات تعسفية وتهجير وخطف وإخفاء للناس وإحراق للمنازل في المناطق السنّية و"يتعين على الحكومة العراقية وحلفائها الدوليين الالتفات إلى آفة المليشيات" الطائفية.

 

إن انتهاكات المليشيات المتحالفة مع قوات الأمن العراقية في المناطق السنّية تصاعدت في الشهور الأخيرة، فتم إجبار سكان على ترك منازلهم، وخطفهم وإعدامهم ميدانياً في بعض الحالات. وفر ما لا يقل عن 3000 شخص من منازلهم في منطقة المقدادية بمحافظة ديالى منذ يونيو/حزيران (2014)، ومُنعوا من العودة منذ أكتوبر/تشرين الأول. وتقوم هيومن رايتس ووتش بإجراء تحقيق في مزاعم أقرب توقيتاً تفيد بأن قوات المليشيات والقوات الخاصة قتلت 72 مدنياً في بلدة بروانة الواقعة في المقدادية أيضا، إضافة إلى الوقائع الموثقة هنا. 

قال بعض السكان لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن والمليشيات المتحالفة معها بدأت في مضايقة السكان في محيط المقدادية، المنطقة الواقعة على مسافة 80 كيلومتراً شمال شرق بغداد، في يونيو/حزيران، بعد وقت قليل من استيلاء تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد المسلح (المعروف أيضاً باسم داعش) على الموصل، ثانية كبريات المدن العراقية. ثم تصاعدت الانتهاكات بحسب شهود قرب أكتوبر/تشرين الأول 2014، وهو الشهر التالي لتولي حيدر العبادي رئاسة الوزراء وتعهده بكبح جماح المليشيات المسيئة وإنهاء الطائفية التي كانت تغذي حلقة العنف في عهد سلفه.

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "يتعرض المدنيون في العراق لمطرقة داعش، ثم مطرقة المليشيات الموالية للحكومة في المناطق التي يستعيدونها من داعش. ومع رد الحكومة على من تعتبرهم إرهابيين بالاعتقالات التعسفية وعمليات التصفية، لا يجد السكان مكاناً يلجأون إليه لالتماس الحماية".

تحدثت هيومن رايتس ووتش مع ستة نازحين من سكان القرى القريبة من المقدادية ـ وهي منطقة ريفية في غالبيتها، يتنوع سكانها البالغ عددهم نحو 300 ألف بين السنّة والشيعة العرب والأكراد والتركمان. وقد قال خمسة منهم لـ هيومن رايتس ووتش إنهم غادروا قراهم في البداية في يونيو/حزيران ويوليو/تموز، إثر هجمات من مليشيات عصائب أهل الحق ومقاتلين متطوعين والقوات الخاصة.

وفي منتصف أكتوبر/تشرين الأول بدأ السكان في العودة إلى بيوتهم حين سمعوا بمغادرة المليشيات للمنطقة، ليكتشفوا أنها أحرقت العديد من المنازل. وبعد ذلك بقليل بدأ أفراد المليشيات التي سيطرت على المنطقة في خطف السكان العائدين وإطلاق النار عشوائياً في الشوارع وفي الهواء من أسلحة آلية. ووصف السكان الذين أجريت معهم المقابلات عمليات خطف وقتل لثلاثة رجال بأيدي المليشيات.

وتبدو الهجمات على شمال المقدادية وكأنها جزء من حملة تشنها المليشيات لتهجير السكان من المناطق السنّية والمختلطة، بعد نجاح المليشيات مع قوات الأمن في دحر داعش في تلك المناطق. في 29 ديسمبر/كانون الأول قام هادي العامري، قائد فيلق بدر ووزير النقل في عهد الإدارة السابقة لنوري المالكي، بتهديد سكان المقدادية قائلاً "يوم الحساب قادم" و"سنهاجم المنطقة حتى لا يبقى منها شيء. هل رسالتي واضحة؟".

وكان باحثو هيومن رايتس ووتش قد لاحظوا في أكتوبر/تشرين الأول مليشيات تحتل منازلاً وتشعل فيها النيران في محيط العامرلي بمحافظة صلاح الدين، عقب انسحاب مقاتلي داعش. وفي 17 ديسمبر/كانون الأول أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" ووسائل إعلامية أخرى بأن المليشيات تجري عمليات إخلاء وإخفاء وقتل في حزام بغداد بعد إجراء عمليات عسكرية ضد داعش. وفي يناير/كانون الثاني أفادت وسائل إعلامية بأن المليشيات ألقت القبض على آلاف الرجال في سامراء بدون تصريح، ومنعتهم من العودة إلى منازلهم. وفي 26 يناير/كانون الثاني، بحسب تقارير إعلامية، قامت المليشيات ومقاتلون متطوعون وقوات أمنية بإرغام 72 مدنياً على ترك منازلهم في بروانة بمحافظة ديالى، وإعدامهم ميدانياً. وتقوم هيومن رايتس ووتش بالتحقيق في تلك الادعاءات.

وفي 18 ديسمبر/كانون الأول نشرت "وول ستريت جورنال" افتتاحية بقلم رئيس الوزراء العبادي تعهد فيها بـ"إخضاع جميع الجماعات المسلحة لسيطرة الدولة. فلن تعمل مليشيا أو جماعة مسلحة خارج قوات الأمن العراقية أو على التوازي معها". وعلاوة على الأمر بالتحقيق العلني في جرائم القتل في بروانة يوم 28 يناير/كانون الثاني، أمر رئيس الوزراء العبادي في 7 فبراير/شباط بالتحقيق في مزاعم تفيد بأن قوات الأمن قتلت اثنين من المدنيين السنّة خارج إجراءات القضاء في الأنبار، وأدان سلوك المليشيات وقوات الأمن غير المشروع بعبارات شديدة اللهجة.

قالت هيومن رايتس ووتش أن الأدلة على تصدّر المليشيات للعمليات الأمنية في محافظات صلاح الدين وديالى وبغداد وبابل تكذّب هذا التعهد، ففي 1 يناير/كانون الثاني 2015، عقد أبو مهدي المهندس، الذي طال تزعمه لمليشيا كتائب حزب الله ويرأس الآن الحشد الشعبي، وهو منظمة شبه حكومية، عقد مؤتمراً صحفياً وصف نفسه فيه بأنه قائد عسكري ورئيس "مليشيا الحشد الشعبي"، وهاجم المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، اللتين وصفهما بكفلاء داعش وداعميها. ويوحي هذا بأن الحبل ما زال متروكاً على الغارب للمليشيات، رغم وعود رئيس الوزراء.

قال جو ستورك: "يتعين على الحكومة العراقية وحلفائها الدوليين الالتفات إلى آفة المليشيات التي تجتاح مناطق مثل المقدادية. وينبغي لأي رد فعّال على داعش أن يبدأ بحماية أرواح المدنيين ومحاسبة من يسئ إليهم، وخاصة في المناطق التي تعرض الناس فيها بالفعل للمعاناة من احتلال داعش وهجماتها".

 

المزيد هنا في تقرير هيومن رايتس ووتش