وبصرف النظر عن ذلك، فإنَّ معظم الجاليات المسلمة تتخلى عن رفع الأذان بصوت مسموع لعامة الناس في منطقة غالبيتها غير مسلمة وذلك لأنَّ الأذان يفقد معناه هناك؛ اليوم يُذكِّر تطبيق الصلاة (في الهواتف الذكية) الناس بموعد الذهاب إلى المسجد في الوقت المناسب. وهذه من دون شكّ حجةٌ صحيحة، ولكن مع ذلك لا يمكن تقييمها إلَّا من قِبَل الأشخاص المعنيين بالأمر شخصيًا.
ولكن مع ذلك يجب الاعتراف أيضًا بأنَّ الحضور في المجال العام يشير إلى مشاركة رمزية في حياة المجتمع كله. لم يكن الوضع مختلفًا عندما تم لأوَّل مرة بناء كُنس يهودية تمثيلية في مراكز المدن الألمانية إثر التحرُّر المدني لليهود. ومن اللافت للنظر مدى تشابه بعض الحجج الموجَّهة ضدَّ الأذان الإسلامي اليوم مع التحفُّظات المقدَّمة في ذلك الوقت ضدَّ بناء الكُنس اليهودية.
— DOMRADIO.DE (@domradio) October 24, 2021
مصطلح "الإسلام السياسي" فَقَدَ كلَّ معالمه
رابعًا: توجد حُجة مضادة تقول إنه "مع السماح برفع الأذان الإسلامي بصوت مسموع لعامة الناس، تتم ’مغازلة ممثًّلي الإسلام السياسي‘ من قِبَل الدولة الألمانية أيضًا". هذه "الحجة" كثيرًا ما تُسمع في الوقت الحاضر وهي ضمن سياقها المحدَّد حجة مثيرة للجدل ومعادية في نهاية المطاف لدولة القانون.
لا يمكن إنكار وجود مشكلات كبيرة بسبب تطرُّف المسلمين وكذلك بسبب العديد من أنواع التطرُّف الأخرى وخاصةً التطرُّف اليميني في ثوبيه القديم والجديد، وبسبب كراهية المسلمين غير الدستورية. تنشأ مثل هذه المشكلات من مطالبة بالسلطة تقوم على أساس ديني تتعارض مع سيادة القانون، ولكن مع ذلك لم تُقدِّم أية منظمة عاملة وفق هذه المواصفات طلبًا إلى الدولة حول ذلك.
لا يمكن مطلقًا اعتبار ممارسة الدين التقليدية المجرَّدة -سواء كان ذلك من خلال اللباس أو عادات الطعام أو من خلال طقوس معيَّنة- "إسلامًا سياسيًا" بالمعنى الصحيح لهذه المشكلة. الادِّعاء الواهي بأنَّ الدولة "تغازل" منظمات الإسلام السياسي يُظهِر أنَّ هذا المصطلح قد فَقَدَ في النقاش العام كلَّ معالمه وبات يُستخدم من حين إلى آخر كوسيلة للشجب والاستنكار.
الاشتباه العام بالمسلمين المرتبط بذلك من دون وجود شكاوى محدَّدة وملموسة هو انحراف صريح عن التفكير الدستوري، فبحسب هذا التفكير يصبح التخلي عن المواقف المحمية بموجب الدستور شرطًا للولاء للقانون - وهذه سخافة. من الضروري للغاية العمل مع الغالبية العظمى من السكَّان المسلمين من أجل تعايش سلمي في ظلّ الاحترام المتبادل، وكبح جماح الأطراف المتطرِّفة في جميع أجزاء المجتمع - هكذا تعمل دولة القانون. ومع ذلك يُنصح كثيرًا بعدم المبالغة -وكما يشير مَثَلٌ ألماني يحث على عدم المبالغة يُنصَح بـ: "ترك الكنيسة والمسجد في القرية"- لأنَّ فرط التنفس يسبِّب صعوبة في التنفُّس.
ماتياس روهه
ترجمة: رائد الباش / ع.م
حقوق النشر: موقع قنطرة 2021