بعد مقتل 33 عسكرياً تركياً بإدلب، الباحث يزيد صايغ: لن تقع حرب شاملة ولن تقترب تركيا مجددا من الناتو

يجد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان نفسه وسط خيارات محدودة بعد مقتل 33 عسكرياً تركياً الخميس 27 / 02 /  2020 في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا، حيث سيكون من الصعب عليه قلب ميزان القوى الذي تميل كفته للنظام السوري المدعوم من روسيا.

ورغم شنها عمليات ردّ دامية ضد قوات النظام السوري، لكن أنقرة أمام خطر خسارة كبرى إذا دخلت بمواجهة طويلة الأمد لعدم إمكانية الاعتماد على دعم غربي حاسم.

ولعب إردوغان مرةً جديدة ورقة المهاجرين في محاولة منه الحصول على مزيد من الدعم من الاتحاد الأوروبي بمواجهة حليفة دمشق القوية روسيا، فقد أعلنت أنقرة أنها لن توقف بعد اليوم المهاجرين الراغبين بالوصول إلى أوروبا معيدةً إلى الأذهان مرحلة أزمة الهجرة الخطيرة في عام 2015.

وتعتبر جنى جبور الخبيرة في الشؤون التركية في معهد الدراسات السياسية في باريس أن "تركيا لا تملك الوسائل العسكرية ولا الموارد البشرية الكافية لمواصلة التصعيد الجاري في إدلب".

وبالإضافة إلى الجانب العسكري، على الرئيس التركي، بحسب المحللة، أن يأخذ بعين الاعتبار الرأي العام في تركيا "الذي قد ينقلب ضدّه إذا ارتفع عدد قتلى العسكريين الأتراك في سوريا".

وتضيف الباحثة: "التهديد بفتح حدود أوروبا أمام المهاجرين وسيلة فعالة جداً لممارسة ضغوط على الاتحاد الأوروبي الذي يشكّل كل تدفق إضافي للمهاجرين إليه سيناريو كارثياً".

وأدى التصعيد الأخير في إدلب، المعقل الأخير لفصائل مسلحة مدعومة من أنقرة ومجموعات جهادية، إلى انهيار محاولات أنقرة وموسكو اللتين تتعاونان بشكل وثيق منذ 2016، على وقف المعارك في سوريا رغم اختلاف مصالحهما.

وبعدما طلبت دون جدوى نشر منظومة باتريوت الدفاعية الأميركية على أراضيها، حضت أنقرة المجتمع الدولي على إنشاء منطقة حظر جوي في شمال شرق سوريا لمنع النظام السوري وحليفته روسيا من شن ضربات.

وعقد ممثلون عن الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي اجتماعاً طارئاً الجمعة بطلب من تركيا بموجب البند الرابع للاتفاقية المؤسسة للحلف.

وينص البند على أن أي دولة "تعتبر أن هناك تهديدا على سلامة أراضيها واستقلالها السياسي أو أمنها"، يمكنها تفعيله.

لكن دول الأطلسي لم تعلن عن أي إجراء ملموس في ختام الاجتماع، مكتفيةً بإعلان تضامنها مع أنقرة. ويعتبر مدير مركز "إيدام" للدراسات في اسطنبول سينان أولغن أن فرصة تركيا في الحصول على دعم عسكري من الحلف الأطلسي ضئيلة، خصوصاً بعد إثارة استياء حلفائها بتقاربها مع موسكو وحيازتها على منظومة الدفاع الجوي الروسية "اس-400".

ويقول إن تركيا لا تملك أي "خيار مناسب" في سوريا، موضحاً أن ضربات النظام الخميس "كشفت هشاشة موقع تركيا لغياب تفوقها الجوي". ويضيف الباحث "بمعنى آخر، تبقى القوات التركية مكشوفةً أمام ضربات جوية كما حدث أمس".

وفي هذا السياق، يمكن أن تجد تركيا نفسها، وفق أولغن، مرغمةً على قبول ترتيبات تتفق عليها مع روسيا، تتيح لها السيطرة على "منطقة صغيرة على طول الحدود التركية تتكدس فيها القوات التركية ونحو مليون نازح سوري".

من جهته، يقول الباحث في مركز "كارنيغي الشرق الأوسط" يزيد صايغ ان "إردوغان يواجه اليوم خيارات شديدة الصعوبة تتضمن جميعها مخاطر هائلة".

وتابع: "لا يستطيع إردوغان الا الرد على الهجمات المباشرة للنظام، لكن عليه في الوقت نفسه أن يتفادى المضي بعيداً في التصعيد".

وأضاف الباحث أن التصعيد الحالي، رغم "حجمه"، يبقى "ربما مجرد تكتيك مفاوضات عالي المخاطر سيؤدي إلى تفاهم روسي تركي جديد حول إدلب".

وأوضح الصايغ "باختصار، لا أعتقد أن حرباً شاملة ستقع، أو أن تركيا ستتقرب مجددا من حلف شمال الأطلسي". 

وجاء قرار تركيا بفتح الأبواب إلى أوروبا بعد مقتل 33 جنديا تركيا في ضربة جوية نفذتها قوات النظام السوري المدعوم من من روسيا في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا.

ونزح قرابة مليون مدني في سوريا قرب الحدود التركية منذ ديسمبر / كانون الأول 2019 في الوقت الذي انتزعت فيه قوات النظام السوري المدعوم من من روسيا أرضا من قوات المعارضة المدعومة من أنقرة، الأمر الذي فجر أسوأ أزمة إنسانية في الحرب المستمرة منذ تسعة أعوام. أ ف ب ، رويترز

 

[embed:render:embedded:node:32538]