"تأخر البت في إقامات اللاجئين يدخلهم في حالة اغتراب خطير"

يرى منصور حسنو أن إسراع السلطات الألمانية في البت في طلبات اللجوء ولم شمل العائلات له أكبر الأثر في الحفاظ على التوازن السيكولوجي والسوسيولوجي للإنسان اللاجئ، الذي بدوره يدخل في عملية الاندماج مع المجتمع الجديد بسلاسة وانسياب، ليكون في النهاية عضوا منتجا في هذا المجتمع أكثر من كونه عضوا مستهلكا يعيش على المعونة. ويرى في وجهة نظره التالية لموقع قنطرة أن تأخر البت في إقامات اللاجئين يدخلهم في حالة اغتراب خطير عن الذات وعن الوطن.

الكاتبة ، الكاتب: منصور حسنو

لا شك أنّ ألمانيا الاتحادية وقفت وقفة تاريخية انسانية في تحمل الحصة الأكبر من الهاربين من ويلات الحرب ولعنات القدر، ولكن هذا الموقف الأخلاقي العام لا يمنع من تسليط الضوء على التفاصيل التي يعانيها بعض السوريين في بعض الولايات ، اذ تشكل هذه التفاصيل تهديدا للصحة النفسية والاندماج الاجتماعي السليم في مرحلة لاحقة في المجتمع الجديد فنكون في مرحلة اغتراب مركب ومعقد.

 

فعاليات اندماجية بين لاجئين سوريين وألمان

فعاليات اندماجية بين لاجئين سوريين وألمان#قنطرة #قنطريات #حوار #الشرق #الغرب #العالم_الإسلامي

Posted by ‎موقع قنطرة للحوار مع العالم الاسلامي‎ on Donnerstag, 7. April 2016

 

في أحد تجمعات اللاجئين في مدينة فوبرتال يعاني الكثير من السوريين وغيرهم ممن تأخرت إقاماتهم من الدخول في حالة اغتراب خطير عن الذات وعن الوطن مما يدفع البعض منهم للتعويض عن ذلك عبر تعاطي الحشيش والإسراف في تناول الكحوليات لدرجة الإسكار والانطواء على الذات رغم ما تبذله مؤسسات المجتمع المدني ونشطاء حقوق الانسان في المدينة من عقد لقاءات دورية مع السوريين عموما وإعداد جلسات فطور وغداء وحفلات موسيقية وغنائية في المدينة، وتعتبر مجموعة مرحبا بكم في فوبرتال كنموذج يحتذى في هذه المدينة ومنظمة الكاريتاس التي لا تألو جهدا في مساعدة السوريين ومحاولة التعويض عن فقد أهاليهم وأوطانهم.

كما تنتشر في كل قطاعات المدينة المدارس التي تقدم دورات مجانية في اللغة الألمانية وخصوصا لمن لم يحصلوا على الإقامة بعد، مما يجعل هذه المدينة نموذجا حضاريا للتعايش والاندماج . ومع كل هذه اللفتات المشرقة تبقى المشكلة الرئيسية في ملعب الحكومة الألمانية  والتي تتعلق في سير إجراءت اللجوء وقلق الانتظار وبقاء اللاجئ في حالة قلق نفسي ووجودي.

صورة افتراضية لظاهرة تعاطي الحشيش كنوع من الهروب من القلق.
في أحد تجمعات اللاجئين في مدينة فوبرتال يعاني الكثير من السوريين وغيرهم ممن تأخرت إقاماتهم من الدخول في حالة اغتراب خطير عن الذات وعن الوطن مما يدفع البعض منهم للتعويض عن ذلك عبر تعاطي الحشيش والإسراف في تناول الكحوليات لدرجة الإسكار والانطواء على الذات رغم ما تبذله مؤسسات المجتمع المدني ونشطاء حقوق الانسان في المدينة من عقد لقاءات دورية مع السوريين عموما وإعداد جلسات فطور وغداء وحفلات موسيقية وغنائية في المدينة.

جدير بنا أن ندرك أن تسهيلات اللجوء والإسراع في البت في طلبات اللجوء وتسريع لم شمل الأسر له أكبر الأثر في الحفاظ على التوازن السيكولوجي والسوسيولوجي للإنسان اللاجئ، والذي بدوره يدخل في عملية الاندماج مع المجتمع الجديد بسلاسة وانسياب ليكون بالنهاية عضوا منتجا في هذا المجتمع أكثر من كونه عضوا مستهلكا يعيش على المعونة والـ "جوب سنِتَر [مركز لتنظيم العمَل والإعانات] ، أي أن ثمة ترابط بين الاستقرار النفسي والعطاء الاقتصادي.

 كما أكد على ذلك علماء النفس الاقتصادي على الترابط بين الاستقرار النفسي والأمن الاجتماعي من جهة وعلم الاقتصاد والإنتاج من جهة ثانية، وهذا من أساسيات المجتمع الحديث الذي يجعل الفرد المنتج والمواطن الصالح حجر الأساس في الدولة الحديثة أو ما يسمى بالديمقراطية الاجتماعية.

 

منصور حسنو

حقوق النشر: موقع قنطرة ar.qantara.de 2016