"تدني الأحوال الاقتصادية يهدد الفكر الديني المعتدل في بعض مناطق البوسنة"

يقول دينيس غراتس، رئيس الحزب الاشتراكي الليبرالي في البوسنة إن المتشددين يقابلون بالرفض من أغلبية الشعب البوسني وفي المساجد المحلية. ولكن الفقر والظروف الاقتصادية المتدنية تعزز من فرص انتشار التطرف الديني في البوسنة، أفقر الدول الأوروبية.

 

تكرر في الفترة الأخيرة ظهور الأعلام التي تحمل اسم تنظيم "الدولة الإسلامية" في البلدة الصغيرة جورنيا ماوكا في شمال شرق البوسنة والهرسك، ولكن تختفي الأعلام قبل وصول قوات مكافحة الإرهاب "سيبا" التابعة لجهاز التحقيقات والحماية من العاصمة سرايفو . لا تتمتع السلطات البوسنية بدعم الشعب البوسني، فهم يتهمونها بالكسل والفساد. ولكن فيما يتعلق بملف التطرف الإسلامي، لا يوجه لهم اللوم بالتقاعس عن العمل.

انتشار الفكر الوهابي في بلدة جورنيا ماوكا متعلق بالحرب في عام 1992-1995 ، حيث أتى مقاتلون من بلاد أكثر تشدداً للقتال باسم الأمة الإسلامية. ظلت هذه القوة، التي تقدر بـ 2000 شخص بعد انتهاء الحرب، وحصلوا على جوازات بوسنية، بينما قاموا بالدعوة لتوجهاتهم الدينية وتجنيد الشباب.

ويقول أنس كاريك، البروفيسور في كلية الدراسات الإسلامية في سراييفو، إن التعاليم الوهابية المتشددة لا تتناسب مع الإسلام الحنيف المنتشر منذ مئات السنين في البوسنة والهرسك، منذ بدء حكم الإمبراطورية العثمانية هناك عام 1456. ولكن هذه المرحلة استمرت أكثر من 160 عاماً كما يوضح كاريك. لم يكن دخول الشعب في الدين الإسلامي دائماً عن قناعة، فجزء من سكان المنطقة دخل الإسلام هرباً من الضرائب، حيث كانت الضريبة المفروضة على المسلمين في الدولة العثمانية أقل، لأن المسلمين ملزمون بالدفاع والحماية. والدخول في الديانة كان أيضاً وسيلة البعض للوصول إلى مناصب رفيعة المستوى في الدولة أو الحصول على الأملاك.

أحداث المنطقة في القرن الخامس عشر أيضا شكلت نقاطاً فارقة في تطور الإسلام في البوسنة إلى دين ذي طابع أوروبي خاص، كما يوضح كاريك. انتشرت تعاليم الإسلام وتفسيره من المدن المتحضرة إلى القرى، بينما عاش مسلمو المنطقة في تبادل ثقافي مع الديانات الأخرى المسيحيين الكاثوليك والصرب الأرثوذكس، بالإضافة إلى اليهود، الذين وجدوا في الإمبراطورية العثمانية ملاذاً بعد طردهم من الإمبراطورية الإسبانية بين عامي 1492 و 1513.

منذ عام 1878 عندما تولت عائلة هابسبورغ الحكم في البوسنة والهرسك في إطار معاهدة برلين، والمسلمون في البوسنة يعيشون في مجتمع ذي طابع علماني، يلعب فيه الدين دوراً، ولكنه لا يطغى على القانون والحياة بصفة عامة.

يعترض كاريك بشدة على من يصنف هذا المنهج المتبع في البوسنة والهرسك بأنه إسلام "مخفف" مستخدماً الجدل الدائر في أوروبا حول ارتداء المرأة للحجاب كمثل. "حرية ارتداء الحجاب في الشارع الأوروبي لابد أن تكون مكفولة للجميع، ولكن ارتداء الحجاب أو عدمه لا ينتقص من وضع المرأة المسلمة ولا يبرر هذا انتقادها"، بحسب كاريك. المرأة في البوسنة لا ترى تعارضاً بين عدم ارتداء الحجاب وممارسة شعائر الدين الإسلامي.

ويقول دينيس غراتس، رئيس الحزب الاشتراكي الليبرالي "ناسا سترانكا" إن المتشددين يقابلون بالرفض من أغلبية الشعب البوسني وفي المساجد المحلية. ولكن الفقر والظروف الاقتصادية المتدنية تعزز من فرص انتشار التطرف الديني في البوسنة، أفقر الدول الأوروبية. ويضيف: "أنا أيضا مسلم، ولكننا في البوسنة نعيش إسلاماً له طابع وتقاليد خاصة، العلمانية تعتبر أمراً بديهياً وليست محل نقاش لدى الأغلبية". لمتابعة  القراءة: دويتشه فيله

 

اقرأ أيضًا: موضوعات متعلقة من موقع قنطرة

حوار مع الباحثة أرمينا عمريكا: '' الإسلامي البوسني يتسم بالانفتاح والحداثة''

 

الجدل حول الإسلام الأوروبي

معنى أن يكون الإنسان مسلماً وأوروبياً في الوقت نفسه

 

العلاقة بين المسلمين السنة والشيعة

التصالح السني الشيعي...مفتاح للاستقرار العالمي

 

رسالة مفتي البوسنة السابق إلى البابا فرانسيس

بناء سفينة النجاة...بالسلام والحوار والاحترام المتبادل

 

الإسلام في البوسنة

''المذهب الشيعي يجتذب البوسنيين''