بينما يحاول حزب الشعب الجمهوري إقناع الناس أنّ هذه المخاوف لا أساس لها من الصحة. ففي نهاية المطاف، حين فاز الحزب المعارض بالانتخابات المحلية في أنقرة وإسطنبول في عام 2019، لم يُقَل أو يُستبدَل الموظفون المعيّنون من قبل سلطات حزب العدالة والتنمية السابقة. كما أدخلت البلديات التي يرأسها حزب الشعب الجمهوري برامجَ الدعم الاجتماعي مثل "الفاتورة المعلقة"، وهو موقع إلكتروني تحمّل عليه الأسر المحتاجة فواتيرها ليقوم متطوعون بدفعها.
وقد رحّب الجمهور بهذه الجهود، بيد أنه ما زال ينبغي على المعارضة بقيادة حزب الشعب الجمهوري نشر أجندة اقتصادية شاملة توضّح كيف تنوي تحسين الوضع. وهذا من الأسباب الأخرى لعدم توجّه الناخبين إلى حزب الشعب الجمهوري حتى وإن كانوا غير راضين عن الحكومة الحالية. وقد كشفت استطلاعات رأي مختلفة أنّ ما يقارب من 20% من المؤهلين للتصويت لم يحسموا أمرهم بعد.
ويتفق حزب الشعب الجمهوري وخمسة أحزاب معارضة أخرى، أي "تحالف الأمة"، على أنّ السبب الرئيسي لمشاكل تركيا الحالية هو النظام الرئاسي، الذي اعتُمِد بعد استفتاء دستوري في عام 2018. ولذلك فالتعهّد الرئيسي للتحالف، حتى الآن، تغيير النظام إلى ما يُسمونه "نظام برلماني قوي".

وهذا ينصّ على تجريد المكتب الرئاسي من سلطاته واسعة النطاق، ليتحقّق بذلك فصل السلطات. كما تعد المعارضة بإنشاء سلطة قضائية مستقلة، مع وجود ضوابط وتوازنات لضمان حظر الأحكام ذات الدوافع السياسية.
حزب كردي مستبعد - لا وجود لمرشح رئاسي
وعلى الرغم من أنّ قادة تحالف الأمة قد أكّدوا للجمهور أنهم سيستمرون بالعمل سوية لهزيمة حزب العدالة والتنمية الحاكم، بيد أنّهم ما زالوا يستبعدون حزب الشعوب الديمقراطي (HDP)، والذي يستقطب حوالي 10% من الأصوات، وغالبيتها من المناطق المأهولة بالسكان الأكراد. وتحاول الحكومة، ولا سيما حزب الحركة القومية، تجريم حزب الشعوب الديمقراطي، الذي سُجن العديد من رؤساء البلديات والنواب المنتخبين التابعين له. وتردُّد المعارضة -حين يتعلق الأمر بإدراج حزب الشعوب الديمقراطي إليها- يمنعها من الحصول على 10% أخرى من الأصوات على الأقل، وهو هامش حاسم إن كانوا يريدون هزيمة حزب العدالة والتنمية.
وفي الوقت ذاته، عزّزت الحرب في أوكرانيا من شعبية الرئيس رجب طيب إردوغان، والتي كانت في تدهور مستمر. إذ يعتقد الجمهور أنّ جهوده الدبلوماسية لتحقيق الاستقرار والأمن الإقليميين مهمة خلال أوقات مضطربة كهذه.
ولم تقدّم المعارضة حتى الآن مرشحاً رئاسياً مشتركاً. ويقولون إنهم سيقررون المرشح بمجرد الإعلان عن موعد الانتخابات. ولكن بحلول وقت تحديد موعد الانتخابات، قد يكون الأوان قد فات بالنسبة للمعارضة للقيام بحملتها الانتخابية، وقد يضيع الزخم الذي كان لديها بشكل لا رجعة فيه.
عائشة كارابات
ترجمة: يسرى مرعي
حقوق النشر: موقع قنطرة 2022