لماذا سقطت أفغانستان سريعا بيد طالبان؟

استولت طالبان على قندهار ثانية أكبر مدن أفغانستان وثالثتها هرات وعلى أكبر جزء من شمال البلاد وغربها وجنوبها ولا تزال 13 / 08 / 2021 كابول ومزار شريف وجلال أباد المدن الكبرى الوحيدة تحت سيطرة الحكومة. ونزح مئات الآلاف معظمهم أطفال ونساء. وتسعى الحركة للسيطرة وفرض تفسير متشدد لشريعة الإسلام.

حركة طالبان تواصل تقدمها وواشنطن تجلي دبلوماسيين من أفغانستان: واصلت حركة طالبان تقدمها يوم الجمعة 13 / 08 / 2021 في أفغانستان التي قررت الولايات المتحدة وبريطانيا إجلاء رعاياهما ودبلوماسييهما بسرعة منها في مواجهة الخطر الذي يهدد العاصمة كابول، بينما يعقد حلف شمال الأطلسي اجتماعا حول أفغانستان.

وسيطر المتمردون الجمعة على مدينة بولي علم عاصمة ولاية لوغار على بعد 50 كلم من كابول بعد لشكركاه عاصمة ولاية هلمند في جنوب البلاد وذلك بعد ساعات قليلة على سقوط قندهار ثاني مدن البلاد على بعد 150 كيلومترا إلى الشرق منها.

وقال مسؤول محلي لفرانس برس "طالبان تسيطر على كافة المنشآت الحكومية في بولي علم ... فرضوا سيطرة تامة والمعارك متوقفة حاليا".

وبالمثل، صرح مسؤول أمني كبير لفرانس برس أن "تم إخلاء لشكركاه. قرروا وقف إطلاق النار لمدة 48 ساعة لإتاحة خروج" عناصر الجيش والمسؤولين الإداريين.

سيطرت طالبان كذلك من دون أن تواجه مقاومة الجمعة على شغشران عاصمة ولاية غور في الوسط. وبذلك صارت عواصم نصف الولايات تقريبا في قبضتها وقد سقطت كلها خلال ثمانية أيام.

وأصبح الجزء الأكبر من شمال البلاد وغربها وجنوبها تحت سيطرة مقاتلي الحركة. وكابول ومزار شريف كبرى مدن الشمال، وجلال أباد (شرق) هي المدن الكبرى الثلاث الوحيدة التي لا تزال تحت سيطرة الحكومة.

واستسلم إسماعيل خان أحد أشهر أمراء الحرب في أفغانستان وعمره 75 عامًا لحركة طالبان بعد سقوط هرات في الغرب الخميس 12 / 08 / 2021 بعد أن ظل يحكمها بلا منازع على مدى عقود. ووعد المتمردون بضمان سلامته.

في لشكركاه الولاية التي تخضع لسيطرة طالبان تقليديا، لقي مقاتلو الحركة استقبالا جيدا وعاد الهدوء بسرعة بعد عدة أيام من الاشتباكات العنيفة، بحسب أحد سكانها ويدعى عبد الحليم الذي قال إن "الجزء الأكبر من المدينة مدمر بسبب القتال ولا يوجد طعام كاف في السوق. ما زالت تبدو مدينة محتلة".

بدأت حركة طالبان هجومها في أيار/مايو 2021 عندما أكد الرئيس الأميركي جو بايدن رحيل آخر القوات الأجنبية من البلاد بعد عشرين عاما من تدخلها للإطاحة بطالبان من السلطة في أعقاب هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001.

ويفترض أن ينتهي هذا الانسحاب بحلول 31 آب/أغسطس 2021. منذ ذلك الحين، أكد بايدن أنه ليس نادما على قراره على الرغم من السرعة التي تفكك بها الجيش الأفغاني في مواجهة تقدم طالبان الذي فاجأ الأميركيين وخيب أملهم بعدما أنفقوا أكثر من ألف مليار دولار خلال عشرين عاما لتدريبه وتجهيزه.

 

#طالبان تتمدد في #أفغانستان وتقترب من العاصمة #كابول



https://t.co/TP2qCuxgMY

— DW عربية (@dw_arabic) August 13, 2021

 

ومساء الخميس 12 / 08 / 2021 أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أنه بسبب "تسارع الهجمات العسكريّة لطالبان وتصاعد العنف وعدم الاستقرار الناتج عن ذلك في كلّ أنحاء أفغانستان"، قررت الولايات المتحدة "تقليص وجودها الدبلوماسي" في كابول.

ولضمان إجلاء الدبلوماسيين الأميركيين بسلام، سترسل وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ثلاثة آلاف جندي إلى مطار كابول الدولي لينضموا إلى العسكريين الأميركيين الـ 650 الموجودين في أفغانستان، بحسب الناطق باسم الوزارة جون كيربي.

وأضاف الناطق أنه سيتمّ إرسال نحو 3500 عسكري آخرين إلى الكويت من أجل إرسالهم كتعزيزات في حال أي تدهور للوضع في كابول.

وأكد الناطق باسم الخارجية الأميركية نيد برايس أن هذه الخطوة "ليست إعادة التزام عسكري في النزاع في أفغانستان"، بينما قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أيضا إنها لن تستخدم مطار كابول لشن ضربات ضد طالبان.

من جهة أخرى، أكد برايس أنّ واشنطن ستقوم بتسريع إجلاء المترجمين والمساعدين الأفغان الآخرين للجيش الأميركي عبر رحلات جوية ستصبح "يومية"، في ضوء احتمال تعرضهم للانتقام إذا استولت طالبان على السلطة.

وفي الوقت نفسه، أعلنت بريطانيا أنها سترسل 600 عسكري لمساعدة الرعايا البريطانيين على مغادرة الأراضي الأفغانية.

في أعقاب الإعلان الأميركي ، وتجتمع دول الناتو بشكل عاجل يوم الجمعة. وقال مسؤول في التحالف في بروكسل إن عمليات "الإجلاء" سيكون في صلب المناقشات

وتأتي هذه العمليات بينما تواصل حركة طالبان تجاهل الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الولايات المتحدة والأسرة الدولية.

اختتمت اجتماعات دولية استمرت ثلاثة أيام في العاصمة القطرية الدوحة الخميس بدون إحراز أي تقدم ملموس. وقالت الولايات المتحدة وباكستان والاتحاد الأوروبي والصين في بيان مشترك إنها لن تعترف بأي حكومة في أفغانستان "مفروضة بالقوة".

وقال مفاوض حكومي في محادثات الدوحة طلب عدم كشف هويته إن طالبان قد لا تميل إلى تسويات على الإطلاق بينما عرضت عليها السلطات الخميس على عجل "تقاسم السلطة مقابل إنهاء العنف".

كان الرئيس الأفغاني أشرف غني يرفض حتى الآن الدعوات إلى تشكيل حكومة مؤقتة غير منتخبة تشارك فيها طالبان. لكن قد يكون تغيير موقفه جاء متأخرا.

في واشنطن، يواجه الرئيس بايدن ضغطًا من المعارضة. فقد صرح زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الخميس أن "أفغانستان في طريقها إلى كارثة هائلة يمكن التنبؤ بها وكان من الممكن تجنبها".

ودان الحلفاء الأميركيون توقيع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في شباط/فبراير 2020 في الدوحة الاتفاق مع حركة طالبان الذي أدى إلى خروج القوات الأجنبية، معتبرين أنها خطوة متسرعة.

وعبر وزير الدفاع البريطاني بن والاس الجمعة عن أسفه. وقال "رأيت أنه لم يكن القرار الصائب أو الوقت المناسب، وستعود القاعدة على الأرجح" إلى أفغانستان.

وقال إن رحيل الأمريكيين الذي أدى إلى انسحاب حليفهم البريطاني أيضا "يترك مشكلة كبيرة جدا على الأرض"، معتبرا أن اتفاق الدوحة "خطأ سندفع ثمنه على الرجح".

وأضاف أن "صفقة الدوحة كانت صفقة سيئة لأنها قالت لطالبان إنهم فازوا عندما لم يكن الأمر كذلك وقوضت سلطة الحكومة الأفغانية".

وانتقد وزير شؤون المحاربين القدامى البريطاني السابق جوني ميرسر قرار الانسحاب بعد عشرين عامًا من التدخل. وقال إن بريطانيا "اختارت الهزيمة" وأن هذا النقص "في الإرادة السياسية (...) مشين ومحزن".

وأوضح لإذاعة تايمز أنه "من الصعب جدا للغاية بالنسبة للذين شاركوا، أن يحاولوا الفهم والقبول". وأضاف إنه "أمر مهين للجيش البريطاني وعائلات الذين فقدوا أشخاصا هناك لكنه قبل كل شيء مأساة للشعب الأفغاني".

في أفغانستان أدى تقدم طالبان إلى خسائر بشرية كبيرة. فقد قتل 183 مدنيا على الأقل وأصيب نحو 1200 بجروح، في شهر واحد في لشكركاه وقندهار وهرات وقندوز بحسب أرقام الأمم المتحدة التي تشير أيضا إلى أن نحو 250 ألف شخص نزحوا بسبب النزاع منذ نهاية العام أيار/مايو 2021 -ونزح 400 ألف منذ بداية هذا العام نفسه- يشكل الأطفال والنساء 80 بالمئة منهم.

وتسارع نزوح السكان وتوافدت أعداد كبيرة في الأسابيع الأخيرة إلى كابول المهددة بأزمة إنسانية خطيرة. ويحاول هؤلاء البقاء على قيد الحياة في حدائق أو أماكن خالية، في حالة شديدة من البؤس.

تحليل باحث بريطاني: كيف يمكن تفادي وقوع كارثة في أفغانستان؟

وفي ظل التقدم المستمر الذي تحققه حركة طالبان في أفغانستان بالتزامن مع انسحاب القوات الأمريكية والدولية، بات مستقبل البلاد غامضا وسط علامات استفهام حول الأوضاع الأمنية التي ستواجهها البلاد بل ومحيطها الإقليمي أيضا.

ويقول الباحث البريطاني ميخائيل أوهانلون في تقرير نشرته مجلة ناشيونال إنتريست الأمريكية، إن عشرات من مناطق أفغانستان البالغ عددها نحو 400 منطقة سقطت في أيدي طالبان منذ الربيع، كما سيطرت الحركة على تسع من عواصم الولايات الـ 34 في البلاد. ورحل شركاء الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) الآن تقريبا من البلاد، باستثناء بضع مئات من القوات التركية والأمريكية التي تحرس المطار، فضلا عن السفارات الرئيسية في العاصمة كابول.

ويتساءل أوهانلون: هل ستسقط كابول قريبا؟ هل ستسيطر طالبان بشكل عام على البلاد كما فعلت تماما في أواخر التسعينيات باستثناء جيوب في شمال

البلاد؟ ويقول إن وكالة الاستخبارات المركزية تعتقد ذلك، ويبدو أن تقريرا مسربا مؤخرا من الوكالة يرى أن حكومة الرئيس أشرف غني قد تنهار خلال هذا العام.

ويضيف أنه للأسف، أدى قرار الرئيس جو بايدن المؤسف بإخراج القوات المقاتلة الأمريكية البالغ قوامها نحو ثلاثة آلاف جندي من أفغانستان، وسحبها بسرعة هذا العام، إلى أن يصبح مستقبل البلاد موضع شك. ومن المؤكد أن الأمور كانت سيئة من قبل. لكنها أسوأ بكثير الآن.

وسواء أصبحت أفغانستان التي تديرها طالبان ملاذا آمنا مرة أخرى لتنظيم القاعدة أو الإرهابيين المرتبطين بها أم لا، فسيتعين العمل بجد لضمان ألا يكون الأمر كذلك، مما يعني أن بايدن قد ينتهي به الأمر إلى إنفاق المزيد من الموارد والوقت على أفغانستان بعد الانسحاب أكثر مما كان عليه الحال من قبل. ويواجه ملايين الأفغان، بمن فيهم النساء والأقليات والمثقفون والإصلاحيون وأصدقاء الولايات المتحدة، الآن خطرا أكبر من أي وقت مضى.

ولكن لم يتم بعد فقدان كل شيء. وعلى الأقل، قد لا يكون الأمر كذلك. فلا تعرف القيادة المركزية الأمريكية ولا خبراء وكالة الاستخبارات المركزية حقيقة الأمور. ففي نهاية كل شيء، اعتقدت وكالة الاستخبارات المركزية أن الرئيس السوري بشار الأسد لن يستمر أكثر من بضعة أشهر بمجرد أن يبادر الربيع العربي إلى الظهور. وبعد عقد من الزمان، لا يزال الأسد رئيسا. وهذا لا يتعلق بانتقاد وكالة الاستخبارات المركزية بقدر ما يشير إلى الشكوك المتأصلة في تقييم المخاطر السياسية والعسكرية.

مستقبل محتمل آخر لأفغانستان

وهناك مستقبل محتمل آخر لأفغانستان، وعلى الرغم من أنه ليس جيدا، إلا أنه أفضل بكثير من الناحية الاستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة:

 

الشيشة والمكياج والرقص.. أشياء يخشى الأفغان أن يُحرموا منها عند عودة طالبان إلى الحكم! #طالبان #الأفغان #أفغانستان pic.twitter.com/xS05jBHddd

— DW عربية (@dw_arabic) July 6, 2021

 

يتمثل في وجود حالة جمود عسكري، تسيطر فيها طالبان على بعض المناطق في البلاد وكذلك الحكومة في حين تسيطر الميليشيات الصديقة على جزء كبير آخر. وربما - مع قليل من الحظ- من الممكن أن يؤدي هذا النوع من جمود الوضع مع مرور الوقت إلى إمكانية إجراء مفاوضات بشأن تقاسم السلطة. وكحد أدنى، يمكن أن يساعد ذلك في إبقاء حلفاء الولايات المتحدة ضمن المعادلة وتوفير أجزاء آمنة نسبيا من البلاد يمكن أن يتم فيها تموضع عناصر أجهزة استخبارات صديقة، مما يسهل منع ظهور ملاذات متطرفة عنيفة في أفغانستان في المستقبل.

ويقول أوهانلون إنه لكي نرى كيف يمكن تحقيق هذا النوع من التقسيم الفعال للبلاد، من المفيد رسم صورة تقريبية لأفغانستان. إذ يعيش معظم سكان البلاد البالغ عددهم أربعين مليون نسمة في المناطق الريفية. لكن المدن أساسية، حيث تقع كابول تقريبا في المركز الجغرافي، ثم أربع مدن إقليمية كبيرة على طول محيط البلاد، متصلة بـ "الطريق الدائري"، وهناك مدينة مزار الشريف في الشمال، وجلال أباد في الشرق، وقندهار (المعقل الملهم لحركة طالبان والمعقل السابق لأسامة بن لادن) في الجنوب، وهيرات في الغرب. وهي مدن كبرى.

وتضم كابول وهذه المراكز الإقليمية الرئيسية معا نحو عشرة ملايين شخص، ويعيش عدة ملايين آخرين في مدن أصغر مثل قندوز، التي سقطت في الواقع، وكذلك مساحات معينة من الأراضي التي يجتازها الطريق الدائري.

وينبغي أن تركز أي استراتيجية منطقية للحكومة الأفغانية، يدعمها الشركاء الدوليون، على هذه الأولويات. وقد لا يرغب أشرف غني في الإعلان عن المدن الأصغر التي سيتم التنازل عنها لطالبان في المستقبل المنظور. ومع ذلك، تحتاج الحكومة إلى تشكيل خطة حول متى وأين تحارب. ومن المحتمل أن يتضمن جوهر الاستراتيجية هذه العناصر.

ومن بين تلك العناصر، بحسب أوهانلون، حماية كابول والمراكز الإقليمية الأربعة الرئيسية، حتى بسقوط قندهار. ولندرك أيضا أنه لا يمكن تماما منع الهجمات بالسيارات المفخخة، مثل تلك التي وقعت الأسبوع الماضي في كابول بالقرب من منزل وزير الدفاع، وغيرها من الهجمات "المذهلة".

كما يمكن إعداد تفصيل واضح لقطاعات الجيش الأكثر فعالية، بدءا بالقوات الخاصة وربما التشكيلات الرئيسية للجيش مثل الفيلقين 201 و203، اللذين يركزان على شرق البلاد. ويمكن الاستعانة بهذه القوات المهمة للدفاع عن المدن الرئيسية والقيام بهجمات مضادة انتقائية.

ويمكن أيضا وضع خطة مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لتمويل الجيش وبعض الميليشيات المناهضة لطالبان التي يمكن أن تساعد في الاحتفاظ بالأراضي في أجزاء معينة من البلاد حيث أن الميليشيات أقوى من الجيش، شريطة أن تلتزم الميليشيات بمعايير أساسية معينة لحقوق الإنسان وضبط النفس.

كما يمكن البحث عن أماكن في المنطقة يمكن للأطراف الغربية المتعاقدة التعاون فيها مع الأفغان للحفاظ على السلاح الجوي الناشئء المطلوب لنقل القوات الخاصة بسرعة في ساحة المعركة ومهاجمة تجمعات طالبان.

ويقول أوهانلون إنه يمكن مطالبة الولايات المتحدة كذلك بإشراك قوات خاصة أمريكية ضمن وحدات معينة من الجيش الأفغاني، كما حدث في خريف عام 2001، عندما ساعدت في توجيه ضربات جوية ضد مواقع طالبان أثناء التعاون مع ما يسمى بالتحالف الشمالي.

ويمكن كذلك مطالبة الولايات المتحدة بأن تكون مستعدة لاستخدام قوتها الجوية الهجومية المتمركزة في المنطقة الأوسع للمساعدة في الدفاع ضد هجمات طالبان ضد المدن الرئيسية.

وأخيرا وضع خطة ملاذ أخير لنقل إنساني وآمن للسكان البشتون في منطقة شمال وغرب البلاد، التي توفر غطاء ومجندين ودعما لطالبان، والتي لايمكن بدون ذلك التحقق منها وضمانها. ويختم أوهانلون بالقول إنه من الواضح أن الوضع في أفغانستان سيئ.

والواقع أن البلد في حالة حرب لا أمل واقعيا فيها في نجاح عملية السلام في أي وقت قريب، وهي حرب ستستمر في التفاقم قبل أن تتحسن. ولكن هذا هي الأمور المطروحة وهذه هي الخيارات الواقعية.

طالبان تشدد قبضتها على أفغانستان والأنظار تتحول إلى كابول

شدد مقاتلو حركة طالبان قبضتهم على أفغانستان اليوم الجمعة 13 / 08 / 2021 وانتزعوا السيطرة على ثاني وثالث أكبر مدينتين في البلاد وهو ما أثار المخاوف من احتمال تعرض العاصمة كابول لهجوم خلال أيام.

وقال مسؤول دفاعي أمريكي كبير إن هناك مخاوف من إمكان قيام طالبان بتحرك يستهدف كابول في غضون أيام لكن واشنطن تأمل في أن تبدي قوات الأمن الأفغانية قدرا أكبر من المقاومة مع اقتراب المسلحين من العاصمة.

ومثل استيلاء طالبان على قندهار في الجنوب وهرات في الغرب إثر اشتباكات على مدى أيام ضربة مدمرة للحكومة في الوقت الذي يتحول فيه تقدم طالبان إلى هزيمة منكرة لقوات الأمن.

وقال غلام حبيب هاشمي عضو مجلس الولاية في إقليم هرات عبر الهاتف من مدينة هرات التي يقطنها حوالي 600 ألف نسمة قرب حدود إيران "تحولت المدينة فيما يبدو إلى خط مواجهة على جبهة القتال.. صارت مدينة للأشباح". وأضاف "العائلات إما أنها غادرت أو اختبأت في المنازل".

وقال النائب الأول للرئيس الأفغاني أمر الله صالح إنه فخور بالقوات المسلحة في البلاد.

وقال على تويتر بشأن اجتماع للأمن القومي برئاسة الرئيس أشرف غني "قررنا باقتناع وتصميم أن نقف بحزم ضد إرهاب طالبان ونفعل كل ما في وسعنا لتعزيز المقاومة الوطنية بكل الوسائل والطرق".

وأضاف "إننا فخورون (بقواتنا المسلحة)". وأكد مسؤول حكومي سيطرة طالبان على قندهار المركز الاقتصادي الواقع في جنوب البلاد وذلك في الوقت الذي تكمل فيه القوات الدولية انسحابها بعد حرب استمرت 20 عاما.

وأثار القتال أيضا مخاوف من حدوث أزمة لاجئين وتراجع ما تحقق من مكاسب في مجال حقوق الإنسان. وقال مسؤول في الأمم المتحدة إن نحو 400 ألف مدني اضطروا لترك منازلهم منذ بداية العام 2021 منهم 250 ألفا منذ مايو أيار 2021.

وقال تومسون فيري من برنامج الأغذية العالمي في إفادة للأمم المتحدة "الموقف يحمل كل السمات المميزة لكارثة إنسانية" مضيفا أن البرنامج يشعر بالقلق من حدوث "موجة جوع كبرى".

ولم يكن بوسع النساء في ظل حكم طالبان العمل ولم يكن يسمح للفتيات بالذهاب إلى المدرسة وكان على النساء تغطية وجوههن وأن يرافقهن أحد الأقارب الذكور إذا أردن الخروج من منازلهن. وفي أوائل

يوليو تموز 2021 أمر مقاتلو طالبان تسع نساء بالتوقف عن العمل في أحد البنوك.

وبين المدن الرئيسية في أفغانستان، لا تزال الحكومة تسيطر على مزار الشريف في الشمال وجلال اباد قرب الحدود الباكستانية في الشرق بالإضافة إلى كابول.

اللجوء إلى الحدائق

وردا على تقدم طالبان قالت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" يوم الخميس 12 / 08 / 2021 إنها سترسل نحو 3000 جندي إضافيين خلال 48 ساعة للمساعدة في إجلاء موظفي السفارة الأمريكية.

وقالت بريطانيا إنها سترسل نحو 600 جندي لمساعدة مواطنيها على المغادرة وقالت سفارات أخرى من بينها سفارتا هولندا وألمانيا وجماعات إغاثة إنها تعمل أيضا على إجلاء موظفيها.

وقال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إنه سيعقد اجتماعا طارئا يوم الجمعة 13 / 08 / 2021 لمناقشة الوضع في أفغانستان.

وذكرت الأمم المتحدة أن هجوم طالبان على كابول سيكون له "أثر كارثي على المدنيين" لكن لا يوجد أمل يذكر في التوصل إلى إنهاء

القتال من خلال التفاوض مع تصميم مقاتلي طالبان على ما يبدو على تحقيق نصر عسكري.

وأظهرت لقطات تلفزيونية أسرا تقيم في خيام في حديقة بكابول بلا مأوى بعد أن هربوا من العنف في مناطق أخرى من البلاد.

 

طالبان تقترب من العاصمة وتسيطر على غالبية مدن البلاد وأريافه#أفغانستان #كابول #طالبان https://t.co/YaagE1QgtG

— DW عربية (@dw_arabic) August 13, 2021

 

وقال مسؤولون أمنيون إن طالبان سيطرت أيضا على بلدتي لشكركاه في الجنوب وقلعة ناو في الشمال الغربي. وقال مسؤولون إن فيروز كوه عاصمة إقليم غور بوسط البلاد استسلمت دون قتال.

وسيطر المتشددون، الذين يقاتلون لهزيمة الحكومة وفرض تفسيرهم المتشدد للشريعة الإسلامية، على 14 من عواصم الأقاليم الأفغانية البالغ عددها 34 منذ السادس من أغسطس آب 2021.

وقال مسؤول إنه بعد الاستيلاء على هرات، اعتقل المسلحون القائد المخضرم إسماعيل خان، مضيفا أنهم وعدوا بعدم إيذائه هو وغيره من المسؤولين الذين تم أسرهم. وأكد متحدث باسم طالبان اعتقال خان الذي كان يقود المقاتلين ضد طالبان.

قرار بايدن

وأثارت سرعة الهجوم في الوقت الذي تستعد فيه القوات الأجنبية التي تقودها الولايات المتحدة لإكمال انسحابها بنهاية هذا الشهر اتهامات متبادلة بشأن قرار الرئيس جو بايدن سحب القوات الأمريكية بعد 20 عاما من الإطاحة بطالبان في أعقاب هجمات 11 سبتمبر أيلول في الولايات المتحدة.

وقال بايدن هذا الأسبوع إنه لم يندم على قراره مشيرا إلى أن واشنطن أنفقت أكثر من تريليون دولار في أطول حرب أمريكية وخسرت الآلاف من الجنود.

وتمثل خسارة قندهار ضربة قوية للحكومة. وتعد قندهار معقل حركة طالبان التي ظهرت عام 1994 وسط فوضى الحرب الأهلية.

واتصل وزيرا الخارجية والدفاع الأمريكيان أنتوني بلينكن ولويد أوستن بأشرف غني يوم الخميس 12 / 08 / 2021 وأبلغاه أن الولايات المتحدة ما زالت حريصة على أمن أفغانستان. أ ف ب ، د ب أ ، رويترز

 

 

[embed:render:embedded:node:22242]