
تضارب بين ما تريده الفتاة وما تريده العائلة - تجربة مخرجة أفلام جزائريةاختلاف الأجيال - "إن شاء الله، إذا أحيانا ربي"
"تستيقظ أمي كلّ صباح قبلنا جميعاً، تحضّر القهوة وفي أحيانٍ كثيرة كسرة. أستيقظ متأخرة، يا لسعادتي عندما أستيقظ على روائح وحدها أمي تُحسن صنعها. أجلس إلى الطاولة شاردة الذهن، أحتسي قهوتي ببطء، كأني أريد للزمن أن يتوقف"، كما تكتب ظريفة مزنر.
أتناول الكسرة الساخنة بنهمٍ وأتأمل أمي وهي تطهو طعام الغداء في هدوء تام. أراقب يديها الجميلتين وتجاعيدها، كيف لها أن تنعم بهذا الهدوء؟
أفكر بالنهايات كثيراً. وتفكر هي بالبدايات طوال الوقت. تريدني أن أتزوج في أقرب وقت، أن تكون لدي أسرة، أن أنجب طفلاً أو اثنين لا أكثر فهي تعلم أني لستُ حِمل تربية. أسمعها تسألني في صمتها مراراً "كيف يعقل أنك لم تجدي رجلاً مناسبا؟ كيف يمكن لفتاة مثلك لا تهدأ طوال السنة أن لا تتمكن من اختلاق الفرص واغتنامها؟. تقول لي في صمتها "لو كنت مكانك لتزوجت وزيراً".
هذا ما كان ينقصني!
أتذكر أن عليّ القيام بالعديد من الأشياء اليوم. اليوم لن يكون كافياً، كان يجب أن أستيقظ باكراً. تقول أمي "من بكّر لحاجتو قضاها". أحدث نفسي أن لا بأس، سأتحلّى بالصبر، سأقوم بما أستطيع، ثم لا حاجة لتخطيطٍ دقيقٍ في ظل العبثية التي تحيط بنا من كل جانب.
أغير ملابسي، ثم أمام المرآة أضع بعض الكحل في عيني. أحب أن أمنح عينيّ بعض الاهتمام، أن أرى فيهما بريقهما الذي يجعلني أستعيد بعض الثقة. تمرّ أمي أمامي وتكرر كعادتها جملتها: لا تضعي شيئاً على وجهك يا ابنتي، أنت أجمل دون هذه الصبيغة!

أبتسم كعادتي، أجمع أغراضي الكثيرة: حاسوبي، وحقيبة اليد وأشياء أخرى. وقبل أن أصل إلى السيارة تذكرني بأن أحترس وأنا في الطريق، وبأن لا أتأخر كثيراً ككل ليلة، ثم تنهي نصائحها بالتذمر من أني أعمل كثيراً ولا أرتاح وأن الأسهل أن أجد عملاً آخر أو رجلاً يريحني من التعب. أهز رأسي بنعم، توقفت منذ زمنٍ عن إبداء رأيي واعتراضي على الطريقة التي ترى بها أمي النجاح، أسخر في أعماقي من فكرة أن الزواج سيكون أريح لي.