تضرر الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية من عقوبات أمريكا على النفط الإيراني لكن إمدادها مستمر
يشير محللون وبيانات التجارة إلى أن المشترين الآسيويين للنفط الخام الإيراني في وضع يؤهلهم للتغلب على قرار الولايات المتحدة إنهاء العمل بالإعفاءات من العقوبات الأمريكية إذ برهن هؤلاء المشترون على أن بوسعهم الاستمرار بدونه في الوقت الذي يمتلك فيه المنتجون في أنحاء العالم القدرة على تعويض الأسواق عنه.
وكانت الولايات المتحدة طالبت مشتري النفط الإيراني يوم الإثنين 22 / 04 / 2019 بالتوقف عن الشراء بحلول مايو / أيار 2019 وإلا فستُفرض عليهم عقوبات منهيةً بذلك إعفاءات استمر العمل بها ستة أشهر وسمحت لأكبر ثمانية مشترين للنفط الإيراني، وأغلبهم في آسيا، بمواصلة استيراد كميات محدودة.
وجاء هذا الإعلان في فترة تشهد فيها السوق تقييدا للمعروض، إذ عمدت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجون كبار آخرون من بينهم روسيا إلى الحد من المعروض منذ شهر يناير / كانون الثاني 2019 لدعم الأسعار.
وقد ارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت في المعاملات الآجلة إلى 74.69 دولار للبرميل يوم الثلاثاء 23 / 04 / 2019 مسجلا أعلى مستوى له هذا العام 2019. وسيؤدي ارتفاع أسعار الخام إلى زيادة تكلفة الوقود على الدول الآسيوية.
وأكبر أربعة مشترين للخام الإيراني هم الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية.
ورغم ارتفاع التكلفة فمن المستبعد أن يحدث نقص في المعروض. وقال بنك جولدمان ساكس الاستثماري يوم الإثنين إن من المنتظر أن يؤدي انتهاء العمل بالإعفاءات إلى انخفاض الصادرات الإيرانية بواقع 900 ألف برميل يوميا.
ويعمل على تعويض ذلك وزيادة طاقة الإنتاج الفائضة "المتاحة على الفور" منتجون من بينهم السعودية والإمارات وروسيا بإنتاجية تبلغ حوالي مليوني برميل يوميا وقد ترتفع إلى 2.5 مليون برميل يوميا في العام المقبل 2020.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في بيان عن نهاية العمل بالإعفاءات إن الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ستضمن تزويد أسواق النفط باحتياجاتها بالكامل.
{انكمشت صادرات النفط الإيرانية في أبريل / نيسان 2019 إلى حوالي مليون برميل يوميا.}
وقال مات ستانلي السمسار لدى شركة ستارفيولز في دبي: "الولايات المتحدة برهنت تماما على قدرتها على ملء أي فراغ ينجم عن العقوبات".
وقال ستانلي إنه حتى إذا انخفض الإنتاج الأمريكي فإن "السعودية والإمارات ستضمنان زيادة الإنتاج لتعويض أي خسارة في الإمدادات من إيران".
وقد رفع المشترون الآسيويون الرئيسيون الأربعة للنفط الإيراني وارداتهم في مارس / آذار وأبريل / نيسان تحسبا لانتهاء العمل بالإعفاءات. وقبل ذلك برهنت الدول كلها على أنها قادرة على خفض مشترياتها.
{أكبر أربع دول مشترية لخام النفط الإيراني هي الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية.}
وقبل فرض العقوبات، كانت إيران رابع أكبر الدول المنتجة للنفط في أوبك وكان إنتاجها نحو ثلاثة ملايين برميل يوميا. غير أن صادراتها في أبريل / نيسان الجاري 2019 انكمشت إلى حوالي مليون برميل يوميا وفقا لبيانات رفينيتيف لتتبع السفن وبيانات المحللين.
المستوردان الكبيران
أكبر دولتين بين مشتري النفط الإيراني هما الصين والهند. ويوم الإثنين، انتقدت الصين القرار الأمريكي لكن بيانات التجارة تظهر أن بوسعها التكيف مع انخفاض الواردات من إيران.
وأوضحت بيانات متابعة حركة السفن في رفينيتيف أن واردات النفط الخام في الصين من إيران بلغت 500 ألف برميل يوميا في المتوسط منذ بداية 2019 انخفاضا من الذروة التي بلغتها العام الماضي 2018 حوالي 800 ألف برميل يوميا أي أنها أصبحت تمثل خمسة في المئة فقط من إجمالي واردات النفط الخام.
ويوم الثلاثاء قال داي جياتشوان رئيس معهد الأبحاث بشركة النفط الوطنية الصينية إن موردين آخرين قد يسدون العجز خاصة من الخام الأمريكي.
وأشار إلى أن التقديرات تبين أن الإنتاج الأمريكي من النفط الخام سيزيد هذا العام 2019 بما بين 1.6 و1.7 مليون برميل يوميا وأن هذا وحده سيتجاوز النمو المتوقع في الطلب العالمي على النفط والذي يتراوح بين 1.2 مليون و1.3 مليون برميل.
وقال داي إن استغلال الطاقة الإنتاجية الفائضة لدى أوبك معناه "أنه لن يحدث نقص في الإمدادات في السوق".
والولايات المتحد في الوقت الحالي هي أكبر دول العالم إنتاجا للنفط إذ تضخ أكثر من 12 مليون برميل يوميا وتتجاوز صادراتها ثلاثة ملايين برميل يوميا.
كما عمدت الهند إلى تقليل مشترياتها من النفط الإيراني التي بلغت نحو 300 ألف برميل يوميا هذا العام تمثل حوالي ستة في المئة من إجمالي الواردات وذلك انخفاضا من الذروة التي بلغتها في منتصف العام الماضي 2018 عند 750 ألف برميل يوميا وفقا لبيانات رفينيتيف.
وقال دارمندرا برادان وزير النفط الهندي يوم الثلاثاء إن بلاده يمكنها أن تلجأ للشراء من منتجين آخرين للتعويض عن غياب النفط الإيراني. وأضاف: "مصافي التكرير الهندية مستعدة تمام الاستعداد لتلبية الطلب المحلي على البنزين ووقود الديزل وغيرهما من المنتجات النفطية".
الحلفاء
أظهرت بيانات رفينيتيف أن اليابان، وهي من الحلفاء المقربين للولايات المتحدة، أوقفت واردات النفط الخام الإيرانية كلها بين نوفمبر / تشرين الثاني 2018 ويناير / كانون الثاني 2019. وقد انخفضت الواردات منذ ذلك الحين لما دون 200 ألف برميل يوميا في المتوسط أي ما يعادل خمسة في المئة من الطلب.
وقال هيروشيجي سيكو وزير التجارة والصناعة يوم الثلاثاء إن تشديد العقوبات الأمريكية لن يكون له سوى أثر محدود على اليابان.
كما خفضت كوريا الجنوبية وارداتها من النفط الإيراني بين أغسطس/ آب وديسمبر / كانون الأول من العام الماضي 2018.
وفي العام الجاري 2019، بلغ متوسط الواردات الكورية نحو 300 ألف برميل يوميا أغلبها من المكثفات، وهي نوع خفيف للغاية من النفط يستخدمه كثير من مصافي التكرير في كوريا الجنوبية لصنع البتروكيماويات. (رويترز)