
تقويض الديمقراطية الهنديةديمقراطية ناريندرا مودي الزائفة في الهند
استفاق المشرعون الهنود في مطلع عام 2021 على أمرين. أولهما أن الدورة الشتوية السنوية للبرلمان، التي كان من المفترض أن يخرجوا منها للتو، لم تُعقد على الإطلاق.
وثانيهما أن مجمع البرلمان المبهر في نيودلهي، والذي يعد قبلة للسياح منذ أن بُني في عام 1927، حُوِّل إلى ورشة بناء.
وتلخص هاتان الحقيقتان واقع الديمقراطية الهندية في ظل حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي.
فمن ناحية، تجاهلت الحكومة مفهوم المساءلة أمام ممثلي الشعب، وهو ركيزة الديمقراطية البرلمانية.
ومن ناحية أخرى، يبذل مودي -وهو شخصية تزداد عظمة، ويشبه بلحيته الطويلة وما يتمتع به من صفات تنتمي إلى عالم آخر، "راج ريشيس" أو حكماء الإمبراطور في الأيام القديمة-قصارى جهده لتحويل الجمهورية جغرافيا وكذلك سياسيا.
تم تقرير أن يتم إنشاء مبنى البرلمان الجديد والأوسع مساحة بمحاذاة المبنى القديم، كجزء من تصميمه على ترك بصمة واضحة في العاصمة الوطنية.
وتتضمن "عقدة البناء" لمودي خططًا لبناء مجموعة من المباني الحكومية الجديدة في إطار مشروع سنترال فيستا في نيودلهي، والتي ينقل اكتساحها الكبير البرلمان السابق إلى قصر راشتراباتي بهافان، القصر الرئاسي.
وتتضمن الخطط أيضا مجمعا فيه مباني تجمع بين إقامات سكنية ومكاتب لنائب الرئيس ورئيس الوزراء.
وقد حصل دعاة حماية البيئة على وقف البناء من المحكمة العليا، لكنهم لم يطعنوا في مراسم وضع حجر الأساس لمبنى البرلمان الجديد.
وبالكأد اجتمع أعضاء البرلمان أنفسهم في عام 2020. وكان السبب الرسمي، بالطبع، جائحة كوفيد-19، التي أدت إلى تقليص مدة دورتي العام الأوليين وإلغاء الدورة الثالثة.
واجتمع أعضاء البرلمان لمدة 23 يومًا فقط أثناء دورة الميزانية التي بدأت العام التشريعي، قبل أن تؤجل في مارس/آذار 2020 بسبب تفشي الوباء.

ثم لم تُظهر الحكومة أي رغبة في عقد دورة الرياح الموسمية، التي تبدأ عادة في أواخر يونيو/حزيران، أو منتصف يوليو/تموز وتستمر حتى أغسطس.
وكان بإمكانها أن تعقد بكل سرور بمقتضى مرسوم، لولا المطلب الدستوري بأن يجتمع البرلمان في غضون ستة أشهر بعد نهاية الدورة السابقة.
وفي 14 سبتمبر/أيلول 2020، تلقى أعضاء البرلمان دعوة متأخرة لعقد اجتماعات دورة الرياح الموسمية لمدة 18 يومًا فقط دون فترات راحة في نهاية الأسبوع.
ولكنها أُجلت فجأة بعد عشرة أيام، بسبب الفيروس مرة أخرى. أما فيما يخص الدورة الشتوية، التي كان من المفترض أن تبدأ في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وتستمر حتى عيد الميلاد (في بعض المناسبات، امتدت حتى خلال جلسة العطلة) فهي لم تعقد قط.
ولاشك أن تجمهر 750 نائبا ومئات المسؤولين والصحفيين في مجمع البرلمان شكل خطرا. فقد ثبُتت إصابة ثلاثة وزراء وعشرين نائبا والعديد من المسؤولين البرلمانيين بفيروس كورونا خلال دورة الرياح الموسمية؛ وتوفي ثلاثة نواب ووزير دولة بعد إصابتهم بكوفيد-19.
جلسات البرلمان لم تُعقد حتى عبر الإنترنت
ولكن يبدو من السخف أن تجد دولةٌ تدعي أنها رائدة عالميًا في مجال تكنولوجيا المعلومات، نفسَها غير قادرة على ربط اتصال افتراضي بين نوابها من خلال المؤتمرات عبر خاصية الفيديو، كما فعلت العديد من البرلمانات الوطنية الأخرى.
إن الأزمة الوطنية هي بالضبط الفترة التي يجب أن يجتمع فيها أعضاء البرلمان لمناقشة أسبابها، وفي هذه الحالة مناقشة الوباء وكيف يتولى صناع السياسات إدارته.
ولكن يبدو أن هذا هو بالضبط ما تريد الحكومة تجنبه. وكما أظهرت دورة الرياح الموسمية المقطوعة، فهي ترى أن الهيئة التشريعية مجرد ختم مطاطي للقرارات التي اتخذتها بالفعل.
فقد سُنت التشريعات الرئيسية- بما في ذلك مشاريع قوانين العمل والمزارع التي أثارت جدلا كبيرا- من خلال المجلسين دون نقاش كبير.