تمسك إردوغان بالتجارة مع إيران من أسباب هجمة ترامب الاقتصادية على تركيا وتراجع الليرة التركية

اتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي ينسب تراجع الليرة التركية إلى "مؤامرة" أمريكية، الإثنين 13 / 08 / 2018  واشنطن بالسعي الى طعن تركيا "في الظهر".

وقال في خطاب في أنقرة: "من جهة أنتم معنا في الحلف الأطلسي ومن جهة أخرى تحاولون طعن شريككم الاستراتيجي في الظهر. هل هذا مقبول؟".

وكان مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية قال إن واشنطن أبلغت حلفاءها بأن يتوقفوا عن استيراد النفط الإيراني بحلول نوفمبر تشرين / الثاني 2018، وهي دعوة عارضتها أنقرة علنا.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو قبل أكثر من شهر ونصف أن: "إيران جارة جيدة ولدينا علاقات اقتصادية. لن نقطع علاقاتنا التجارية مع إيران لأن دولا أخرى طلبت منا هذا".

وتركيا عضو في حلف شمال الأطلسي وتعتمد على الاستيراد في كل احتياجاتها تقريبا من الطاقة. وتفيد بيانات من هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية بأن أنقرة اشترت في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2018 أكثر من ثلاثة ملايين طن من النفط من إيران أي 55 في المئة تقريبا من إجمالي وارداتها من الخام.

وكان إردوغان قال الجمعة مباشرة بعد التراجع الكبير لليرة التركية: "إذا كان لديهم الدولار فلدينا الله"، ودعا الأتراك إلى تجنب الذعر وتحويل مدخراتهم من الذهب أو العملات الأجنبية الى الليرة التركية لدعم العملة الوطنية والانتصار في "حرب الاستقلال".

وأعلنت تركيا الإثنين مجموعة من التدابير لدعم عملتها التي تنهار بقوة على خلفية التوتر مع الولايات المتحدة الذي يتحدث عن "مؤامرة" تحاك ضد بلاده.

وقال البنك المركزي التركي إنه سيؤمن السيولة اللازمة التي تحتاج اليها المصارف ويتخذ "كافة التدابير اللازمة" لضمان الاستقرار المالي.

ويأتي الإعلان بعد أن شهدت الليرة التركية التي خسرت هذا العام أكثر من 40% من قيمتها مقابل الدولار واليورو، هبوطا حادا الجمعة ما أثار هلعا في أسواق المال العالمية.

وتراجعت بورصة طوكيو الإثنين (-1,98%) بسبب آثار "الجمعة الأسود" بعد أن خسرت الليرة التركية أكثر من 16% من قيمتها مقابل الدولار.

في الساعات الأولى الإثنين في آسيا وصلت الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها التاريخية وتخطى الدولار لأول مرة سبع ليرات قبل أن تتحسن مع إعلان البنك المركزي التركي.

وتم التداول بها بسعر 6,65 ليرة للدولار الواحد في الساعة 6,30 ت غ الاثنين. وراجع البنك المركزي التركي معدلات الاحتياطي الإلزامي للمصارف تفاديا لأي مشكلة سيولة وذكر أنه سيتم ضخ سيولة بقيمة 10 مليارات ليرة (6 مليارات دولار) وثلاثة مليارات دولار من الذهب، في النظام المالي.

وسعى وزير المال التركي براءة البيرق، وهو صهر الرئيس، الى الطمأنة مساء الأحد بإعلانه أن تركيا ستتخذ الإثنين سلسلة تدابير لاستقرار الليرة.

وكان أدروغان كثف انتقاداته لواشنطن وحذر الأحد بأنه سيرد على ما وصفه بـ"مؤامرة سياسية" أميركية ضد تركيا، بالبحث عن شركاء جدد وأسواق جديدة.

ويسجل هبوط العملة التركية وسط تصاعد التوتر بين أنقرة وواشنطن بسبب عدد من القضايا في صلبها احتجاز القس الأميركي أندرو برانسون الذي يحاكم في تركيا بتهمة "الإرهاب" و"التجسس"، وقد وضع في نهاية تموز/يوليو 2018 قيد الإقامة الجبرية بعد اعتقاله لعام ونصف.

وأكد إردوغان أنه متمسك بالاجراءات القضائية بما يتعلق بمصير القس برانسون. وقال: "لم نقدم حتى الآن أي تنازلات في مجال القضاء ولن نفعل ذلك على الإطلاق".

وفي تغريدته التي أعلن فيها زيادة التعريفات الجمركية على الصلب والالمنيوم التركيين قال ترامب: "إن علاقاتنا بتركيا ليست جيدة في الوقت الحاضر".

وصرح إردوغان الأحد "نواجه مؤامرة سياسية جديدة. وسنتخطاها بإذن الله". ولم يبد أردوغان قلقا لقرار مضاعفة الرسوم الجمركية على الفولاذ والألومنيوم التركيين الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمعة في تغريدة.

وتوعد بأنه إن كانت واشنطن على استعداد للتضحية بعلاقتها مع أنقرة، فإن تركيا سترد بـ"التحول إلى أسواق جديدة، وشراكات جديدة وتحالفات جديدة (ضد) من شن حرباً تجارية على العالم بأكمله وشمل بها بلدنا". 

وألمح إلى أن التحالف برمته بين تركيا التي انضمت إلى الحلف الأطلسي عام 1952 بدعم أمريكي، والولايات المتحدة على المحك. 

وتستضيف تركيا قاعدة أمريكية كبيرة في مدينة إنجرليك في جنوب البلاد، تستخدم حاليا مركز عمليات في الحرب على تنظيم الدولة الاسلامية.

وتأخذ تركيا على الولايات المتحدة الدعم الذي تقدمه لوحدات حماية الشعب الكردية في سوريا التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية، وتعتبرب أنقرة كلاً منهما إرهابيين.

وقال إردوغان: "لا يسعنا سوى أن نقول وداعا لكلّ من يقرر التضحية بشراكته الاستراتيجية وبنصف قرن من التحالف مع بلد عدد سكانه 81 مليونا، من أجل علاقاتها مع مجموعات إرهابية".

وتابع: "هل تجرؤون على التضحية بتركيا البالغ عدد سكانها 81 مليونا من أجل قس يرتبط بجماعات إرهابية؟".

وتطالب الولايات المتحدة بالإفراج الفوري عن القس الذي يواجه عقوبة بالسجن لفترة تصل إلى 35 عاما فيما تطالب تركيا بتسليمها الداعية فتح الله غولن المقيم منذ نحو عشرين عاما في الولايات المتحدة والذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب في تموز/يوليو 2016.

إضافة الى التوترات أعرب خبراء الاقتصاد عن القلق لهيمنة إردوغان المطلقة على الاقتصاد بعد أن عزز سلطاته إثر اعادة انتخابه في حزيران/يونيو 2018.

وتطالب الأسواق البنك المركزي بتحسين معدلات الفائدة لدعم الليرة والسيطرة على تضخم متزايد بلغ نحو 16% في تموز/يوليو 2018 على أساس سنوي.  أ ف ب