توغل تركيا في سوريا - هل يتجاوز "المنطقة الآمنة" والأكراد إلى الرقة ودير الزور لتوطين اللاجئين؟

* ماذا تريد تركيا من توغُّلها في الشمال السوري؟

* كيف سيتأثر الأكراد؟

* إلى أي مدى قد تذهب تركيا؟

* هل تدعم روسيا وإيران التحرك التركي؟

* ما هو رد الفعل الغربي على الخطة التركية؟

* ما الذي يعنيه ذلك للأسد؟

* ما الذي قد يعنيه ذلك للدولة الإسلامية؟

يبدو أن توغلا تركيا وشيكا في شمال سوريا سيعيد ترسيم خريطة الصراع السوري مرة أخرى، مما يوجه ضربة لقوات حاربت تنظيم الدولة الإسلامية ويقودها الأكراد ويوسع رقعة الأراضي الخاضعة لسيطرة تركيا على الحدود.

ومن شأن هذا أن يكون ثالث توغل من نوعه لتركيا منذ 2016 بعدما نشرت بالفعل قوات على الأرض عبر قطاع في شمال سوريا بهدف احتواء النفوذ الكردي بسوريا في الأساس.

ما الذي تريده تركيا؟

لتركيا هدفان رئيسيان في شمال شرق سوريا: إبعاد وحدات حماية الشعب الكردية عن حدودها إذ تعتبرها خطرا أمنيا وإنشاء منطقة داخل سوريا يمكن فيها توطين مليوني لاجئ سوري تستضيفهم في الوقت الراهن.

وتدفع أنقرة الولايات المتحدة للمشاركة في إقامة "منطقة آمنة" تمتد 32 كيلومترا في الأراضي السورية لكنها حذرت مرارا من أنها قد تتخذ عملا عسكريا من جانب واحد متهمة واشنطن بالتلكؤ.

بل وتحدث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في الآونة الأخيرة عن توغل أعمق في سوريا يتجاوز "المنطقة الآمنة" المقترحة إلى مدينتي الرقة ودير الزور من أجل السماح لمزيد من اللاجئين بالعودة إلى سوريا.

كيف سيتأثر الأكراد؟

أمضت قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد أعواما وهي توسع نطاق سيطرتها عبر شمال وشرق سوريا، بمساعدة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

والأكراد مثال نادر على تحقيق مكاسب في الحرب السورية، إذ أقاموا مع حلفائهم هيئات حاكمة مع التأكيد دوما على أن هدفهم هو الحكم الذاتي وليس الاستقلال.

وقد ينهار كل ذلك في حالة حدوث هجوم تركي كبير من شأنه أن يوقع المنطقة في حرب. وقال مجلس سوريا الديمقراطية المرتبط بقوات سوريا الديمقراطية إن الهجوم سيفجر موجة نزوح جماعي جديدة.

وبالنسبة لتحالف قوات سوريا الديمقراطية، الذي تمثل وحدات حماية الشعب الكردية أكبر فصائله، سيعتمد الكثير على ما إذا كانت الولايات المتحدة ستحتفظ بقوات في مناطق أخرى من الشرق والشمال الشرقي في سوريا. وسيعرّض أي انسحاب أمريكي كامل المنطقة لخطر المزيد من التوغلات التركية وعودة تنظيم الدولة الإسلامية أو لمحاولات الحكومة السورية المدعومة من إيران وروسيا استعادة أراضٍ.

وبعد أن واجه الأكراد احتمال انسحاب القوات الأمريكية العام الماضي 2018، طرقوا أبواب دمشق بهدف إجراء محادثات تسمح للحكومة السورية وحليفتها روسيا بالانتشار عند الحدود.

ولم تحقق المحادثات أي تقدم لكن مثل هذه المفاوضات قد تصبح خيارا مطروحا مرة أخرى في حال انسحاب أمريكي أكبر.

إلى أي مدى قد تذهب تركيا؟

المنطقة الحدودية الشمالية الشرقية التي تسيطر عليها في الوقت الراهن قوات يقودها الأكراد تمتد لمسافة 480 كيلومترا من نهر الفرات في الغرب إلى حدود العراق في الشرق.

ويبدو أن خطط تركيا العسكرية تنصب في الوقت الحالي حول قطاع حدودي بين مدينتي رأس العين وتل أبيض اللتين يفصلهما نحو 100 كيلومتر. وأبلغ مسؤول أمريكي رويترز يوم الإثنين 07 / 10 / 2019 أن القوات الأمريكية انسحبت من مواقع المراقبة هناك.

 

 

ورغم أن هذا الجزء يقع تحت سيطرة القوات التي يقودها الأكراد فإنه كان على مر التاريخ يحوي وجودا عربيا قويا.

وقال أوزجور أونلو هيسارجيكلي من صندوق مارشال الألماني: "هذه منطقة سكانها عرب ولتركيا علاقات طيبة مع الجماعات البارزة فيها". وأضاف أنه إذا حاولت وحدات حماية الشعب أن تحتفظ بأراضٍ هناك "فستخسر الكثير من الدماء".

ولم تحدد تركيا نطاق العملية المرتقبة أو تركيزها المبدئي. وقال مسؤول تركي لرويترز "مكان وتوقيت ونطاق تنفيذ الإجراءات الرامية لمواجهة المخاطر الأمنية ستقرره تركيا مجددا".

هل تدعم روسيا وإيران التحرك التركي؟

تدعم روسيا وإيران، القوتان الرئيسيتان الأجنبيتان الأخريان‭‭‭ ‬‬‬في سوريا، الرئيس السوري بشار الأسد بقوة على النقيض من تركيا والولايات المتحدة اللتين دعتاه للتنحي ودعمتا معارضين يحاربون للإطاحة به.

قالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان نشره موقعها الإلكتروني اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر / تشرين الأول 2019 إن إيران تعارض أي عملية عسكرية تركية في سوريا.

وأضاف البيان أن الوزارة تتابع "الأنباء الباعثة على القلق بخصوص احتمال دخول قوات عسكرية تركية الأراضي السورية وتعتقد أن حدوث ذلك لن ينهي المخاوف الأمنية التركية كما سيؤدي إلى ضرر مادي وبشري واسع النطاق". وتابع البيان قائلا إن إيران "تعارض أي عملية عسكرية محتملة" من هذا النوع.

وقالت أنقرة يوم الثلاثاء 08 / 10 / 2019 إنها أتمت استعداداتها لعملية عسكرية في شمال شرق سوريا بعدما بدأت الولايات المتحدة سحب قواتها.

وقالت روسيا إن تركيا لها الحق في الدفاع عن نفسها لكن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قال يوم الإثنين 07 / 10 / 2019 إنه ينبغي الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وإن على كل القوات العسكرية الأجنبية التي لها "وجود غير مشروع" أن ترحل عن سوريا.

وإذا سحبت الولايات المتحدة كل قواتها من شمال شرق سوريا، فإن حكومة دمشق مدعومة من روسيا، قد تحاول استعادة السيطرة على معظم المنطقة التي لم تسيطر عليها تركيا.

ما هو رد الفعل الغربي على الخطة التركية؟

لا يوجد دعم علني من حلفاء تركيا الغربيين لخطتها من أجل توطين مليوني لاجئ سوري، أي أكثر من نصف عدد اللاجئين الذين تستضيفهم في الوقت الراهن، في شمال شرق سوريا.

والباعث الرئيسي لقلق الغرب هو أن يؤدي تدفق السوريين العرب السنة على شمال شرق سوريا الذي يهيمن عليه الأكراد إلى تغيير التركيبة السكانية للمنطقة.

وقال منسق الأمم المتحدة الإقليمي للأزمة السورية إن على كل الأطراف تفادي تشريد المدنيين إذا شنت تركيا الهجوم.

ما الذي يعنيه ذلك للأسد؟

رغم أن الأراضي المعنية خارج سيطرة الحكومة السورية بالفعل، فإن التوغل التركي سيعني أن الكيان المسيطر على المنطقة سيتحول من قوة غير معادية -هي قوات سوريا الديمقراطية- إلى تركيا ومقاتلي المعارضة الذين يريدون الإطاحة بالأسد.

ولطالما اعتبرت دمشق أنقرة قوة احتلال لها مخططات في الشمال السوري. كما لمحت أحيانا إلى استعدادها لإبرام اتفاق مع الأكراد على الرغم من أن مفاوضاتهما الأخيرة وصلت لطريق مسدود.

ما الذي قد يعنيه ذلك للدولة الإسلامية؟

الفوضى قد تتيح للدولة الإسلامية فرصة للنهوض من جديد. وتشن قوات سوريا الديمقراطية عمليات ضد خلايا الدولة الإسلامية النائمة منذ انتزعت من التنظيم السيطرة على آخر معاقله في وقت سابق هذا العام 2019.

ولطالما حذر قادة الأكراد السوريين من أن قوات سوريا الديمقراطية ربما لا تتمكن من مواصلة احتجاز أسرى الدولة الإسلامية إذا تدهور الوضع في حالة الغزو التركي.

ووفقا لإدارة العلاقات الخارجية في الإدارة التي يقودها الأكراد بشمال سوريا، لا تزال قوات سوريا الديمقراطية تحتجز خمسة آلاف مقاتل من العراق وسوريا بالإضافة إلى ألف أجنبي من أكثر من 55 دولة. رويترز (8 أكتوبر / تشرين الأول 2019)