وفاة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي: مهندس التوافق في مهد الربيع العربي

أعلنت الرئاسة التونسية الخميس وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي عن 92 عاما بعد ساعات على إدخاله الى وحدة العناية الفائقة في المستشفى.
أعلنت الرئاسة التونسية الخميس وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي عن 92 عاما بعد ساعات على إدخاله الى وحدة العناية الفائقة في المستشفى.

الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي، حظي بسجل سياسي حافل يعود إلى النصف الأول من القرن الماضي. ويحسب للسبسي أنه ساهم في تجنيب تونس، مهد الربيع العربي، الانزلاق إلى الفوضى في ذروة الأزمة السياسية التي شهدتها البلاد في عام 2013، عبر انتهاجه سياسة التوافق مع الإسلاميين في تونس.

بعد ما يناهز من سبعة عقود قضّاها في ممارسة العمل السياسي فارق الرئيس التونسي محمد الباجي قايد السبسي الحياة عن عمر ناهز 93 عاما في العاصمة تونس.

وتوفي السبسي بعد متاعب صحية حيث نقل إلى المستشفى العسكري يوم 27 حزيران/يونيو الماضي وغادره في الأول من تموز/يوليو الجاري إثر "وعكة صحية حادة".

ولم يظهر السبسي، منذ ذلك الحين، سوى في مناسبتين إحداها خلال توقيعه في الخامس من تموز/يوليو الجاري أمرا يتعلق بتمديد حالة الطوارئ في كامل البلاد لمدة شهر، كما وقع في اليوم نفسه أمرا رئاسيا بدعوة الناخبين للانتخابات التشريعية والرئاسية التي تجرى بالبلاد في وقت لاحق العام الجاري.

والتقى السبسي وزير الدفاع ، في آخر ظهور علني له يوم الاثنين الماضي، عبر فيديو بثته الرئاسة ،دون أن يدلي بتصريحات وكانت علامات الارهاق بادية عليه.

وبحسب الدستور التونسي يتولى رئيس البرلمان منصب الرئاسة مؤقتا لفترة أدناها  45 يوما وأقصاها 90 يوما.

وتشهد تونس هذا العام انتخابات تشريعية في تشرين أول/أكتوبر المقبل  والرئاسية في 17 تشرين ثان/نوفمبر المقبل .

 

المزيد من المقالات التحليلية من موقع قنطرة

الاستثناء التونسي بين بلدان الربيع العربي

كيف نجت تونس بربيعها؟!

في تونس...الحريات السياسية لا تكفي

 

شاهد على تاريخ تونس المعاصر

وكان السبسي، المولود بضاحية سيدي بوسعيد الراقية بالعاصمة في عام 1926 وخريج كلية الحقوق في باريس عام 1950، شاهدا على بدايات تأسيس الدولة التونسية الحديثة إبان الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي في عام 1956، وقد تقلد عدة مناصب في حكومات متعاقبة منذ ذلك الحين.

لكن تاريخ السبسي كمحام وسياسي بدأ فعليا قبل ذلك، حينما كان عضوا بالحزب الحر الدستوري الجديد الذي ناضل ضد الاستعمار، كما كان مستشارا للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، باني دولة الاستقلال وأول رئيس لتونس.

وقد ظل السبسي ينظر له حتى بعد وفاة بورقيبة عام 2000 كابنه الروحي وهو طالما كرر ذلك في خطاباته، على الرغم من مغادرته الحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم في عام 1974 لتأييده الدعوات الى إجراء اصلاحات سياسية قبل أن يعود الى الحكومة في عام 1980.

 

 

وشغل السبسي طيلة فترة حكم بورقيبة حقائب وزارية مهمة، بينها أساسا الدفاع والداخلية والخارجية.  وبعد صعود الرئيس السابق زين العابدين بن علي إلى سدة الحكم في انقلاب أبيض عام 1987،انتخب في البرلمان وتولى رئاسته بين عامي 1990 و.1991

وبعد فترة توارى فيها عن العمل السياسي، عاد السبسي إلى الواجهة بتوليه رئاسة الحكومة المؤقتة إثر الاطاحة بحكم بن علي في ثورة شعبية عام 2011، ليقود البلاد إلى أول انتخابات ديمقراطية ونزيهة في نفس العام والتي أفرزت فوز الإسلاميين بالحكم.

وأسس السبسي حزب حركة نداء تونس بعد ذلك بعام وكان الهدف التصدي لهيمنة الاسلاميين على المشهد السياسي والحكم، وقد نجح في ازاحتهم من السلطة بعد فوز حزبه بالانتخابات التشريعية التي جرت في عام 2014 وصعوده الى الرئاسة بفوزه في الدور الثاني على حساب الرئيس السابق المنصف المرزوقي.

ويحسب للسبسي أنه ساهم في تجنيب تونس الانزلاق إلى الفوضى بتفادي الصدام مع الاسلاميين، في ذروة الأزمة السياسية التي شهدتها البلاد في عام 2013 عقب اغتيال السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، بأن انتهج سياسة التوافق مع زعيم حركة النهضة الاسلامية راشد الغنوشي.

لكن الرئيس الراحل لقي انتقادات من داخل حزبه لتحالفه مع حركة النهضة في الحكم عقب انتخابات 2014 وكان ذلك أحد أسباب الخلافات التي عصفت بنداء تونس حيث شهد انشقاقات أدت الى إضعافه وخسارته الأغلبية وانقسامه. (د.ب.ا + أ.ف.ب)