حوار دويتشه فيله مع المفكر الإسلامي هويدي عن اغتيال خاشقجي
المفكر المصري فهمي هويدي: لمقتل خاشقجي عواقب على الحليفين بن سلمان وبن زايد

لا يرى المفكر الإسلامي والكاتب الصحفي المصري فهمي هويدي في حواره التالي إلا استمرار نضال العالم العربي من أجل قيم الحرية والديمقراطية، رغم أنه نضال مكلف للغاية، ويرى أن الكاتب الإعلامي والصحفي السعودي جمال خاشقجي كان أحد دافعي هذا الثمن في أقصى حدوده، متحدثاً عن تبعات اغتيال خاشقجي إقليمياً ودولياً: على أمريكا وأوروبا، وعلى التحالف السعودي الإماراتي إجمالاً وفي اليمن خصوصاً، وعلى نظرة العالم للدولة السعودية، وعن موقع مصر من ذلك كله.

فهمي هويدي مفكر وكاتب مصري، من الأصوات المنتقدة لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي. منذ سنة 2014 مُنع هويدي من السفر إلى الخارج وتوقف عن كتابة مقالاته التي كان يتابعها ملايين القراء من مصر وخارجها.

في الحوار التالي يرى الكاتب والمفكر الإسلامي أن قضية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي ستكون لها تداعيات دراماتيكية على الأوضاع في العالم العربي، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية. لكن هويدي يرى بارقة أمل في المشهد العربي القاتم.

***************

مع مقتل الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي عاد النقاش مجدداً حول ما يقال إنه موجة متنامية من تراجع الاهتمام بحقوق الإنسان وخفوت الأصوات المدافعة عن الديمقراطية. فهل هذا صحيح؟ وما هو تفسيرك لذلك؟

فهمي هويدي: نعم هذا صحيح بالفعل. لكن هذا المشهد ينبغي أن يُقرأ على ثلاثة مستويات: محلي وإقليمي ودولي. بالنسبة للدولي توجد عدة أمور أبرزها أولا هزيمة فكرة الديمقراطية في العالم الغربي، وهناك كتابات متعددة في هذا الموضوع تشير إلى تراجع قيم الديمقراطية في تلك البلاد، وترافق مع ذلك علوّ صوت المال الخليجي.

وأصبح من السهل للغاية شراء أعضاء في مجالس تشريعية وبرلمانات وباحثين في مراكز أبحاث بجانب اختراق وسائل الإعلام، ولولا أن المجتمعات الغربية فيها بقية من مؤسسات ديمقراطية قوية، لكان حالها أصبح كحالنا في العالم العربي، فهي التي حالت دون الوصول إلى السقوط التام.

نعم لقد انخفض مؤشر الديمقراطية عالمياً ولم تعد قيم ومبادئ كانت عتيدة فيما سبق في العالم الغربي تمثل الثقل والوزن نفسه، بعكس ما كانت عليه من قبل سواء بسبب الاختراق أو بسبب الخوف مما يُسمى بالإسلام السياسي خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وتزايد أعداد المهاجرين إلى الغرب وانتشار جماعات إرهابية مثل داعش في العواصم الغربية، كل هذه الأمور أثارت مخاوف أدت لتقوية شوكة اليمين المتطرف.

لماذا يتم غالبا ربط تراجع فكرة الديمقراطية في العالم وصعود اليمين الشعبوي مع وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض؟

فهمي هويدي: الحقيقة أن المشهد ليس وليد صعود ترامب إلى قمة السلطة في الولايات المتحدة، وإنما كان هناك ما يمهد للوصول إليه قبل ذلك. ترامب عجل فقط بالوصول إلى المشهد الحالي، بل إنه أصبح أحد قيمه ووصلنا إلى النتيجة التي نراها في دول غربية عتيدة في الديمقراطية.

المفكر الإسلامي والكاتب الصحفي المصري فهمي هويدي.
في قضية اغتيال خاشقجي، هل من "أثر دومينو"؟ إذ وهل يرتبط مصير ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بمصائر حلفائه في المنطقة؟ ما مدى واقعية ذلك؟ يرى المفكر المصري فهمي هويدي أن هذا السيناريو وراد جداً في التحليل السياسي، ويقول: "حتى إذا لم يتغير الموقف تماماً فإنه على الأقل سيسبب شرخاً في الجدار، لأنه إذا سقط محمد بن سلمان فبلا شك سيُحدِث ذلك أزمة لدى الباقين. أنا مثلاً أثق تماماً أن محمد بن زايد لا ينام مطلقاً هذه الأيام وينتظر ليعرف مصير رفيقه".

فألمانيا اليوم ليست كألمانيا قبل عدة سنوات، ولا ميركل الحالية هي ميركل الأعوام الماضية، فأصبحنا نرى تصاعدا غير عادي لليمين الشعبوي هناك مع انتشار مشاعر الخوف والقلق من المهاجرين والأجانب، وما جرى في ألمانيا انتقلت عدواه إلى دول أخرى كالسويد وإيطاليا وإسبانيا وحتى في إنكلترا. في الواقع أرى أن هناك قيما عالمية اهتزت بالفعل.

كيف أثر ذلك على الأوضاع في العالم العربي؟

فهمي هويدي: تسبب هذا المشهد في خلق بيئة دولية أصبحت مواتية تماماً بل وداعمة للثورات المضادة في العالم العربي والتي انتهزت هذا الدعم وهذه البيئة الدولية المناسبة لنشاطها لتقمع الثورات العربية.

كما أن خفوت فكرة الديمقراطية في العالم وصعود اليمين الشعبوي بجانب غياب المجتمع المدني في العالم العربي وخصوصاً في مصر دمر الأوضاع تماماً في المنطقة العربية. وأنا أرى أن مصر هي المشكلة الحقيقية لأنها عمود الخيمة الذي حين انكسر سقط سقف الخيمة ووصلنا إلى هذه اللحظة الحرجة.

اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة