كيف ترى أهم التحديات، التي تواجهها الدول الناشئة، سواء التي أقيمت فعليا كجنوب السودان أو المُزمع إقامتها مثل كردستان؟
فالأكراد تلقّوا دعماً من إيران في السّتينات والسبعينات لأغراضها الخاصة، لكنها باعتْهُم وخانتهم عندما كان لها مصلحة في الاتفاق مع العراق. وهو نفس الإشكال، الذي حدَث في جنوب السودان، حيث كانت قدرتهم على مواجهة الخرطوم تستند إلى موقف الدول المجاورة ومدى تدخّل القوى الخارجية.
لكن التحديات الأخطر في الحقيقة، والتي نشهدها في جنوب السودان، كما في شمال العراق، هي أنه لاحقاً وبعد تحقيقهم لإنجاز الانفصال أو الحكم الذاتي، تبيّن أن نظام الحكم لم يختلف كثيراً عن نظام الحكم السابق الذي حاربوه، حيث جاء مشابِهاً له من خلال دولة غير ديمقراطية أعادت إنتاج نمط ريعي فاسد استشْرى مع استخدام العنف ضد الخصوم، والنتيجة أن جنوب السودان الآن يعيش حالة انهيار وحرب داخلية دامية وانقسامات متتالية كما يحدث لحدود اليوم في كردستان بين الأحزاب المتنافسة على السلطة. ولكن للأسف، كان من الممكن أن تكون تجربة رائدة، لكنها جاءت مُخيّبة للآمال حتى لا نقول فاشلة.

هل تعتقد بوجود نوع من التنسيق الأمني بين الحكومات العربية لوأد الأفكار الانفصالية؟ أم أن بعض الدول قد تدعم بعض نزعات الانفصال في دول عربية أخرى بشكل خفي؟
يزيد صايغ: طبعاً، هناك درجات في التنسيق وتبادل للمعلومات؛ لكن حسب خريطة التحالفات السياسية في المنطقة. فمثلاً، الداخلية السعودية لا تتعامل مع الداخلية القطرية بسبب الأزمة الخليجية، وبالتالي لا يجوز التعميم للحديث عن حالة تنسيق عربي من الناحية الأمنية. ولوْ حتى أرادوا التنسيق فيما بينهم، فماذا يمكنهم أن يُنسّقوا بشأنه؟ لأن كل دولة عربية تتعامل مع ملفاتها الداخلية في فصل تام عن مساعدة باقي الدول. فالعراق، مثلا، في تعامله مع الملف الكردي، لا حاجة له في التنسيق مع المغرب، الذي يواجه بدوره ملف الناشطين الأمازيغ.
في تقديري، وبدَل أن يقوموا بالتنسيق فيما بينهم لمنع وَ وَأد مثل هذه التحركات، يجب أن يعيدوا النظر في سياساتهم، التي تدفع أصلاً مواطني نفس الدولة إلى الرغبة في الانفصال، يعني أنّ أيَّ دولة عربية تفشل في احتواء واحترام وضمان حقوق ومصالح كل مواطنيها بغضّ النظر عن انتماءاتهم المختلفة، ليسَ لها الحق في منع هذه الشرائح المجتمعية من اختيار بديل آخَر.
أجرى الحوار: عماد حسن/ ي.ي
حقوق النشر: دويتشه فيله 2017