حوار مع المؤرخ الإسرائيلي الألماني موشيه تسيمرمان
ما أشبه صعود حزب البديل بصعود حزب هتلر!

يرى المؤرخ الإسرائيلي-الألماني البارز موشيه تسيمرمان أن على اليهود عدم الصمت على نتيجة الانتخابات البرلمانية الألمانية 2017. لكن لماذا تغض حكومة إسرائيل الطرف عن الصعود القوموي الألماني؟ المؤرخ تسيمرمان يوضح ذلك للصحفية سارة يوديت هوفمان في حوارهما التالي، مبيناً أوجه التشابه بين صعود حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي عام 2017 وحزب هتلر النازي عام 1930. وما أشبه الليلة بالبارحة!

السيد موشيه تسيمرمان، بماذا فكَّرت ليلة الانتخابات عندما ظهرت النتائج الأولية للانتخابات واكتشفت أنَّ حزب البديل من أجل ألمانيا حاز على ثلاثة عشرة في المائة من أصوات الناخبين؟

موشيه تسيمرمان: شعرت بالارتياح. لأنَّني كنت قد توقَّعت خمسة عشرة في المائة. وهذا على أية حال أقل باثنين في المائة.

هل هذا يعني أنَّك لم تشعر مطلقًا بصدمة؟

موشيه تسيمرمان: أنا مؤرِّخ، وأتابع التاريخ المعاصر عن كثب. قبل ظهور نتيجة الانتخابات كنت أشاهد في كلِّ يوم نتائج استطلاعات الرأي. وكنت أعرف في أي اتِّجاه تسير الأمور. لقد كنت قبل ذلك طيلة أسبوعين في برلين، واستطعت رؤية إعلانات حملة حزب البديل من أجل ألمانيا الانتخابية ومشاهدة النقاشات والمناظرات على شاشة التلفزيون. كان من المحزن جدًا بالنسبة لي التيقُّن من أنَّ حاجز الخمسة في المائة سيتم تجاوزه لأوَّل مرة من قِبَل حزب يميني متطرِّف.

لقد قال (وزير الخارجية الألماني) زيغمار غابرييل قبل الانتخابات، "إذا قُدِّر لحزب البديل من أجل ألمانيا أن يصل إلى البرلمان، فعندئذ ستكون هذه أوَّل مرّة منذ أكثر من سبعين عامًا يتحدَّث فيها نازيون تحت قبة البرلمان الألماني". أنت كمؤرِّخ، كيف تُقيِّم هذه المقارنة مع النازيين؟ وهل هي مشروعة؟

موشيه تسيمرمان: دائمًا عندما يتم استخدام كلمة نازي، تحدث بطبيعة الحال مبالغة. النازيون اليوم ليسوا نازيي الأمس. وهذه المبالغة تؤدِّي إلى سحب هذه المقارنات فيما بعد. ولكنني سأقول بحذر إنَّ طاقة نازية قد دخلت البرلمان. وفي هذا المعنى فإنَّ زيغمار غابرييل على حقّ.

هل من الممكن مقارنة عصرنا هذا مع عصر جمهورية فايمار؟

موشيه تسيمرمان: المؤرِّخ يعيش على المقارنة. نحن نقول فقط إنَّ الحال تسير دائمًا ’مع ما يلزم من تبديل‘. وهذا يعني أنَّ الظروف تتغيَّر ولكن الظواهر متشابهة. والطريقة التي ردّ من خلالها الناس في عام 1930 على الأزمات في ألمانيا - على التخويف والأحكام المسبقة، يمكن مقارنتها مع ما حدث الآن في ألمانيا بين عامي 2015 و2017. حيث يقوم المرء بتفعيل الأحكام المسبقة وإثارة المخاوف واستخدام الشعارات والتبسيطات، من أجل تقديم حلّ يميني متطرِّف.

Afd-Anhänger; Foto: dpa/picture-alliance
حزب البديل من أجل ألمانيا كمعقل لتجمُّع اليمينيين المتطرِّفين والمدافعين عن الهوية القومية والمواطنين الغاضبين القومويين: بعد الانتخابات البرلمانية 2017، دخل أربعة وتسعون نائبًا عن حزب "البديل من أجل ألمانيا" إلى البوندستاغ. وبحسب تعبير السياسي زيغمار غابرييل فإنَّ "هذه هي المرة الأولى منذ أكثر من سبعين عامًا التي يصبح فيها النازيون ممثَّلون في البرلمان الألماني".

وكذلك يمكن مقارنة المفاجأة، التي وقعت الآن، مع تلك المفاجأة في شهر أيلول/سبتمبر 1930. وفي الحالتين تعلق الأمر بنقاط مئوية متشابهة. (ملاحظة قسم التحرير: في انتخابات الرايخستاغ في أيلول/سبتمبر 1930 حصل الحزب النازي على 18.3 في المائة من الأصوات، بزيادة قدرها 15.7 في المائة بالمقارنة مع انتخابات عام 1928). وبالنسبة للمجتمع الديمقراطي يكمن دائمًا الخطر في تحقيق التيَّارات المعادية للديمقراطية مكاسب.

والآن يأتي الفرق: في عام 1930 لم يكن هناك ما يكفي من مؤيِّدي الديمقراطية الليبرالية المستنيرة، ولهذا السبب فقد كانت مقاومة التحوُّل إلى اليمين في نهاية المطاف ضعيفة جدًا. نأمل أن تكون المقاومة اليوم أكثر نشاطًا وأكثر اتِّساعًا، مثلما يظهر ذلك الآن أيضًا على المسرح السياسي. وبهذا المعنى تقودنا المقارنة إلى حقيقة أنَّه بإمكاننا أن نكون أكثر تفاؤلًا إلى حدّ ما.

لكن في ألمانيا بالذات كان الناس دائمًا فخورين جدًا بأنَّهم قد تعلموا من التاريخ. أين يكمن الخطأ عندما تجد فجأة عبارات مثل تصريح السياسي اليميني ألكسندر غاولاند بأنَّ "من حقِّ المرء أن يفتخر بإنجازات الجنود الألمان في الحربين العالميتين" إقبالاً شعبيًا واسعًا؟

موشيه تسيمرمان: حتى في الجمهورية الاتِّحادية الألمانية كانت هناك بعد عام 1945 على نحو أو آخر أصواتٌ حاولت التقليل من شأن الماضي المظلم. وهذا ليس جديدًا. والسؤال الذي يطرح نفسه في الواقع هو كيف اتَّبع ثلاثة عشر في المائة من الناخبين هذا الاتِّجاه على المستوى الاتِّحادي. هذه مشكلة تواجه العالم الديمقراطي الغربي بأكمله. يعتقد البعض بأنه: إذا كانت الأصوات الممتلئة  بالقومية والنزعة الأنانية والعرقية مشروعة في حالة ترامب، فعندها يستطيع الأوروبيون أيضًا التعبير عنها. وعندما يجوز ذلك للأوروبيين، فعندئذ يجوز هذا أيضًا في نهاية المطاف للألمان.

اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة