"ذهبتُ لألعاب الكنيسة لأن مسجدنا لم يقدِّم مثلها"

أحدثت الممثلة والكاتبة عايزة فاطمة ضجة في عام 2014 بمسرحيتها المستفزة "ملابس داخلية باكستانية بذيئة" والتي استكشفت ما الذي يعنيه أن تكون مسلما في عالم ما بعد 11 سبتمبر. تحدثت فاطمة إلى روما راجبال فايس لموقع قنطرة حول عملها "فن الحجاب، والكحل الأسود والطريقة الصحيحة للصلاة"، وهي مسرحية تتناول النظرة الغربية التمييزية ضد النساء المسلمات المحجبات.

الكاتبة ، الكاتب: Roma Rajpal Weiss

كيف كان الأمر أن تنشأي في الولايات المتحدة الأمريكية كمسلمة بعد أحداث 11 سبتمبر في نيويورك؟

عايزة فاطمة: كون المرء مسلماً في أمريكا قبل 11 سبتمبر وما بعد 11 سبتمبر هما شيئان مختلفان جداً. فقبل 11 سبتمبر، لم يكن أحد يعرف تماماً ما معنى "المسلم". وبعد 11 سبتمبر، أصبحت صور رجال بلحى طويلة يهددون الولايات المتحدة هي ما يساوي المسلمين. ومن الواضح أن هذا بعيد عن حقيقة ما يبدو عليه المسلم وبالتحديد ما يبدو عليه المسلم الأمريكي. وعلى أية حال أعتقد أنني نشأت فيما يشبه الفقاعة: ففي نهاية المطاف، ونظرا لأنني لا أغطي شعري، فأنا لا أبدو مسلمة. وبالتالي فقد كانت تجربتي مختلفة جداً عن اللواتي واجهن الاضطهاد والبلطجة في المدرسة.

كيف توصلتِ إلى مسرحية "ملابس داخلية باكستانية بذيئة"؟

عايزة فاطمة: لقد طورتُ مسرحية "ملابس داخلية باكستانية بذيئة" خلال درس في كتابة المشاهِد المسرحية المنفردة مع مات هوفرمان. كان كل زملائي يكتبون نصوص سيرة ذاتية ولم أعتقد حياتي كانت مثيرة للاهتمام بشكل كافٍ لعمل مسرحية منفردة كاملة منها. فقررت بدلاً من ذلك إدخال شخصيات ترتكز على أشخاص عرفتهم من الجالية الباكستانية في منطقة نيويورك.

وقد فُتِن الناس بالشخصيات. فبدأت البحث وإجراء المقابلات مع النساء حول تجاربهن. وخلال عملية المقابلة، أدركت كم يوجد من النساء المثيرات للاهتمام هناك ممن يحملن قصص رائعة للمشاركة، وهي قصص لم أرَ انعكاساً لها في المسرح، أو الأفلام، أو التلفاز. لا يوجد مجتمع يشكل وحدة واحدة متراصة في الفكر أو الممارسة، ومع ذلك يبدو دوماً أن نوع القصص المتداولة حول النساء المسلمات الأمريكيات في الإعلام الغربي هي نفسها.

ومن خلال "ملابس داخلية باكستانية بذيئة"، أردت أن أقدّم وجهة نظر مختلفة وأكثر دقة - (رؤية ممتعة، تشوبها عيوب وأكثر إنسانية في تجربة النساء المسلمات الأمريكيات).

وكامرأة باكستانية كيف انتهى بك المطاف في مهنة غير اعتيادية كهذه؟

عايزة فاطمة: من الصعب أن أحدّد بدقة حدثاً واحداً أدّى إلى مسيرتي المهنية كممثلة وكاتبة. كان سرد القصص جزءا كبيرا من الطريقة التي نشأتُ بها، وبالتأكيد فقد شجعني والداي على التعبير عن نفسي من خلال القصص في طفولتي. كما ينبغي أن أقول إنني لو لم أتجه إلى العمل في غوغل لما كنتُ على الأغلب سأمتلك الشجاعة للقيام بقفزة إلى مهنة فنية. فبينما كنت هناك التقيت بالعديد من الزملاء الذين يؤدون أكثر من عمل. فقد كان للجميع وظيفة يومية في غوغل، إضافة إلى مهنة جانبية كانوا شغوفين بها، أو حياة أخرى كانوا يعيشونها، سواء كانت في الطهي الاحترافي، أو التأليف، أو إدارة الشركات التقنية الناشئة الخاصة بهم.

أصبح من السهل أن أكون ممثلة وموظفة في غوغل ضمن هذه البيئة. ولقد كانت أيضاً المكان الذي تعلمت فيه أن أجازف وألا أخشى من تجربة شيء جديد. في الحقيقة، كان أعضاء فريقي السابقين داعمين جداً لعمل بعضهم البعض خارج غوغل. بدأت التمثيل والكتابة كهواية خضتها بينما كنت لا أزال أعمل بدوام كامل في غوغل. وعندما بدأت الأمور بالانطلاق، كان علي أن أختار بين الاستمرار بالعمل بدوام كامل أو التخلي عن الفُرص.

كيف تفاعل الناس مع عملك؟ هل استاؤوا؟

عايزة فاطمة: كانت الاستجابة لعملي إيجابية بشكل كبير. إذ لم يسبق لي أن التقيت بشخص شاهد المسرحية وأخبرني أنها لا تتعلق به أو أنه لا يرى انعكاساً لذاته في قصصها.

في الحقيقة، التقيت بأشخاص من أصول أمريكية لاتينية، وسود، وبيض وآسيويين، وقد أخبروني كلهم أن هذه القصص هي قصصهم. فالشعور بالعالمية يمكن أيضاً أن يكون موجوداً في فن محدّد جداً. ومن ناحية برمجة العمل، ولا سيما "ملابس داخلية باكستانية بذيئة"، فقد كان هناك اعتراضات بالتساوي من مسيحيين، ومسلمين، وهندوس حول استخدام كلمة "Paki" (كلمة ازدرائية لوصف الباكستاني/المترجمة) أو كلمة "ملابس داخلية". فالكلمة الأولى شتيمة عنصرية في أوروبا وافترض أن الاعتراض على الكلمة الثانية جاء لأن الناس لا يشعرون بالارتياح حيال الحياة الجنسية للنساء.

ما أحبه في أداء هذه المسرحية للجمهور في مختلف أنحاء العالم هو الفرصة في إجراء حوار حول الموضوعات المختلفة التي تتطرق إليها المسرحية (الجنسانية، والهوية، والتصنيف العنصري، والبلطجة، والدين مقابل الثقافة). وفي كل مرة يكون ممكناً نخوض حوارات متبادلة وحلقات نقاش معاً بعد أداء المسرحية.

كيف تتفاعل عائلتك مع عملك؟

عايزة فاطمة: إنهم يدعمونني بطريقة مذهلة: ما كنت سأتمكن من مواصلة مسيرة مهنية كهذه لو لم يكونوا مساندين لي. يوجد في هذه المهنة الكثير من الشك بحيث أنك تحتاجين عائلة وأصدقاء مساندين لإبقائك سليمة العقل.

Scene from 'The Art of Hijab, Kohl Black and The Right Way To Pray' (source: LPAC Rough Draft Festival)
نظرة خاطفة على عالم النساء المسلمات في أمريكا: تتحرى مسرحية "فن الحجاب، والكحل الأسود والطريقة الصحيحة للصلاة" معنى أن تكون المرأة الشابة قادرة على التعامل مع أفكار النسوية والحرية الظلم المتعلقة بالإسلام والولايات المتحدة، والتعامل مع وصم النساء المسلمات المحجبات بوصم تمييزي في العالم الغربي، بينما تشكك في معايير الجمال والأدوار الجندرية في الولايات المتحدة.

أخبرينا عن دورك في "فن الحجاب"؟

عايزة فاطمة: في "فن الحجاب" من تأليف سارة سقعان وإخراج جيسيكا براتر، ألعب دور عزيزة التي تستكشف معنى أن تكون نسوية أمريكية مسلمة من خلال قناتها على اليوتيوب. وما أحبه في هذه المسرحية هو العلاقة بين شقيقتين من الواضح أنهما مختلفتان جداً، والاثنتان مسلمات أمريكيات ولكن النسوية تعني شيئاً مختلفاً تماماً لكل منهما. كما تدور أحداث المسرحية في الجنوب أيضاً. وإذ تنشأ الشقيقتان في الحزام الأنجيلي في ميسيسيبي، فقد وجدت المسرحية متعلقة بالتجربة الأمريكية كاملة وبمعنى أن تكون مسلماً في تلك البيئة.

لقد اعتدت على الذهاب إلى فريق شباب الكنيسة الذي تنتمي إليه صديقتي المفضّلة لأنهم كانوا يقومون بأشياء ممتعة مثل لعبة البحث عن الكنز، أو مشاهدة فيلم، ولعب ألعاب أخرى مع بعضهم. بينما مسجدنا لم يكن فيه أي برامج كهذه. الآن أعتقد أن العالم يحتاج إلى الاستماع إلى مجموعة متنوعة من النساء المسلمات حول ما تعنيه هويتهن لهن. تعالج هذه المسرحية ذلك وتعطينا نظرة خاطفة حقيقية إلى عالمهم.

 

حاورتها: روما راجبال فايس

ترجمة:  يسرى مرعي

حقوق النشر: موقع قنطرة 2017

ar.Qantara.de