70 عاماً على إعلان حقوق الانسان - حقوق كونية لا دينية

ترى شيرين عبادي، الناشطة الإيرانية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، في رؤيتها التالية أن "إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام" لا يمكن أن يكون بديلاً عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

الكاتب، الكاتبة : Shirin Ebadi

يدافع في الهيئات والمجالس الدولية مفوَّضُ حقوق الإنسان لدى جمهورية إيران الإسلامية، محمد جواد لاريجاني، بكلِّ فخر واعتزاز عن تنفيذ "العقوبات الإلهية" - التي تشمل عقوبات من بينها الرجم وقطع أيدي اللصوص. 

أثناء كتابتي هذه السطور، يجلس أشخاصٌ في السجون الإيرانية لأنَّهم من أتباع الديانة البهائية، أو لأنَّهم متَّهمون بالخروج عن الإسلام واعتناق المسيحية، أو لأنَّهم نساء خلعن الحجاب. من المعروف أنَّ القوانين الإيرانية المُطبَّقة في هذه الحالات يتم تبريرها بالشريعة والقوانين الإسلامية، ولكنها تنتهك حقوق الإنسان.

{لقد أصبح الإيمان بالله والإلحاد بالله من ذرائع قمع البشر}

أصدر في عام 1990 وزراء خارجية الدول الإسلامية "إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام"، وقد تم تبنيه من قِبَل معظم الدول الإسلامية بما فيها جمهورية إيران الإسلامية.

وفي الواقع لا توجد في هذا الإعلان أية إشكالية طالما نظرنا إليه كطريقة خاصة بالدول الإسلامية لتطبيق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ولكن إذا كانت هذه الدول تعتبر إعلانها كبديل للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإنَّها تسير بذلك في مسار خاطئ.

المسلمون الذين يمنحون أنفسهم الحق في أن يصدروا لأنفسهم إعلانهم الخاص لحقوق الإنسان القائم على أساس دينهم، يجب عليهم أن يسمحوا بذلك أيضًا لأتباع الديانات الأخرى. ونتيجة لذلك سيتم الإعلان عن العديد من إعلانات حقوق الإنسان: واحد يهودي وآخر بوذي وإعلانات أخرى كثيرة. من الواضح أنَّ هذا لن يكون متوافقًا مع حقوق الإنسان الصالحة والقابلة للتطبيق عالميًا.

مفوض حقوق الإنسان لدى جمهورية إيران الإسلامية، محمد جواد لاريجاني - والرئيس الإيراني روحاني.
عدالة ظالمة: "يدافع في الهيئات والمجالس الدولية مفوَّضُ حقوق الإنسان لدى جمهورية إيران الإسلامية، محمد جواد لاريجاني، بكلِّ فخر واعتزاز عن تنفيذ "العقوبات الإلهية" - التي تشمل عقوبات من بينها الرجم وقطع أيدي اللصوص. أثناء كتابتي هذه السطور، يجلس أشخاصٌ في السجون الإيرانية لأنَّهم من أتباع الديانة البهائية، أو لأنَّهم متَّهمون بالخروج عن الإسلام واعتناق المسيحية"، مثلما تكتب شيرين عبادي.

تحفُّظات الدول الملحدة خاطئة أيضًا

الدول الملحدة رسميًا مثل الصين ذات أنظمة الحكم الشيوعية، لا تقبل أيضًا بالصلاحية العالمية لحقوق الإنسان؛ بدعوى أنَّ هذه الحقوق تأسَّست على القيم الرأسمالية وهي لا تتوافق مع القيم الاشتراكية.

هذه الحجة خاطئة أيضًا. إذ إنَّ حرِّية التعبير عن الرأي لا تتعارض مع الاشتراكية، والشيوعية لا تعني الحكم التعسُّفي. فالدكتاتوريون هم مَنْ يفهمون الشيوعية ويطبِّقونها بهذا الشكل. لذلك فقد أصبح الإيمان بالله وكذلك الإيمان بعدم وجود الله ذرائع لقمع البشر.

{لقد حان وقت الحديث عن عولمة العدالة والقضاء}

لقد ركَّزت منظمة الأمم المتَّحدة والمنظمات الدولية الأخرى جلَّ اهتمامها على الحقوق المدنية والحقوق السياسية. ولكن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية لم تحظَ بالاهتمام الكافي - وهذا واحد من أسباب انتشار الفقر في العالم.

ولهذا السبب فإنَّ حقوق الإنسان لا تجد الاهتمام اللازم من جانب الأهالي في جنوب العالم، ولذلك بإمكان الحكومات غير الديمقراطية هناك أن تتجاهل هذه الحقوق.

كذلك فإنَّ عمل الأمم المتَّحدة غير الفعَّال، وخاصة مجلس حقوق الإنسان، قد حال دون تحقيق تقدُّم حقيقي في مجال حقوق الإنسان على مدى السبعين سنة الماضية.

عند صياغة ميثاق الأمم المتَّحدة كان هناك الكثير من التفاؤل بأنَّ معظم الدول تتمتَّع بدعم مواطنيها، وهي كمدافعة عن مصالح ناخبيها ستعمل بالتالي على التحرِّي عن الانتهاكات المحتملة لحقوق الإنسان وإزالتها.

نداء من أجل عولمة العدالة والقضاء

غير أنَّ كثيرًا من الحكومات تمثِّلُ مواطنيها وهي غير منتَخبة ولا تستجيب لمطالب الرأي العام العالمي. كيف يمكن إذًا أن ننتظر من دول تنتهك باستمرار حقوق الإنسان أن تندِّد بانتهاكات حقوق الإنسان في الدول الأخرى؟ ولنُفكِّر فقط في عضوية دول مثل المملكة العربية السعودية وسوريا في مجلس حقوق الإنسان.

{أحد أسباب انتشار الفقر في العالم يكمن في أن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية لم تحظَ بالاهتمام الكافي من المنظمات الدولية}

سوف تواجه حقوق الإنسان مرحلة عصيبة طالما أنَّ بإمكان مَنْ ينتهكونها أن يفلتوا من العقاب. فاختصاص المحكمة الجنائية الدولية يقتصر فقط على الدول الأعضاء فيها.

ولهذا السبب يجب البحث عن طُرُق جديدة لمعاقبة الجناة. وإذا كانت المحاكم المحلية غير قادرة على تحقيق العدالة، فعندئذ يجب على الدول الملتزمة بحقوق الإنسان أن تساعد الضحايا وأن تمنحهم الفرصة لتقديم شكاواهم.

إذًا لقد حان الوقت للحديث عن ضرورة عولمة العدالة والقضاء. الأشخاص الذين ينتهكون حقوق الإنسان يجب محاسبتهم في دول أخرى.

لن تكون العولمة ناجحة إلَّا إذا نجحنا في عولمة العدالة والقضاء.

 

 

 

 

شيرين عبادي

ترجمة: رائد الباش

حقوق النشر: دويتشه فيله /  موقع قنطرة 2018

ar.Qantara.de